المنشآت النفطية ودرنة الساحرة... العودة الى حضن الوطن

بقاء النفط تحت الارض افضل بكثير من استخراجه وذهاب عائداته الى مجلس الوصاية وميليشياته.

نصر مزدوج حققه الجيش الوطني، اسكت من خلاله الاصوات التي كانت تدعي بان لا وجود للإرهابيين في درنة من خلال اسر ومقتل عدد معتبر من التكفيريين الذين اختطفوا المدينة لسنوات. تغيير اسماء التنظيمات والملامح الشخصية لم يغفر لهم، فكانت الضربة التي اصابت المجرمين وداعميهم في الغرب الليبي في مقتلهم، فأصبحوا كالعهن المنفوش تذروه الرياح، فليس لهم من قرار. ولا عزاء للمطالبين بالتدخل الدولي لإنقاذ جماعاتهم من صعاليك وشذاذ ألآفاق، فالمجتمع الدولي يدرك حقيقة الثوار (المجاهدون - خريجو تورا بورا - ضيوف العم سام بمنتجع غوانتانامو لأعوام) في درنة.

قضي الامر.

السيطرة مجددا على المنشآت النفطية، اربكت حكام طرابلس. لا ادري لماذا يصر الرئاسي على ان تكون المنشآت تحت سيطرته رغم ان عوائد النفط كانت تذهب مباشرة الى البنك المركزي بالعاصمة. بمعنى ان المؤسسة العسكرية كانت تحرس النفط ولم تكن مستفيدة منه. مرتباتها على هيئة قروض من البنوك التجارية بالمنطقة الشرقية، في حين نجد ان ميلشيات الرئاسي وغيرها تتقاضى رواتبها المجزية من ايراداته. ربما كانت الميليشيات تتحسب لهذا اليوم فلم تنقطع محاولاتها عن السعي في السيطرة على المنشات النفطية وما نتج عن ذلك من ازهاق ارواح العسكر. فكان لزاما على الجيش بان يضع حدا للتلاعب بأموال الليبيين من قبل الرئاسي، حيث الفساد المالي اصبح العلامة المميزة في مسيرته الحافلة بالمآسي والآلام. فالمواطن لم يعد قادرا على تلبية حاجياته الاساسية، بينما يقضي مسئولينا جل اوقاتهم بالخارج للراحة والاستجمام على نفقة "الدولة" التي ما انفكوا يسعون في خرابها بكل ما اوتوا من قوة، تنفيذا لخطط اقليمية، لإبقاء الوطن ممزق وشعب منهك القوى يسهل التحكم فيه.

قرار نقل تبعية المنشآت النفطية لمؤسسة النفط بشرق البلاد، لا شك انه قرار صائب، لتجفيف موارد الارهابيين في غرب الوطن، لكنه محفوف بالمخاطر. فالمجتمع الدولي الذي كان السبب في خراب الوطن وتدميره، ويرى في الحكومة المؤقتة والأجهزة التابعة لها بداية مشروع اقامة دولة من خلال المؤسسات الامنية والعسكرية الاخذة في التطور ومحاولة بسط سيطرة الحكومة فلا وجود لمليشيات جهوية او مؤدلجة بكامل شرق الوطن الذي اصبح ينعم بشيء من الامن والاستقرار، بينما يعوزه المال اللازم للبناء الذي يسيطر عليه الرئاسي وحكومته غير المعتمدة.

ان الغرب الاستعماري يسعى جاهدا في الابقاء على من اتى بهم الى السلطة، لأنهم ينفذون توجيهاته بحذافيرها، ليستمر الخراب من خلال علمه المؤكد باستنزاف موارد النفط وصرف العائدات على الميليشيات المؤدلجة، لتكون كلفة اعادة اعمار البلد جد باهظة، وشركاته بالطبع هي من ستفوز بتنفيذ تلك المشاريع.

السؤال المشروع: ماذا بإمكان الغرب ان يفعل في حال عدم التزام قيادة الجيش ومن خلفها مجلس النواب وجماهيرنا المغبونة في الشرق التي اخذت تنتعش بقضائها على التكفيريين؟ يدرك الغرب ان استصدار قرار باستخدام القوة سيصطدم بتلاحم شعبي منقطع النظير مع القيادة العامة للجيش الذي ترى فيه الامل الوحيد لبناء الدولة، كما ان الموقف الروسي لن يكون هينا، خاصة بعد التدخل الروسي في سوريا.

ربما يتوقف انتاج النفط وتصديره من خلال حظر شرائه من قبل الشركات الغربية. في رأي الكثيرين بقاء النفط تحت الارض افضل بكثير من استخراجه وذهاب عائداته الى مجلس الوصاية وميليشياته.

ربما يصار الى تفاهم بشان ايرادات النفط فتقسم بين المناطق من اجل تقديم بعض الخدمات التي اصبحت شبه معدومة وبالأخص الصحية والتعليمية والابتعاد عن المركزية ولو قليلا والى اولئك الذين يعتقدون بان العاصمة استحوذت على كل اموال الدولة. اقول لم تشهد العاصمة أيا من مظاهر التقدم والتحضر، اللهم إلا انتشار مقرات الميليشيات بعديد الاحياء والتجمعات السكنية والتي كثيرا ما تسبب الاضطرابات وحالة من اعمال الشغب والتعدي على السكان. المؤكد في هذه الحالة انه سيخصص جزءا من الايرادات من اجل بناء وتطوير القوات المسلحة التي يعترف بها الجميع في مقارعة الارهاب.

هنيئا للجيش بانتصاراته، والشكر والتقدير لكل المؤازرين له، وتحية للرجال الذين صنعوا الامجاد وقهروا التكفيريين، الرحمة للشهداء، نياشين العز والفخر والرجولة على صدور اهلهم وذويهم، والشفاء للجرحى.

الخزي والعار لكل من ساهم في قتل ارواح بريئة وجلب الاعداء لتدمير مقدرات البلد. تبّا لأعضاء مجلس النواب الذين تركوا طبرق وجاءوا الى طرابلس مستعطفين مجلس الوصاية علّهم يفوزون ببعض المناصب خارج الوطن.