بغداد في قلب الصراع الانتخابي بين القوى النافذة
بغداد – يستعد السياسيون العراقيون البارزون لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة بقوة بعد غياب لدورتين انتخابيتين عن الترشح بشكل مباشر والاكتفاء بتقديم كيانات تتزعمها، حيث اختارت هذه المرة أن تترشح بشكل مباشر في محاولة لجذب أكبر جمهور بهدف تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر بعد إعلان نتائج الاقتراع.
وقرر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس تيار الفراتين محمد شياع السوداني، ورئيس منظمة بدر هادي العامري، ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، ورئيس ائتلاف الأساس الوطني محسن المندلاوي، وشخصيات أخرى، إدراج أسمائهم كمرشحين في الانتخابات.
وتعكس عودة كبار السياسيين للواجهة الانتخابية واحتدام التنافس في بغداد عدة دلالات ومؤشرات مهمة في المشهد السياسي العراقي، أبرزها محاولة استعادة النفوذ وتكريس الزعامة حيث تسعى الشخصيات السياسية المخضرمة، مثل السوداني الذي أعلن عن تشكيل تحالف "الإعمار والتنمية"، إلى ترسيخ زعامتها السياسية وحصد دعم نيابي يمكنها من الاستمرار في المناصب العليا. وهذه العودة تعكس رغبة في استعادة السيطرة على المشهد السياسي بعد فترات قد تكون شهدت تراجعًا أو محاولات لظهور وجوه جديدة.
ويرى بعض الفاعلين أن الخبرة الطويلة لهؤلاء السياسيين في إدارة الدولة والعملية السياسية تمنحهم أفضلية في التغلب على التحديات الراهنة، وتجذب قاعدة ناخبين تبحث عن الاستقرار والكفاءة.
وهناك من يعتبر أن عودة كبار السياسيين قد تشير إلى ضعف في ظهور قيادات شابة قادرة على تحدي النفوذ التقليدي، أو أن البيئة السياسية لم تفسح المجال بعد لبروز وجوه جديدة قادرة على جذب الدعم الجماهيري بشكل كافٍ.
وتعكس هذه العودة محاولات لإعادة تشكيل التحالفات السياسية، حيث تسعى القوى التقليدية لتوحيد صفوفها أو تشكيل تكتلات أكبر لضمان الفوز بأكبر عدد من المقاعد.
وقد تؤدي عودة نفس الوجوه إلى إحباط بعض الناخبين، خاصة الشباب، الذين يطمحون إلى التغيير ويشعرون بأن الوعود السابقة لم تتحقق. ومع ذلك، قد تحفز هذه العودة قواعد شعبية موالية لتلك الشخصيات على المشاركة بقوة.
ورأى عضو مجلس النواب المستقل حسين السعبري، أن الدورة الانتخابية المقبلة ستكون من أكثر الدورات تنافسًا وصعوبة خاصة في العاصمة بغداد، مشيراً إلى أن عودة عدد من كبار السياسيين إلى الواجهة الانتخابية دليل واضح على احتدام المنافسة.
وقال السعبري في تصريح لوكالة شفق نيوز المحلية، إن "الخط الأول من السياسيين بدأ فعلاً بالعودة إلى القوائم الانتخابية، ما يعكس حدة التنافس المتوقع"، مضيفاً أن "المرحلة المقبلة ستشهد بذل أموال ضخمة واستغلالًا واضحًا لموارد الدولة، إلى جانب تصاعد النفوذ والمحسوبية في إدارة العملية الانتخابية".
وأضاف أن "ما يجري حالياً من تحركات مبكرة يدفع باتجاه معركة انتخابية حامية الوطيس، خصوصاً في بغداد، التي ستكون ساحة رئيسية للصراع السياسي".
وتتميز بغداد بتنوعها الديموغرافي والسياسي، مما يجعلها ساحة تنافس حقيقية بين مختلف المكونات والقوى السياسية (الشيعية، السنية، المدنية، وغيرها،و في حال استمرار مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، فإن ذلك يخلق فراغاً انتخابياً مهماً، خاصة في المناطق الشيعية من بغداد، مما يدفع بالقوى الأخرى إلى التنافس الشديد لملء هذا الفراغ والاستحواذ على أصوات الصدريين الغائبين أو المترددين.
ويمكن أن يؤثر النظام الانتخابي المعتمد على طبيعة التنافس، فإذا كان النظام يسمح بتعدد المرشحين لكل قائمة، فإنه قد يزيد من عدد المتنافسين وبالتالي احتدام المنافسة.
وفي حين يواجه العراق تحديات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فإن ذلك يدفع بالقوى السياسية إلى تقديم وعود وحلول لجذب الناخبين، ويزيد من الضغط والتنافس على السلطة بهدف تنفيذ تلك الوعود.
وتشير هذه الظواهر إلى مشهد سياسي معقد في العراق، حيث تتداخل عوامل الخبرة التقليدية مع تطلعات التغيير، مما يؤدي إلى تنافس شديد على السلطة في محاولة لإعادة تشكيل الخارطة السياسية للبلاد.
وصوّت مجلس الوزراء العراقي، في مطلع شهر أبريل/نيسان الماضي، على تحديد يوم 11 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية.
وقالت المفوضية على لسان المتحدثة باسمها جمانة الغلاي يوم 26 من شهر مارس/آذار الماضي، إن قرابة 30 مليون شخص يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع اجراؤها نهاية العام.
وكان مجلس النواب العراقي، صوت خلال جلسته الاعتيادية في 13 يناير/كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.