المشري يحذر من سيناريوهات تعطيل اعتماد التعديل الدستوري الـ13

رئيس المجلس الأعلى للدولة يؤكد أن التعديل الدستوري وليد مشاورات بين مجلسي النواب والدولة، معتبرا أن المستفيد من عدم تمريره عبدالحميد الدبيبة.

طرابلس – حذر رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا من عدة سيناريوهات في حال عدم اعتماد تعديل الإعلان الدستوري الثالث عشر خلال جلسة المجلس المقررة اليوم الأحد في طرابلس، مؤكدا أن تعطل المسار الدستوري القائم حاليا بين مجلسي النواب ولدولة ستكون حكومة الوحدة الوطنية "المستفيد الوحيد منه".

وأقر مجلس النواب في السابع من الشهر الحالي التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري (دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011) ليصبح "قاعدة دستورية" تجري عبرها الانتخابات.

ونشر مجلس النواب الليبي الخميس التعديل الدستوري الثالث عشر الذي ستجرى بموجبه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في الجريدة الرسمية، ما يعني دخوله حيز التنفيذ، دون انتظار المجلس الأعلى للدولة ليحسم قراره، حيث أجّل الأخير جلسة كانت مقررة بهذا الصدد وأرجأها إلى الأحد بسبب تظاهرات معارضين منعت انعقادها الخميس.

وفشل مجلس الدولة طوال ثلاث جلسات عقدها، الأسبوع الماضي، في عقد جلسة للتصويت على التعديل الدستوري، وسط خلافات كبيرة بين أعضائه حول رفض التعديل أو قبوله، واضطرار المجلس إلى رفع جلسته لأكثر من مرة.

ويعوّل مجلس النواب على تمرير مجلس الدولة للتعديل الدستوري ليكون أساسا دستورياً لإجراء الانتخابات المؤجلة منذ عام 2021، إلا أن تعثر تمرير التعديل من قبل مجلس الدولة أعاد الوضع إلى مربع الخلافات الأولى.

وبعد أقل من ساعة من دعوة رئاسة مجلس الدولة لأعضائه إلى حضور جلسة اليوم الأحد المقررة للتصويت على التعديل، خرج المشري ليل السبت في كلمة متلفزة نشرها مكتب مجلس الدولة الإعلامي على فيسبوك، أكد فيها أن مجلس الدولة "هو من طالب بالذهاب إلى تعديل دستوري محدود يعالج ما يتعلق بملف الانتخابات فقط".

وفي كلمته، أكد المشري أن التعديل في الإعلان الدستوري طال المواد الخاصة بتسهيل العملية الانتخابية دون أن "يمسّ الأساس الدستوري كاملا، ويعتبر تحصينا للانتخابات القادمة من أي طعن دستوري".

وقال المشري إن التعديل الدستوري من قبل مجلس النواب "لم يأتِ بين ليلة وضحاها، بل هو وليد مشاورات مطولة بين المجلسين"، مضيفا أن التعديل "لا يلغي غيره من التعديلات الدستورية، كما يروج البعض"، وأنه "لا يتعلق إلا بمواد الباب الثالث من مشروع الدستور الخاصة بنظام الحكم"، وأن أغلب مواده "مقيدة"، معتبرا أن ذلك "يضمن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن".

وأرجع المشري اللغط المثار حول التعديل إلى "عدم التواصل بشكل كاف مع الإعلام"، نافيا أن يكون "التعديل الدستوري يمسّ مبادئ ثورة فبراير كما يروج له البعض، ونظام الحكم فيه خليط وليس نظاما رئاسيا، و95 بالمئة من مواده موافق عليها من مجلس الدولة".

وأوضح المشري شكل السلطة التشريعية القادمة، وتكونها من جسمين: مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، مشيراً إلى أن مجلس النواب سيزيد من عدد مجلس النواب الحالي (200 نائب) بـ50 مقعداً، أما مجلس الشيوخ، فسيشكل من 90 عضواً، بالتساوي بين الأقاليم الثلاثة: طرابلس، وبرقة، وفزان.

وفي ما يخص انتخاب الرئيس، أكد رئيس مجلس الدولة أن انتخابه مباشرة من الشعب "لم يكن من اختراع مجلسي النواب والدولة"، مذكراً بأن أول من أقره كانت "لجنة فبراير التي شكلها المؤتمر الوطني سنة 2014، كما أنه تكرر في مخرجات ملتقى الحوار السياسي"، مشيرا إلى أن مشروع الدستور المعد من هيئة صياغة الدستور "تحدث عن انتخابات رئاسية".

