الموت يغيّب 'أبوالأناشيد الوطنية' اللبنانية
بيروت - فجع الوسط الفني اللبناني بوفاة الملحن والمطرب إيلي شويري الذي وافته المنية عن عمر 84 عاما، تاركا من خلفه إرثا فنيا كبيرا.
فقد لبنان الأربعاء فنانا أثرى الساحة الفنية على مدى ستة عقود بباقة من الأغاني الوطنية والأعمال المسرحية الغنائية.
ومنذ بداياته الفنية ترجم شويري عشقه لبلده بالأناشيد، حيث اشتهر بأنه "أبو الأناشيد الوطنية" في لبنان والتي صارت على كل لسان إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 ومنها "بكتب اسمك يا بلادي" التي ألفها ولحنها عام 1973 وغناها أول مرة المطرب اللبناني جوزف عازار ومن ثم ترددت على لسان العديد من الفنانين العرب ومنهم الممثل السوري دريد لحام.
ولد إيلي شويري في بيروت في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 1939، حيث يفتخر بكونه ولد في العصر الذهبي للفن مع محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ورياض السنباطي وعبدالحليم حافظ وكارم محمود ومحمد عبدالمطلب وفايزة أحمد وغيرهم من عمالقة الفن الذين رسموا خريطة الأغنية العربية.
شارك مع الأخوين رحباني في أكثر من 25 عملا، حيث أسندا إليه دور "فضلو" في مسرحية "بياع الخواتم" عام 1964 وفي الفيلم السينمائي الذي أخرجه يوسف شاهين في العام التالي.
وشارك في معظم المسرحيات التي قدمها الرحبانية وعرضت على أدراج مهرجانات بعلبك الدولية من "دواليب الهوا" مع صباح إلى مسرحيات فيروز ومنها "أيام فخر الدين" و"هالة والملك" و"الشخص" و"ناطورة المفاتيح" و"صح النوم" وصولا إلى "ميس الريم".
ووصف شويري تلك الحقبة وكأنها حلم من قصص الأساطير خولته خوض أجمل التجارب الفنية فغرف من نبع الفن ورافق زمن النبلاء مع عباقرته.
وفي عام 1975 قدم بالتعاون مع الصحفي الراحل سامي غميقة برنامج "يا الله" وهو انتقادي اجتماعي لاقى نجاحا لافتا، كما وقف إلى جانب صباح على المسرح في عرض "ست الكل" وكتب أشهر أغاني وديع الصافي مثل "زرعنا تلالك يا بلادي" و"بلدي" و"أنت وأنا يا ليل" و"من يوم من يومين" و"يا بحر يا دوار".
تغنت ماجدة الرومي من ألحانه "سقط القناع" و"مين النا غيرك" و"ما زال العمر حرامي"، وتنافست كل من صباح وسميرة توفيق على أداء أغنية "أيام اللولو" التي أثارت في حينها نزاعا وتنافسا على أدائها إلى أن صدرت بأصوات ثلاثة فنانين.
ومن أبرز أغنياته "صف العسكر" و"يا أهل الأرض" بصوته وأغنية "تعلا وتتعمر يا دار" التي غنتها الراحلة صباح.
وكان إيلي شويري أوجد شهرة أكثر من فنان، وبينهم داليدا رحمة فكتب لها مسرحية "قاووش الأفراح"، وغنت له "يا بلح زغلولي" التي صارت على كل لسان.
نسج شويري شبكة صداقات مع قلة من زملاء المهنة، ليشكلوا رفقاء الدرب وبينهم الراحل فيلمون وهبي ونصري شمس الدين، إلا أن الأقرب إليه هو ملحم بركات، فكانا يمضيان أياما كثيرة مع بعضهما، يتذكران فيها محطات من الماضي خصوصا أثناء ممارستهما هواية الصيد.
منحه الرئيس اللبناني السابق ميشال عون وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور عام 2017 تقديرا لعطاءاته الفنية والاجتماعية والوطنية، وقال شويري حينها إن "وسام الأرز اليوم هو عيد لكل الأغاني التي غنيتها".
نعت الوسائل الإعلامية اللبنانية إيلي شويري، كما ودع العديد من النجوم هذه القامة الفنية منهم ماجدة الرومي وكارول سماحة وكارمن لبس ونجوى كرم ويارا وغسان صليبا وغيرهم.
وأعربت ماجدة الرومي عن حزنها بخبر رحيله، قائلة "أحزنني خبر رحيل الكبير الصديق إيلي شويري... بعد عمر من عطاءات خالدة ستبقى ما دمنا ودامت لنا الأغنية اللبنانية الأصيلة وزمنها المجيد".
وأضافت "مَن مِنّا لم يغن أناشيده الوطنية العظيمة وأغانيه الشرقية العريقة الأصيلة القريبة للقلب قُربَه لشرايينه؟ مَن مِنّا لم يستمتع بأدائه الشرقيّ المتقن، ولم يطرب لسماع هذا البلبل اللبناني الفريد الذي قضى العمر متنقّلا بصوته العذب وأعماله الرائعة بين اسمٍ فنّي كبير وآخر وعمل فنّي مجيد وآخر؟!".
وتابعت "ألا فاسترح يا زميلي الحبيب، واهنأ واثقا أن اسمك باق مكتوب بالذهب في كتاب أمجاد الأغنية اللبنانية الخالدة إلى الأبد".
وكتبت كارول سماحة عبر حسابها على تويتر "يرحل الكبار وتبقى أعمالهم راسخة فينا.. إيلي شويري سيبقى اسمك مكتوب على الشمس التي ما بتغيب.. تعازينا لعائلته وكل محبيه".
وقالت نجوى كرم "كنت بصوتك وطن، وبلحنك وطن، وبحضورك وطن. لن ننسى أعمالك الشامخة.. تعازينا للبنان بوفاة الملحن الأستاذ إيلي شويري".
وغردت يارا على تويتر "و من عمالقة بلادي وصاحب تاريخ فني عريق.. إيلي شويري وداعا".