المغرب يفتح صفحة جديدة في العلاقات التجارية مع مصر

الرباط والقاهرة تتوصلان لاتفاق بمعالجة الخلل في الميزان التجاري بين البلدين، بعدما تعثر تدفق السلع بينهما في الأشهر الأخيرة.

الرباط - اتفق المغرب ومصر على فتح صفحة تجارية جديدة ومعالجة الخلل في الميزان التجاري بين البلدين، بعدما تعثر تدفق السلع بينهما في الأشهر الأخيرة.

ويأتي الاتفاق لتجاوز عدم التوازن في المبادلات عقب محادثات جمعت وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور ووزير الدولة المكلف بالتجارة الخارجية المغربي عمر حجيرة بنظيرهما وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس خلال مؤتمر صحفي الخميس أن "العلاقات المغربية المصرية قوية ومتميزة على كافة الأصعدة والمستويات، قائمة على الأخوة الصادقة والتضامن والتنسيق، وتجمعهما شراكة اقتصادية وتجارية نشيطة وواعدة"، وفق بلومبورغ.

ويرتبط البلدان باتفاقيات تجارية عديدة أهمها اتفاقية "أغادير" للتبادل الحر دخلت حيز التنفيذ منذ 2004، وتشمل أيضاً الأردن وتونس، وهي متعلقة بتأسيس منطقة تبادل حر بين الدول العربية المتوسطية لتنمية المبادلات التجارية وتحريرها وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، كما تسهّل وصول منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية.

وشهدت العلاقات التجارية بين الرباط والقاهرة في الأسابيع الأخيرة توترات ملحوظة، حيث أشارت تقارير صحفية مصرية إلى فرض قيود غير رسمية على دخول البضائع المصرية إلى الأسواق المغربية، وردود فعل متبادلة حول تطبيق اتفاقية أغادير، فيما اشتكت المملكة من قيود من الجانب المصري على استيراد السيارات المغربية.

وتشير بيانات مكتب الصرف المغربي، الجهاز الحكومي المعني بإحصاءات التجارة الخارجية، إلى تسجيل المملكة عجزاً تجارياً كبيراً مع مصر بلغ عام 2023 حوالي 880 مليون دولار، بينما لم تتجاوز صادراتها في تلك السنة 52 مليون دولار، فيما ناهزت الواردات من القاهرة 930 مليون دولار.

ونهج المغرب منذ سنوات سياسة التبادل الحر، حيث يرتبط باتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من 50 بلداً، لكنه يسجل في أغلبها عجزاً، بينما تنجز المملكة أبرز وارداتها في إطار التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي بحصة تناهز 66 بالمئة تليها الولايات المتحدة، ثم تركيا في المرتبة الثالثة، وفق المصدر ذاته.

وسبق أن طلبت المملكة إعادة تقييم العلاقات التجارية مع تركيا وتعديل اتفاقية التبادل الحر التي تربطهما منذ 2006، وذلك عقب تفاقم العجز التجاري مع أنقرة الذي يقدر بأكثر من 2.4 مليار دولار عام 2023. وكانت الشركات المغربية العاملة في قطاع النسيج والملابس قد اشتكت عام 2021 مما أسمته إغراقاً للسوق المحلية بالمنتجات التركية.

وأوضح سفيان حركات خبير اقتصادي متخصص في التجارة الدولية، أن قطاعي النسيج والصناعات الغذائية يعدان أكبر المستفيدين من انفتاح السوق المغربية، وهو ما يثير مخاوف الصناعيين المغاربة، مشيرا إلى القدرة التنافسية العالية للمنتجات المصرية المدعومة بتكاليف إنتاج منخفضة.

 وأضاف في تصريح لموقع هسبريس المحلي أن "هذه المنافسة قد تؤدي إلى ضغوط كبيرة على الإنتاج الوطني، الذي يجد نفسه أمام تحدي الحفاظ على حصصه في السوق المحلية في ظل تدفق المنتجات المستوردة بأسعار جذابة".

ولفت الى أن "التجربة التركية قدمت دروسا واضحة في هذا الصدد، حيث أدى الإقبال الكبير على المنتجات التركية إلى اختلال التوازن في الميزان التجاري لصالح أنقرة، ما دفع المغرب إلى اتخاذ تدابير تصحيحية من خلال فرض رسوم جمركية إضافية على بعض هذه السلع".

ودعا حركات الحكومة المغربية إلى مراجعة سياسات الحماية التجارية عند الضرورة، خصوصا من خلال سن إجراءات غير جمركية، موضحا أن التوازن بين الانفتاح الاقتصادي والحفاظ على النسيج الصناعي الوطني يظل تحديا جوهريا في أي اتفاقية تبادل حر.