المراكز الصيفية تدشن موسم استقطاب الحوثيين للأطفال

توثيق 2000 حالة تجنيد أطفال في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية خلال شهرين من الهدنة المبرمة في أبريل الماضي.
صنعاء

دشن الحوثيون مؤخرا عددا من المراكز الصيفية في محافظات يمنية مختلفة، على الرغم من التحذيرات المحلية والدولية للحوثيين التي تُوّجت باتفاق مع الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان الفائت، والقاضي بـ"وقف تجنيد الأطفال".
ووفق وسائل إعلام تابعة للجماعة المدعومة من إيران، فقد شهدت صنعاء وحدها تدشين وافتتاح أكثر من 593 دورة ومدرسة صيفية في عشر مديريات، وتجاوزت أعداد الطلاب 18 ألفا و500 طالب وطالبة خلال الأسبوع الأول من افتتاحها.
وتستقطب المليشيات الحوثية إلى مراكزها الصيفية الأطفال دون سن العاشرة في جميع المدن والقرى الواقعة تحت سيطرتها. ويقول شهود عيان إن تلك المراكز تكاد تكون أقرب إلى المعسكرات من حيث الانغلاق على نفسها والحراسة المشددة التي تحيط بها.
وترويجا لما يسميه الحوثيون ثقافة جهادية، قال عبد القادر مهدي، نائب رئيس لجنة الدورات الصيفية في صنعاء في تصريح إعلامي، إنه "تم تخصيص 300 مدرسة للدورات المفتوحة، يحضر فيها الطلاب لساعات، بدءا من الصباح لمدة 5 ساعات، وتم تخصيص 15 مدرسة مغلقة تحصل فيها أنشطة داخلية على مدار الساعة خلال 40 يوما".

تقرير أممي يوثق مقتل 1406 أطفال زجّ بهم الحوثيون في ساحات المعارك عام 2020 

ويرى الباحث اليمني في الشؤون الخليجية الإيرانية عدنان هاشم، في تصريح إعلامي في أيار/ مايو الماضي أن اهتمام الحوثيين بالمراكز الصيفية "يسعى لخلق سيطرة ثقافية، وتكريس فكر الجماعة في عقول النشء من أجل ضمان مستقبل هذا الفكر في البلاد على المدى البعيد".
وأضاف أن "المراكز الصيفية تساعد على تكثيف تكريس هذا الفكر الذي يصعب على الجماعة إدراجه بالمناهج المزدحمة خلال العام الدراسي".
وبدأ الحوثيون الإعلان عن هذه الدورات في مناطق محدودة في عام 2017، وكانت تنظمها ما تسمى الدائرة التربوية للحوثيين. وسنة 2018، انتشرت بشكل واسع مع تبنّ كامل لها من قبل المؤسسات الحكومية التابعة للجماعة.
وأقرت اللجنة العليا للأنشطة والدورات الصيفية التابعة للحوثيين في نيسان/ أبريل الفائت حوالي مليار ونصف المليار ريال يمني (حوالي 6 ملايين دولار) كموازنة لتمويل المراكز الصيفية.
وتطرق التقرير السنوي لعام 2021 لفريق الخبراء في شأن اليمن التابع للأمم المتحدة، الذي سُلّم إلى مجلس الأمن في يناير الماضي، لانتهاكات ميليشيات الحوثي، بما في ذلك استغلال أنشطة التعليم لدفع الأطفال إلى تبني أفكار محرضة على الكراهية والعنف، وصولا إلى تجنيدهم في جبهات القتال.
وتضمن التقرير معلومات حول استغلال الحوثيين للمعسكرات الصيفية والدورات الثقافية للحشد والتشجيع على الانضمام للقتال.
ومن المعسكرات الصيفية إلى جبهات القتال، وثق التقرير مقتل 1406 أطفال زجّ بهم الحوثيون في ساحات المعارك عام 2020، و562 طفلا بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار من سنة 2021، مشيرا إلى أن أعمار الأطفال تراوحت بين 10 إلى 17 سنة، ومعظمهم قتلوا في محافظات عمران وذمار وحجة والحديدة وإب، إضافة إلى صعدة وصنعاء.
وذكر التقرير أن تلك "المخيمات الصيفية والدورات الثقافية التي تستهدف الأطفال البالغين تشكل جزءا من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيدولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام للقتال"
وكان القيادي في الجماعة  محمد الحوثي قد رد على تقرير سابق تناول اتهامات مشابهة، بالقول إن "التقرير لا يستند إلى حقائق ميدانية أو لجان مستقلة".
وفي أيار/ مايو الماضي، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريح صحافي إن "المجتمع الدولي لم يتخذ أي خطوة لوقف عمليات تجنيد ميليشيا الحوثي للأطفال، واتخاذهم وقودا لحربها العبثية".

