'براءة' في ققص الاتهام بالترويج للزواج العرفي في تونس

المسلسل يسلط الضوء على قضية الزواج خارج الاطر القانونية من خلال طرح درامي لقضية يرى تونسيون كثر ان مجتمعهم تخطاها منذ الستينات فيما يصر أخرون على انها عادت بقوة للواقع حتى وان اختارت الغالبية تجاهلها.

تونس – يضع مسلسل "براءة" المعروض على قتاة تونسية خاصة قضية الزواج العرفي تحت الضوء، من خلال طرح درامي لقضية يرى تونسيون كثر ان مجتمعهم تخطاها منذ الستينات فيما يصر أخرون على انها عادت بقوة  للواقع حتى وان اختار الغالبية ادارت ظهرها لها.

والمسلسل الذي تبثه قناة "الحوار التونسي" الخاصة، من بطولة فتحي الهداوي وريم الرياحي وأحلام الفقيه ومحمد السياري وكوثر الباردي وياسين بن قمرة، اخراج سامي الفهري.

ويتناول "براءة" قضية رجل ستيني ثري ومتصابي يدعى "وناس" متزوج بأمراة مهضومة الجناح تدعى "زهرة" أراد الزواج بالخادمة "بية" ذات 18 سنة ليصدم عائلته بهذا الطلب الذي لاقى رفضا من زوجته وأبنائه

وحسمت مجلة الاحوال الشخصية التونسية مسالة الزواج العرفي منذ العام 1956، بمنعه والمعاقبة عليه.

كما يمنع القانون التونسي الزواج بامرأة ثانية ويعاقب مرتكبها بالسجن لمدة 5 سنوات.

ويجرّم القانون كل صيغ الزواج التي لا تستجيب إلى الشروط القانونية والمدنية ويعتبرها باطلة. ومن هذه الصيغ ما يعرف بالزواج العرفي الذي لا يشترط حضور شهود ولا يوثق رسمياً وينعقد بمجرد كتابة عقد غير قانوني بين طرفين من دون الإقرار بأي حق للزوجة.

ويدعى الزواج العرفي في القانون التونسي "زواجا على خلاف الصيغ القانونية" ويعاقب عليه القانون، إذ يعتبر حسب الفصلين 36 و31 من قانون الحالة المدنية باطلا كما ينص القانون التونسي على أن يبرم عقد الزواج في تونس أمام عدلين أو أمام ضابط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من أهل الثقة وهو ما يجعل من هذا الزواج المسمى بالعرفي مُجرّما وباطلا.

ولهذا رأى العديد من التونسيين أن المسلسل "يعيد تونس للوراء" ويروج لقضية "محسومة بالقانون" وهو "أمر ليس مقبول على الاطلاق".

واعترضت مغردة على تسمية الزواج بـ "العرفي" معتبرة أنه اسمه الحقيقي هو "زواج على غير الصيغ القانونية" .وأضافت "هناك دول تسمح بإحلال العقد العرفي محل الزواج مما يضمن للمرأة بعضا من "حقوقها" ولكنه أمر غير ممكن في تونس لأنه جريمة بحسب القانون.

في المقابل تحدث آخرون عن عدد كبير من قضايا الزواج العرفي في تونس وأن "الزواج العرفي أصبح حقيقة في تونس ومسلسل براءة كشف هذه الحقيقة التي صدمت الكثيرين".

واعتبر كثيرون أن المسلسل وضع أصبعه على الزواج العٌرفي الذي ظهر في تونس بعد الثورة وما تبعها من تولي أحد الأحزاب الدينية للحكم.

وأوضح القاضي لدى محكمة الاستئناف عمر الوسلاتي في تصريح لاذاعة موزاييك المحلية أن ارقام الزواج العرفي ارتفعت بشكل لافت بداية من سنة 2014 بالتزامن مع فترة التشكيك في الدولة المدنية وظهور افكار متشددة من بينها الزواج العرفي كمظهر من مظاهر تقويض بناء الدولة".

وقال "الموقف الحقوقي والقانوني حسمته مجلة الأحوال الشخصية حيث منع المشرع التونسي تعدد الأزواج ولا يمكن الحديث عن الحلال والحرام في ظل التشريعات الموضوعة التي حسمت الجدل".

وشدد القاضي على أن الزواج العرفي مسالة خطيرة وراءها مشروع لهدم مؤسسة الزواج، داعيا إلى تفكيك المسالة من منظور اجتماعي سوسيولوجي. قائلا "الدراما تضرّ بطرح هذه المواضيع الحارقة في مثل هذه الفترة".

وأصدر مرصد الدفاع عن مدنية الدولة بيانا يقول ان "براءة" يسعى إلى التطبيع مع مبادئ خطيرة جدا على المجتمع التونسي "فنرى في المسلسل أن الدين هو الرابط الوحيد في العلاقات الاجتماعية والأسرية، وذلك حسب التوجّه الإخواني والداعشي، وخلافا للعلم والبيداغوجيا والقانون

وتابع المرصد بأن المسلسل عرض مشاهد لطفل لم يتجاوز عمره الخمس سنوات، والذي حفظ نصف القرآن والأحاديث النبوية ويُصلّي الفجر في الجامع، كما عرض مشهد تعافي امرأة من مرض نفسي بواسطة الشعوذة والبخور بعد أن عجز الأطباء المختصّون عن معالجتها، إضافة إلى مشاهد تبرر الزواج العرفي باعتباره مقبولا دينيّا علاوة على تصوير الرجل في مقام الآمر والناهي والمرأة في موقع الكيان الضعيف المفعول به.

وأكد أن المسلسل عرض مشاهد تظهر تعمّد القراءة المُتخلّفة للدين الإسلامي في هذا المسلسل، ويدعو صراحة إلى مخالفة القوانين الجارية في تونس، وخاصّة مجلة الأحوال الشخصية.

ووصلت أصداء النقاشات حول المسلسل إلى الرئيس التونسي قيس سعيد بعدما اشتكت راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسي، خلال لقائها به قبل أيام تطرق المسلسل لمسألة الزواج العرفي. ونقلت الجربي عن سعيد رفضه لمسألة الزواج العرفي في تونس، وتأكيده على عدم المس بحقوق المرأة.

واعتبرت الجربي أن التطرق للزواج العرفي في عمل فني، هو "عملية تمييع وتبسيط وتهيئة الناس لقبول مثل هذه الظواهر التي ناضلت النساء من أجل القضاء عليها وعلى تعدد الزوجات".

وسامي الفهري مخرج المسلسل وكاتب السيناريو شخصية جدلية تثير أعمالها في كل موسم رماضاني الجدل بلغتها الصادمة والجريئة.

ويتبنى الفهري الأسلوب الواقعي في الكتابة والإخراج، ويختار لأعماله اكثر القضايا المسكوت عنها، لكن كثيرين يتهمونه بالسعي وراء الاثارة الرخيصة دون تقديم معالجات درامية عميقة للقضايا التي يطرحها.

وسيناريو مسلسل "براءة" محل نزاع قضائي بعدما زعمت الكاتبة التونسية رباب المنصوري ان المخرج سامي الفهري سطى عليه.