واستدرك المشري قائلا "الانتخابات الرئاسية كانت مطروحة في 2021 وفتح باب الترشح لها ولم يعترض على ذلك أحد، وبعض ممن يرفضون إجراء الانتخابات الرئاسية ترشحوا للانتخابات"، مستدلا بأن الزخم الذي صاحب الانتخابات الرئاسية "يدل على القبول الشعبي بها".

وأوضح أن اعتراض مجلس الدولة على إجراء الانتخابات سنة 2021 "كان لأسباب دستورية وقانونية".

وردا على احتجاج البعض على حجم الصلاحيات الممنوحة لرئيس الدولة ضمن التعديل الدستوري، أفاد المشري أن كل اختصاصات الرئيس اختصاصات "غير مطلقة وإنما مقيدة بمواد أخرى".

وحذر المشري من تداعيات فشل المسار الدستوري قائلا المستفيد من تعطل المسار الدستوري هي حكومة الدبيبة التي تريد أن يكون لها دورا في اللجنة الأممية المقترحة، بهدف إنتاج قوانين ترضيها كما فعلت بالمال وغيره مع لجنة الـ75 في إشارة إلى ملتقى الحوار السياسي الذي أفرز حكومة الوحدة الوطنية الموقتة.

كذلك حذّر المشري من أن عدم اعتماد التعديل قد يخرج الأمر عن سيطرة مجلسي النواب والدولة، ملمّحاً إلى أن ذلك قد يفسح المجال لترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وهو أمر يرفضه مجلس الدولة، ويطالب به مجلس النواب.

وفي ما قد يكون استباقاً لإحاطة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن المرتقبة، غدا الاثنين، التي من المتوقع أن يطالب فيها باتيلي باعتماد آليات بديلة من المجلسين تفضي إلى إجراء الانتخابات خلال هذا العام، كشف المشري عما يعتقد أنها خطة باتيلي القادمة في حال عدم وصول المجلسين إلى توافق، وهي تشكيل لجنة من قبل باتيلي لإصدار قوانين انتخابات، يتولى باتيلي اعتمادها بعد ذلك.

وحذر المشري من هذا السيناريو، متوقعا أن يكون مدخلاً لترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية.

وكانت البعثة الأممية لدى ليبيا قد اتفقت مع الولايات المتحدة والصين على ضرورة دعم المجتمع الدولي لإجراء الانتخابات الليبية خلال العام الجاري 2023.

جاء ذلك بحسب ما أعلن باتيلي عبر تويتر، السبت، عقب لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة داي بينغ، كلاً على حدة.

وقال باتيلي "أجريت نقاشاً مثمراً مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن واتفقنا على ضرورة دعم المجتمع الدولي لحل تيسره الأمم المتحدة ويملك زمامه الليبيون من أجل إجراء الانتخابات عام 2023 باعتبارها الوسيلة المثلى لتلبية تطلعات الليبيين إلى مؤسسات شرعية".

وأضاف في تغريدة أخرى عبر توتير "التقيت نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة السفير داي بينغ، وتناغماً مع مبدأ إيجاد حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية، اتفقنا على دعم حل وطني للأزمة في ليبيا من خلال انتخابات عام 2023".

من جانبها، قالت الخارجية الأميركية، عبر تويتر إن "الوزير بلينكن أجرى مناقشة مثمرة مع باتيلي في مقر الأمم المتحدة".

وبحسب الخارجية الأميركية، فقد "أشاد بلينكن بعمل بعثة الأمم المتحدة لتعزيز توافق الآراء بين الليبيين لتمكين الانتخابات في عام 2023".

وقبل سفره إلى نيويورك، أشار باتيلي إلى وجود "تقارب متزايد في الآراء بشأن وجوب إجراء الانتخابات في ليبيا عام 2023".

وهذا يعني أنه أكثر تفاؤلا، أو أقل تشاؤما، مما قدمه في إحاطته السابقة، لكن في حال عدم إقرار مجلس الدولة التعديل الدستوري 13 اليوم الأحد قد يطالب باتيلي أو يطرح آلية بديلة لمجلسي النواب والدولة.

وفي الولايات المتحدة، عُقد اجتماع دولي، الخميس، ناقش "مطالبة الشعب الليبي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية"، وذلك بحضور باتيلي ومسؤولين رفيعي المستوى من مصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة.

وتعيش ليبيا أزمة سياسية تتمثل بصراع بين حكومة عينها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة الدبيبة المعترف بها أممياً، الذي يرفض التسليم إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

ولحل تلك الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى تلك الانتخابات، إلا أن أعمال تلك اللجنة انتهت دون تحقيق ذلك، في ظل مطالبات باستئناف أعمالها.