انطلاق عملية تفريغ ناقلة النفط "صافر" قبالة اليمن

الأمم المتحدة تأمل في أن تزيل العملية التي تبلغ تكلفتها 143 مليون دولار مخاطر وقوع كارثة بيئية قد تتسبب في أضرار بنحو 20 مليار دولار.
يرى البعض أن تسوية قضية "صافر" تمثل بداية لعملية سلام

صنعاء - انطلقت اليوم الثلاثاء عملية سحب حمولة ناقلة النفط "صافر" المهجورة قبالة ميناء الحُديدة اليمني الإستراتيجي في البحر الأحمر، في تحرك يهدف إلى تجنّب كارثة بيئية، حسبما أفادت الامم المتحدة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان "بدأت الأمم المتحدة عملية نزع فتيل ما قد يكون أكبر قنبلة موقوتة في العالم"، مضيفا "تجري الآن عملية معقّدة في البحر الأحمر لنقل مليون برميل نفط من سفينة صافر المتداعية إلى سفينة بديلة".

ومن المتوقع أن يستغرق نقل 1.14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف إلى السفينة الجديدة أقل من ثلاثة أسابيع. وتأمل الأمم المتحدة أن تزيل العملية التي تبلغ تكلفتها 143 مليون دولار مخاطر وقوع كارثة بيئية قد تتسبب بأضرار بنحو 20 مليار دولار.

وترسو "صافر" التي صُنعت قبل 47 عامًا وتُستخدم كمنصّة تخزين عائمة منذ الثمانينات على بعد نحو خمسين كيلومترًا من ميناء الحُديدة الإستراتيجي الذي يُعد بوابة رئيسية لدخول الشحنات، غرب اليمن.

ولم تخضع "صافر" لأي صيانة منذ 2015 حين تصاعدت الحرب التي بدأت عام 2014 في اليمن بين الحكومة والحوثيين، مع تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لمساندة السلطة المعترف بها دوليا.

وبسبب موقع السفينة في البحر الأحمر، فإنّ أي تسرّب قد يكلّف أيضا مليارات الدولارات يوميا إذ سيتسبّب باضطرابات في مسارات الشحن بين مضيق باب المندب وقناة السويس.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سارة بيل للصحافيين في جنيف "نحتاج إلى توخي الحذر الشديد"، فيما يرى خبراء أن نجاح العملية ليس مؤكدا على الإطلاق، حيث تشكل درجات الحرارة المرتفعة والأنابيب القديمة وغيرها من العوامل تهديدات محتملة.

والأسبوع الماضي أشادت منظمة "غرينبيس" بالعملية "المحفوفة بالمخاطر" التي تقودها الأمم المتحدة لسحب النفط، لكنّها حذّرت من أن خطر وقوع كارثة بيئية لا يمكن تفاديه حتى يتم إزالة الخام بالكامل.

وتحمل السفينة المتداعية أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت على متن "إكسون فالديز" وأحدث تسرّبها كارثة بيئية عام 1989 قبالة الاسكا.

وعلى مدى أعوام، عمل عدد قليل من أفراد طاقم "صافر" على معالجة التسربات وإجراء تصليحات صغيرة في ظل ضغط نفسي هائل لتفادي حصول تسرّب أو انفجار.

وفي آذار/مارس، اشترت الأمم المتحدة السفينة "نوتيكا" بهدف سحب الحمولة وبعد شهرين صعد فريق خبراء من شركة "سميت سالفدج" الخاصة (SMIT Salvage) التي تتولى عملية سحب النفط على متن "صافر" لإجراء تقييم لوضعها وباشر الاستعدادات للعملية.

وقامت الأمم المتحدة قبل نحو أسبوع بعملية تسليم رمزية للسفينة "نوتيكا" إلى "شعب اليمن"، رغم أن شركة الشحن "يوروناف" (Euronav) ستواصل إدارتها نيابة عن الأمم المتحدة لمدة ستة أشهر على الأقل.

وحذّرت المنظمة الأممية من أنه حتى بعد إتمام عملية النقل سيظل خزان صافر "يشكل تهديدًا للبيئة بسبب الزيت اللزج الذي سيتبقى فيه وخطر انهياره المتواصل".

ويتنازع طرفا النزاع اليمني ملكية النفط والسفينة "نوتيكا" التي سيتمّ تغيير اسمها ليصبح "اليمن".

وسبق أن أعلن الحوثيون أنهم يعتزمون بيع النفط وتحويل العائدات لتسديد رواتب موظّفين يعملون في إدارات تخضع لسلطتهم. كما دعوا إلى استكمال بناء منشآت تخزين بريّة حيث من المحتمل أن يتمّ تخزين النفط في وقت لاحق، فيما دعت الحكومة اليمنية إلى إنفاق أي مبلغ يتأتّى من بيع هذا النفط على مشاريع صحيّة وإنسانية.

ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعًا داميًا منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين. وتصاعد النزاع مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 لوقف تقدّم الحوثيين المدعومين من إيران بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء.

وأودى الصراع مذاك بعشرات آلاف اليمنيين وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص.

وتراجعت حدّة المعارك بشكل ملحوظ منذ الهدنة التي أُعلنت في أبريل/نيسان 2022، رغم انتهاء مدّتها بعد ستة أشهر.

وزار وفد سعودي برئاسة سفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر العاصمة صنعاء وأجرى محادثات مباشرة مع الحوثيين، ما أحيا الآمال بالتوصل إلى تسوية للنزاع.

ويرى البعض أن التقدم المحرز في قضية "صافر" يمثّل مؤشرًا على احتمال إعلان هدنة طويلة الأمد.

وقال فتحي فاهم رجل الأعمال اليمني الذي كان أوّل من تحدث منذ عامين عن فكرة استبدال "صافر" بسفينة أخرى، "آمل أن يكون ذلك بداية عملية سلام".

بدوره اعتبر منسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي أن حلحلة ملف "صافر" هي "أمر يمكن أن يساعد، لأنه ما إن يكون هناك مبادرة مشروع يجب أن تتعاون فيه كافة الأطراف"، مضيا أن "ذلك يشكل مؤشرًا إيجابيًا يمكن الاستفادة منه والبناء عليه".

واستدرك "لكن هناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه لإرساء السلام هنا، لا يزال هناك العديد من المسائل العالقة. قضية صافر في حدّ ذاتها لن تحلّ تلك المسائل".