الموت يداهم أول انسان بقلب خنزير لكن العلم حي

شماتة الاسلاميين في وفاة أول مريض في العالم خضع لزرع قلب خنزير معدل وراثيا لا تحجب ما اعتبره الاطباء نجاحا وخطوة اولى نحو عصر جديد لزراعة الأعضاء لن توقفه عثرة صغيرة.

واشنطن - توفي أول مريض في العالم خضع لزرع قلب خنزير معدل وراثيا بعد شهرين من العملية، على ما أعلن الأربعاء المستشفى حيث كان يعالَج، في خبر تراوحت ردود الفعل اتجاهه بين الحزن والشماتة.

وقال مستشفى ميريلاند الجامعي في بيان إن ديفيد بينيت البالغ 57 عاما توفي الثلاثاء بعدما بدأت حالته "بالتدهور في الأيام الأخيرة".

وأضاف البيان "عندما اتضح أنه لن يشفى من هذه الحالة، تم مده بالرعاية الطبية المخصصة للمحتضرين".

وقال متحدث باسم المستشفى "لم يُحدد سبب واضح وقت وفاته"، مضيفا أن الأطباء يجرون مراجعة للحالة ستُنشر في دورية علمية.

لكن محمد محي الدين، مدير البرنامج الجامعي لزراعة قلب غير بشري، قال في بيان تلاه عبر الفيديو إن بينيت كان يعاني من "نوبات عدوى... واجهنا صعوبة في الحفاظ على التوازن بين كبت مناعته والسيطرة على العدوى".

أثارت العملية التي أجريت في السابع من كانون الثاني/يناير، آمالا كبيرة بأن تتيح عمليات زرع أعضاء حيوانية لدى البشر سد الحاجة للأعضاء لدى المرضى الذين ينتظرون عملياتهم.

وقد خضع الخنزير الذي سُحب منه القلب لتعديل وراثي تفاديا لحصول رفض فوري للعضو المزروع، وهو ما لم يحصل فعلا.

واستُخدم دواء تجريبي جديد أيضا، إضافة إلى العقاقير المستخدمة عادة لمنع رفض العضو المزروع، بهدف تعطيل عمل جهاز المناعة. فخلال عمليات الزرع، يكمن الخطر الفعلي في أن يعامل جهاز المناعة العضو المزروع على أنه جسم غريب ويبدأ بمهاجمته.

وكان ديفيد بينيت قد اعتُبر غير مؤهّل لعملية زرع قلب بشري. وهو قال عشية العملية "كنت أمام خيارين: إما الموت أو هذا الزرع. أريد أن أعيش".

قلب
'صعوبة في الحفاظ على التوازن بين كبت مناعته والسيطرة على العدوى' تنهي التجربة

انتصر الطب ولو كره المصابون برهاب العلم

وتناقلت صفحات ذات ميولات اسلامية الوفاة على وسائل التواصل بشماتة، معتبرينها اشارة ربانية على حرمة هذا النوع من التدخلات الجراحية.

وأكل لحم الخنزير محرم عند المسلمين واليهود، وليس هذا فحسب، بل إن أغلب المسلمين يعتبرونه حيوانا "نجسا" أي أن لمسه، والتعامل مع دمائه ولعابه وأعضائه يوجب الاغتسال والتطهر.

لهذا، يمثل زرع عضو كامل من جسد خنزير حي في جسم إنسان، موضوعا جدليا لدى البعض.

وافتى الازهر  أن استخدامها مباح في حال الضرورة وبشروط معينة.

وقال مركز الأزهر للفتوى في فتواه عن حكم زراعة كلية خنزير في جسم الإنسان "أن الشرع الحنيف حرّم التداوي بكل ضار، ونجس محرم".

واستند الأزهر في حكمه إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، ومنها ما قال الرسول محمد "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ".

لكن فتوى الازهر وفتاوي اخرى، لم تهدئ من حمى الرفض والعلموفوبيا لدى فئة واسعة من المحافظين والاسلاميين.