الحوثيون يعتبرون الأولاد من 10 إلى 12 رجالا حقيقيين وليسوا أطفالا

وأشار الإرياني إلى أن "المشاهد التي تتسرب من داخل ما يسمى مراكز صيفية لقيادات في ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، وهي تستدرج الأطفال وتعبئهم بالأفكار المتطرفة وشعارات الموت والعنف والكراهية، يؤكد استعداداتها لدورة تصعيد جديدة، ومضيها في أوسع عمليات لتجنيد الأطفال في تاريخ البشرية."
ونقلت وكالة أسوشييتد برس مؤخرا عن مسؤولين حوثيين قولهم، إن الميليشيات جندت "عدّة مئات من الأطفال، بمن فيهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات خلال الشهرين الماضيين".
وقال أحد المسؤولين، إنه تم نشرهم في الخطوط الأمامية كجزء من تعزيز القوات خلال الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، وأعلنت منذ نيسان/ أبريل الماضي.
وفي ما اعتُبر مراوغة من الحوثيين والتفافا على اتفاق الهدنة، أكد أحد المسؤولين الحوثيين لأسوشييتد برس أنهم  "لا يرون أي خطأ في هذه الممارسة، بحجة أن الأولاد من 10 إلى 12 يعدون رجالا"،  مضيفا أن "هؤلاء ليسوا أطفالا"..إنهم رجال حقيقيون يجب أن يدافعوا عن أمتهم الإسلامية".
وفي منتصف أبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن جماعة الحوثي وقّعت "خطة عمل" مع المنظمة الدولية تنص على وقف تجنيد الأطفال في الحرب التي يشهدها اليمن منذ أكثر من سبع سنوات، وجاءت عقب التحقق من تجنيد الحوثيين نحو 3500 طفل في الحرب الدائرة.
ويتساءل متابعون عن مدى جدية الحوثيين في تنفيذ التزاماتهم حيال خطة العمل المبرمة مع الأمم المتحدة، والتي تلزمهم بتسليم بيانات جميع الأطفال المجندين في صفوفهم والعمل على تسريحهم خلال 6 أشهر من التوقيع على الخطة. ووصف الحوثيون الاتفاق بأنه "خطة لحماية الأطفال".
وأفاد رئيس منظمة ميون لحقوق الإنسان عبده علي الحذيفي، في تصريح لجريدة عكاظ السعودية الأسبوع الماضي، أن المنظمة وثّقت 2000 حالة تجنيد أطفال في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية خلال شهرين من الهدنة، وهو الرقم الذي "يؤكد ارتفاع وتيرة التجنيد". 
وفي مقال سابق، أكد مدير مكتب حقوق الإنسان بالعاصمة اليمنية فهمي الزبيري أنه "لا بد من مواجهة الجهود الحوثية على المستوى التربوي والفكري والإعلامي والعسكري"، موضحا أن المسئولية "تتضاعف على الحكومة، في تخصيص برامج ومشاريع هادفة مدروسة، لمواجهة هذا المد الحوثي الإيراني".
ويقول الباحث عدنان هاشم "عندما قامت الثورة الإيرانية، ودخلت طهران في حربها مع العراق، حوّل النظام في ذلك الوقت المناهج الدراسية والوطنية لخدمة توجهاته وعقائده".
وأضاف "يمضي الحوثيون في الطريق نفسه، ويستخدمون كل شيء لخدمة أجندة الحرب، في إطار أوسع يفرز المجتمع طائفيا لزيادة أنصار الجماعة مستقبلا وتمتين عقيدة القتال لديها".