المعارضة تتواصل مع الخارج وتهاجم سعيد لقبوله مساعدات أميركية
تونس - كشفت المساعدات التي اعلنت الولايات المتحدة تقديمها لتونس حجم التناقض في مواقف المعارضة التونسية واستغلالها لاي حدث لشن حملة على الرئيس قيس سعيد بهدف احراجه خاصة وانه طالب مرارا بالتعويل على الذات حفاظا على السيادة الوطنية.
والمعارضة التونسية التي كانت إلى وقت قريب تستدعي تدخلا خارجيا في شؤون تونس بعد اجراءات 25 يوليو/تموز 2021، للضغط على الرئيس التونسي، باتت تتقلب بين موقف ونقيضه فبعد تلك الجهود التي قادها القيادي السابق في حركة النهضة رضوان المصمودي في وواشنطن لوقف الدعم والمساعدات المالية وبعد مطالبة قيادات في جبهة الخلاص الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي بمقاطعة الحكومة التونسية، تهاجم اليوم الرئيس فقط بسبب مساعدات القمح الأميركية التي تدخل ضمن نطاق المساعدات التي تقدمها أميركا لأكثر من دولة دعما لها في مواجهة أزمات مالية بسبب تداعيات الحرب الاوكرانية.
والأسبوع الماضي أعلن السفير الأميركي جوي هود في فيديو نشره عبر الصفحة الرسمية للسفارة الاميركية في تونس "ان باخرة محملة بأكثر من 25 ألف طن من القمح الأميركي الصلب وصلت لمساعدة الشعب التونسي في مواجهة نقص الإمدادات الناتج عن الغزو الروسي على أوكرانيا".
وقال ان "الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي قاما بالشراكة مع ديوان الحبوب بتوفير هذا المكون الأساسي لخبز الطابونة والكسكسي والمقرونة وغيرها من الأطعمة التي تعتمد على الحبوب".
وأضاف "تهدف مساهمة اليوم إلى ضمان توفر القمح الأميركي للأسر التونسية استعدادًا لعيد الفطر، خاصة الأسر التي هي في أمس الحاجة إليه".
وقد ثمنت الخارجية التونسية في بيان هذه المبادرة قائلة إنها "تعكس العلاقات الودّية القائمة بين الشعبين الصديقين وتترجم التضامن والتنسيق المثمرين بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة التحديات والأزمات الدولية، على غرار أزمة الغذاء".
وعقب ذلك شنت بعض قوى المعارضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام انتقادات واسعة ضد الرئيس التونسي متهمة إياه بترويج مفاهيم السيادة الوطنية في حين انه يقبل بمساعدات من الخارج متسائلة عن المقابل من وراء ذلك.
لكن بعض الأطراف المؤيدة للرئيس أكدت بان تلك المساعدات تنفي وجود قطيعة في العلاقات بين واشنطن وتونس رغم بعض الخلافات وهو ما سعت بعض الشخصيات التونسية المعارضة ترويجه والتأكيد على ان البلاد في حالة عزلة خاصة مع الغرب.
وكان المصمودي وغيره من السياسيين المعارضين طالبوا عقب اتخاذ الاجراءات الاستثنائية بوقف الدعم الاميركي عن تونس فيما دعا الرئيس الاسبق المنصف المرزوقي كذلك فرنسا للتوقف عن تقديم مساعدات ودعم اقتصادي للسلطات التونسية بذريعة الدفاع عن الانتقال الديمقراطي وهو ما اثار غضب الراي العام في تونس.
وفي المقابل شكك بعض الخبراء الاقتصاديين بمعطيات حول وصول الشحنة حيث قال الإعلامي المتخصص في المجال الاقتصادي نشأت عزوز لقناة التاسعة الخاصة مساء الاثنين ان تواصل مع ديوان الحبوب لينفوا وصول الشحنة عكس ما صرح به السفير.
ودخلت تونس في توتر مع الجانب الأميركي بعد اتخاذ الرئيس للاجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 وما تبعها من مسار جديد سعى للإصلاح وتجاوز عشرية وصفت بالسوداء.
وعملت قوى سياسية منها حركة النهضة للتواصل مع جهات ولوبيات في واشنطن للضغط على قيس سعيد من خلال ملف المساعدات.
وسعت بعض الشخصيات السياسية في الولايات المتحدة لممارسة ضغط على ادارة الرئيس جو بايدن لمنع تقديم مساعدات اقتصادية ومالية لتونس بذريعة الدفاع عن الديمقراطية بينما يواجه التونسيون أسوا أزمة اقتصادية منذ عقود على امل الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار.
ومثل تدهور الوضع الاقتصادي فرصة للمعارضة لانتقاد سياسات قيس سعيد واتهامه بجر البلاد الى أزمة شاملة وضرب مصالح تونس وعلاقاتها مع قوى غربية فيما يطالب بعض أنصار الرئيس باللجوء إلى الضفة الشرقية بتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا والمطالبة بالانضمام الى مجموعة البريكس.
ويطالب قيس سعيد بضرورة التعويل على الذات لمنع التدخلات الخارجية في شؤون تونس لكن ذلك يبقى مرهونا بوجود مخطط اقتصادي كامل لتجاوز الأزمة.