وقال ياسين معلقا على خبر وفاة المريض في صفحة على فيسبوك "هذه تجارب محرمة عندنا وفي ديننا اما عندهم كل شيء ممكن".

وعلقت ام رضى "مادام الله خلق الخنزير وحرمه على الإنسان إلا لان فيه ضررا عليه والله أبدع في خلق الإنسان وجعله بشرا وأبدع في خلق الحيوان وجعله حيوانا، سبحان الله في خلقه شؤون".

واضاف سفيان "بعيدا عن الجدل حول نجاح هده التجربة ام لا، و عن الحرام و الحلال و... أريد جوابا على هدا السؤال: أين يستقر الإيمان لدى الإنسان؟" في تلميح الى ان موطن الايمان هو القلب وان لاستبداله تبعات غير محمودة خاصة ان كان العضو المزروع لخنزير.

وعلق محمد "القدرة الالهية لا تقف امامها قدرة اخرى ، سبحان الله لا اله الا هو ، يحي و يميت و هو على كل شيء قدير".

واكد سامي في نفس السياق "قال صلى الله عليه وسلم ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وهي القلب".

لكن العلماء يرون ان تجربتهم كللت بالنجاح رغم وفاة مريضهم.

وأوضح مستشفى ميريلاند الجامعي أن "القلب عمل بصورة جيدة جدا لعدة أسابيع، من دون أي إشارة إلى رفض" الجسم له. وبعد العملية، "تمكن المريض من قضاء وقت مع عائلته والمشاركة في جلسات علاج فيزيائي لمساعدته على استعادة قواه".

وقال مدير البرنامج الجامعي لزراعة قلب غير بشري محمد محي الدين "حصلنا على معلومات قيّمة جدا، وأدركنا أن قلب خنزير معدل وراثيا يمكن أن يعمل بطريقة صحيحة في داخل جسم الإنسان".

وأضاف "ما زلنا متفائلين ونعتزم الاستمرار في عملنا خلال تجارب سريرية مستقبلية".

وقال ديفيد بينيت جونيور نجل المريض في بيان "استمر والدي في الكفاح حتى النهاية للحفاظ على حياته وتمضية وقت أطول مع عائلته"، مضيفا "استطعنا تمضية أسابيع ثمينة معا عندما كان يتعافى بعد عمليته، أسابيع ما كنا لنحصل عليها من دون هذا الجهد الهائل".

وأضاف "نأمل أن تكون هذه القصة بداية الأمل لا نهايته".

وليست عمليات زرع أعضاء حيوانية في جسم البشر جديدة. فقد حاول الأطباء إجراء عمليات زرع عابرة للأجناس منذ القرن السابع عشر على الأقل، وتركزت التجارب الأولى على القردة.

وسنة 1984، زُرع قلب من قرد الرباح (بابون) في جسم طفلة سُميت "بيبي فاي"، لكنّ الصغيرة لم تعش أكثر من عشرين يوما بعد العملية.

كذلك استُخدمت صمامات قلب متأتية من خنازير على نطاق واسع في عمليات زرع لدى البشر، كما أن جلدها يُستخدم في عمليات زرع لأشخاص تعرضوا لحروق كبيرة.

كما تشكل الخنازير مصدرا مهما لوهب الأعضاء بسبب حجمها ونموها السريع وأيضا بسبب وضعها الكثير من الصغار.

وبعد الإعلان عن العملية مطلع العام الحالي، كشفت وسائل إعلام أميركية أن ديفيد بينيت كان قد أدين قبل سنوات طويلة بتهمة تسديد طعنات لرجل سنة 1988 ما تسبب بشلل الضحية.

غير أن الأخلاقيات الطبية تمنع الأطباء من التأثر بماضي المرضى عند معالجتهم.

وقال الطبيب الجراح بارتلي غريفيث الذي أجرى عملية الزرع "نحن مفجوعون بوفاة بينيت"، مضيفا "لقد أثبت أنه مريض شجاع" وبات معروفا لدى "الملايين حول العالم".