الهلال النفطي الليبي.. وحدة البلاد على المحك

الأزمة الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها الليبي تهدد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.

النفط ومشتقاته المصدر الرئيس لإيرادات ليبيا، والهلال النفطي به اكبر موانئ لتصدير ما يقرب من ثلاثة ارباع الانتاج. وفي ظل الصراع على السلطة فقد قام حرس المنشات النفطية بقفل ابار الانتاج وموانئ التصدير لما يقرب من العامين، اعتبرها البعض خسارة كبرى حيث كانت اسعار النفط جد مرتفعة، بينما اعتبرها اخرون وقفا لهدر ثروة المجتمع التي لم يستفد منها، بل كانت تصب في مصلحة اصحاب الميليشيات المسلحة.

مع بلوغ الصراع بين الاطراف المختلفة شدته ونقص الموارد، اصبحت السيطرة على منابع وموانئ تصدير النفط هدفا أسمى، فكانت هناك عمليات الكر والفر، ادت بالنهاية الى سيطرة الجيش وتسليمها للمؤسسة الوطنية للنفط، لتصب الايرادات في حساب بالبنك المركزي بالعاصمة الذي تدور حوله الشبهات بشان اهدار المال العام، وعدم تقديم حلول ناجعة للازمة المالية المتفاقمة، حيث ان طوابير طلب السيولة النقدية على المصارف لم تنقطع لما يربو على العام.

ربما الطريقة التي سيطر بها الجيش على الموانئ والحقول النفطية من حيث السرعة وعدم وجود خسائر مادية وبشرية، واندحار المسلحين في بنغازي التي كانوا يتحكمون بها، جعلت الفارين منهم والذين يكنون العداء للجيش الوطني يقومون بمحاولة لإثبات وجودهم.

ان ما يجري بالبلد على مدى سبع سنوات، لهو اكبر دليل على مدى تشابك المصالح بين القوى الاقليمية المختلفة، فمنها من يرغب في وقف تصدير النفط الليبي لتزيد من انتاجها (حصتها) ومنها من يرغب في ان تشارف خزينة الدولة على الافلاس لكي تقترض من البنك الدولي، ومنها من يرغب في تحجيم القيادة العامة للقوات المسلحة ومحاولة اجبارها على القبول بالحل السياسي ولن يتأتى ذلك إلا بنزع أهم أوراقه وهي المنشآت النفطية، رغم ان عائدات النفط تذهب الى البنك المركزي بطرابلس القابعة تحت حكومة الوصاية التي ما انفكت تهدر المال العام باعتراف ديوان المحاسبة من خلال تقريره الاخير.

اننا لا نشك البتة في ان الهجوم اتى عقب الدعوات المتكررة من قبل فضيلة المفتي بالنفير الى درنة التي تشهد اخر فصول انهيار الميليشيات التي تنضوي تحت لواء الاسلام السياسي بعد فقدانهم السيطرة على بنغازي، ورغم اعلان رئيس المجلس الرئاسي تنديده بالهجوم إلا ان وزير دفاعه الذي ليس على وفاق معه اعلن مباركته له.

ان ما يجري بالبلد يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها المواطن، ويُهدّد كذلك الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، وقد ظهر ذلك من خلال بعض التصريحات المنسوبة لأعضاء بمجلس النواب عن المنطقة الشرقية الذين يعتبرون ان الجيش الوطني هو من حررهم من براثن من يدعون زورا وبهتانا الاسلام وإقامة شرع الله، جرائمهم تشهد على مدى بربريتهم بل فاقت اعمال الصهاينة بالأرض المحتلة.انهم يدفعون ثمن حريتهم، فدماء ابنائهم لا تزال تنزف لتروي دوحة الحرية، وليذهب الذين يستظلون بدوحة قطر الى مزبلة التاريخ. ان المساس بالجيش خط احمر دونه الموت.

لا شك ان وحدة البلاد على المحك في ظل من يسيطرون على زمام الأمور سواء اولئك الذين اتى بهم الناتو بعد اقامتهم على اراضيه لتلقي التدريبات اللازمة ومن ثم تنفيذ الاوامر لتدمير البلد، او من لفظتهم الجماهير ورفضوا التنحي امعانا منهم في احتقار الشعب، لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، ما احوجنا الى انتفاضة عارمة تقتلع هؤلاء من جذورهم التي نجزم انها سطحية ومن ثم تصحيح المسار الذي يؤدي الى دولة حرة ابية، ينعم ابناءها بالديمقراطية والعيش الكريم الآمن.