المغرب يراهن على السياحة الداخلية لتطوير القطاع

الحكومة المغربية تولي اهتماما كبيرا لدعم السياحة الداخلية وتطويرها، وتسعى لرفع نسبة مساهمتها في تحفيز حركة السفر ودعم قطاع الضيافة.

الرباط - مع كل صيف يتجدد النقاش داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية حول عروض السياحة الداخلية، ومدى ملاءمتها لانتظارات المواطنين، وسط تباين الأسعار بين مناسب لميزانية الأسر أو أكبر من ذلك.

وفي العام 2023 سجلت السياحة الداخلية نحو 8.6 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة، بنسبة 33 في المئة من مجموع ليالي المبيت، وفق وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور التي قالت إن "السائح المغربي يحتل المرتبة الأولى متفوقا على نظيره الأجنبي".

ويرى أهل القطاع أن السياحة الداخلية شهدت تطورا ملحوظا السنوات الماضية، في ظل تنوعها وتجربة المهنيين.

في المقابل يعتقد خبراء أن تحديات عدة تواجه السياحة الداخلية على مستوى النقل والعرض وتحفيزات الأسر، مما يتطلب العمل على تطوير القطاع.

ويقول حميد بنطاهر رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة (غير حكومية) إن السياحة الداخلية شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية، مضيفا لوكالة الأناضول أنها "متنوعة، منها الجبلية والشاطئية والإيكولوجية".

ويشير إلى أن الفنادق تمتلئ خلال فصل الصيف، خاصة بالمناطق الشاطئية شمال البلاد ومدن الساحل مثل أغادير وسط البلاد، بسبب ارتفاع الطلب، إلا أن العرض بالمناطق الجبلية متوفر، بأسعار مناسبة.

ويتوقع ارتفاع وتيرة السياحة الداخلية مستقبلا، في ظل تجربة العاملين بالقطاع، والانخراط بتقوية قطاع النقل، وتوجه وزارة السياحة على أن تتوفر كل منطقة على خدمات معينة.

ويدعو بنطاهر إلى تطوير السياحة الداخلية طوال السنة، وعدم الاقتصار على فصل الصيف، وهو ما يتطلب إعادة النظر في فترات العطل لتكون مناسبة للأسر والمهنيين.

وكانت عمور قد أكدت مرارا أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا لدعم السياحة الداخلية وتطويرها، وتسعى لرفع نسبة مساهمتها في تحفيز حركة السفر ودعم قطاع الضيافة.

وأشارت خلال جلسة برلمانية في مارس/آذار الماضي إلى أن ذلك سيتحقق مع العمل المستمر على توفير عروض ومنتوجات سياحية ملائمة لعادات المغاربة وإمكانياتهم المادية ونمط استهلاكهم في السفر.

وحظيت السياحة الداخلية في إطار خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع للفترة الممتد بين عامي 2023 و2026، والبالغ حجمها 6.1 مليار درهم (590 مليون دولار) بأهمية خاصة.

وتستند الخارطة على مخطط لتحفيز النقل الجوي، وإستراتيجية الترويج والتوزيع متعددة القنوات وتحفيز الاستثمار في التنشيط والخدمات وتقوية الرأسمال البشري وتعزيز مرصد السياحة.

ويقول رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة بالمغرب (غير حكومي) رشيد ساري إن السياحة الداخلية ارتفعت بمقدار 20 في المئة خلال الثلث الأول من العام الحالي، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وأشار الخبير الاقتصادي في تصريح لوكالة الأناضول إلى أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع، في ظل وجود عدد من الإشكالات على مستوى النقل وغياب التحفيزات والتركيز على السياحة الخارجية.

ولفت إلى غياب عرض مناسب على مستوى الطيران الداخلي، والاقتصار على خدمات شركة أجنبية دخلت للقطاع مؤخرا.

وبحسب ساري، فإن وكالات السفر في بلاده تركز على السياحة الخارجية، ولا تهتم بالشكل المطلوب بالسياحة الداخلية.

ودعا إلى الاهتمام أكثر بالسياحة الداخلية، من خلال تقديم عروض محفزة للأسر، خاصة أن السياحة الداخلية هي التي أنقذت القطاع في فترة كورونا عندما تم إغلاق الحدود الخارجية.

وتسعى الحكومة إلى جذب المزيد من المستثمرين الأجانب، لتوفير فرص عمل في مجالات أساسية منها السياحة والصناعات التقليدية وقطاعات أخرى خدمية، وذلك بهدف تقليص معدلات البطالة إلى ما دون العشرة في المئة.

ويقول المغرب إن مخططه لإنعاش صناعة السياحة، يتوقع استقبال حوالي 26 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030.

وتعتبر السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي للبلاد خلال 2023، بعد تحويلات المغتربين بالخارج البالغة قرابة 11.5 مليار دولار، وفق بيانات مكتب الصرف.

وتواصل هذه الصناعة، التي تسهم بسبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تحقيق تطور متواصل بعد عثرات الأزمة الصحية، خاصة بعدما حطمت عائدات القطاع لأول مرة 10 مليارات دولار عام 2023، إثر استقبال 14.5 مليون سائح.