الوطن البديل للفلسطينيين
في حلقة مثيرة للاهتمام، قدم الاعلامي الأردني علاء الفزاع تحليلا في غاية الأهمية لما يجري على الساحة الأردنية والإقليمية، موضحا أن إسرائيل باتت في مأمن من أي مقاومة عربية لمخططاتها، فالدول التي حولها في حالة كارثية، كسوريا ولبنان والأردن، ولا يمكنها التصدي للتوسع الإسرائيلي، فالأردن أصبح مستودعا بشريا يئن تحت وطأة الجوع والفساد، وبات الظرف مهيئا لابتلاع غور الأردن وضم الضفة الغربية وتفريغها من سكانها الفلسطينيين على دفعات من خلال تحويل حياتهم الى جحيم، وعندما تبدأ بعملية التفريغ ستدب الفوضى وربما يقتتل الشعب داخليا، ويطيحون بنظام الحكم، ثم تندلع حرب أهلية بين مكونات السكان.
نوه الفزاع إلى أن التوسع التدريجي هو خطة إسرائيل منذ أن عقد مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 ولن تتخلى إسرائيل عن تحقيق هدفها في إقامة إسرائيل الكبرى على مراحل في المستقبل، ومما يؤسف له أن الأوضاع الراهنة في الأردن مهيئة تماما لضم الضفة الغربية بعد أن ضمت الجولان، بمعنى أن ما شجع على هذا التوسع هو الأوضاع الداخلية في الدول العربية التي ينتشر فيها الفساد والفقر والاحتجاجات. وأضاف الفزاع، أنه لا يوجد خطة اسمها الوطن البديل، لأن إسرائيل لا يهمها من يحكم الأردن أو حتى تغيير اسم الأردن الى فلسطين فيصبح الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، فهذا آخر همها، وما يهمها بالدرجة الأولى هو ضم الضفة الغربية وتفريغها من أهلها وليكن ما يكون في الضفة الشرقية، فإذا قتل الأردنيون الفلسطينيين فهذا خير لها وإذا قتل الفلسطينيون الأردنيين فهذا خير أيضا وإذا جلس الجانبان ينحبون ويلطمون فهذا خير عظيم، بل كلما ساء وضع الأردن كان ذلك أفضل لها، ولن تحتاج الى حاكم يكون في جيبها لكي يحرس حدودها.
عزا الفزاع سهولة تنفيذ التوسع الى الفساد والفقر والتفكك الاجتماعي في الأردن جراء تراكمات منذ عقود، وليس في الماضي القريب، ولا يمكن لدولة مفككة داخليا أن تدافع عن وطنها، أي أنه "من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام" وبما أن إسرائيل أصبحت القوة العظمى الوحيدة في المنطقة، فلن يهمها من يحكم هذه الدول المنكوبة، ولا تحفظ معروفا ولا ودا لأحد.
إن التحليل الذي قدمه الفزاع موضوعي ومنطقي فقد أصبحت إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة، بينما الدول العربية في حالة شلل، وإذا لم تستغل إسرائيل هذا الواقع وتتوسع فإن شعبها سيحاسبها، فإسرائيل دولة ديمقراطية وقوية وتأتمر بأوامر الشعب، وهو شعب صهيوني ويدرك أن لديه مهمة مقدسة وهي إعادة بناء إسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل.
إذا كان الأردن لا يقوى على فعل أي شيء وسوريا مدمرة ولبنان غارق في الفوضى، فإن مصر على أجندة إسرائيل، وهي معرضة لكارثة مائية عندما تنتهي أثيوبيا من بناء سد النهضة بدعم من إسرائيل وقطر، وعندما يقوم أردوغان بضربها من الأراضي الليبية، وإذا ما نجحت إسرائيل بإصابة مصر بالشلل فسوف يكون سهلا عليها تفريغ غزة من أهلها وايجاد وطن لهم في سيناء. وهكذا نرى أن السبب الجذري الأول في إتاحة فرصة التوسع لإسرائيل هي حالة السخط عند الشعوب العربية، أي أن المسؤول الأول عن الكوارث التي تصيب الدول العربية هو سوء الأنظمة الحاكمة فيها وعدم فعاليتها في تحصين التماسك الداخلي والتأييد الشعبي لأنظمة الحكم من خلال القضاء على الفقر والفساد.