بيان خليجي أميركي يشدد على أهمية خفض التصعيد وتعزيز الشراكات

وزير الخارجية الأميركي يؤكد التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن منطقة الشرق الأوسط وإدراكها لدورها الحيوي في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي تدعو إلى عملية سياسية يمنية - يمنية شاملة

الرياض - تضمّن بيان خليجي أميركي مشترك صدر اليوم الخميس في ختام الاجتماع الوزاري للشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة، التزام الجانبين بتكثيف الجهود للعمل على خفض التصعيد في المنطقة ومواجهة الإرهاب في كافة أنحاء العالم. 

وأكد الجانبان "التزامهما بالشراكات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول الأعضاء الرامية إلى تعزيز الأمن والازدهار الاقتصادي في الشرق الأوسط". كما اتفقا على أهمية مشاريع البنية التحتية في المساهمة في الاستقرار على الصعيد الإقليمي.

وشددا على "أهمية دعم الحقوق والحريات الملاحية والجهود الجماعية للتصدي للتهديدات التي تستهدف أمن السفن عبر الممرات المائية في المنطقة". كما أكد الوزراء المجتمعون على أهمية مواجهة الإرهاب والتطرف في جميع أنحاء العالم. 

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن المنطقة وإدراكها لدورها الحيوي في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية".

وفيما يتعلّق بإيران أكد الجانبان "التزامهما بحرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة وعزمهما على مواجهة أي أعمال عدوانية تهدد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية في دول المجلس" وفق البيان.

وأكد الوزراء دعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مجددين دعوة إيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورحب الوزراء بعودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، مؤكدين على أهمية التزام دول المنطقة بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.

وشدد الجانبان على أهمية جهود السلام المستمرة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، معبرين عن تقديرهما للمساعي التي تقودها السعودية وعمان ومبعوثي الأمم المتحدة والولايات المتحدة لإحلال السلام في البلد.

وعبرا عن "أملهما في رؤية عملية سياسية يمنية - يمنية شاملة تفضي إلى وضع نهاية دائمة للصراع وتستجيب لدعوات اليمنيين للعدالة والمساءلة والمحاسبة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان وتضع البلاد على طريق التعافي".

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أكد الجانبان التزامهما بالتوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل وفقًا لحل الدولتين، على أساس حدود عام 1967 وأي اتفاق بين الجانبين على تبادل الأراضي، وفقًا للمعايير المعترف بها دوليًا ومبادرة السلام العربية.

كما شدد الجانبان على ضرورة الامتناع عن جميع التدابير أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين وترفع من وتيرة التوتر والحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس، مؤكدين على الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في هذا الصدد. مع التأكيد على دعم السلطة الفلسطينية.

وفي الشأن السوري، أكد الجانبان مجددا التزامهما بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها ويلبي تطلعات شعبها ويتوافق مع القانون الإنساني الدولي. ورحب الوزراء بالجهود العربية لحل الأزمة بشكل خطوة - مقابل خطوة بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254. 

وأكد الوزراء مجددًا دعمهم للقوات الأميركية وقوات التحالف التي تعمل على هزم "داعش" في سوريا وأدانوا جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن هذه القوات.

وشدد الجانبان على ضرورة تهيئة الظروف الآمنة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخليًا بما يتفق مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى أهمية تقديم الدعم اللازم للاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم 

وأشادا بالشراكة الإيجابية والمتنامية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق ورحبا بالتقدم المستمر في مشروع الربط الكهربائي لربط بغداد بشبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي.

كما ناقش الوزراء أهمية الإصلاحات الاقتصادية لضمان استفادة شعب العراق من الموارد الطبيعية للبلاد وتحقيق الاستقرار وضمان تعافي المجتمع من الصراع وعنف داعش.

وأعرب الجانبان عن "قلقهما البالغ إزاء اندلاع القتال مؤخرًا في السودان"، مؤكدين "دعم مجلس التعاون للجهود الدبلوماسية التي تقودها الرياض وواشنطن في جدة للتوصل إلى اتفاق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للتنفيذ الكامل لاتفاق قصير المدى لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا شدد الوزراء على أهمية احترام مبدأ السيادة والقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، وحث الوزراء جميع الدول والمجتمع الدولي على تكثيف جهودهم الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي وإنهاء الأزمة الإنسانية.

السعودية تؤكد أن علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة لا تتمّ مع بلد على حساب آخر
السعودية تؤكد أن علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة لا تتمّ مع بلد على حساب آخر

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الخميس إن جهود الإصلاح في السعودية ستكون أكثر نجاحا إذا وسعت المملكة نطاق حقوق الإنسان، فيما يأتي هذا التصريح في ختام زيارة تهدف إلى تحسين العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية.

وأكد بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن "مسعى الإصلاح التاريخي المعروف باسم (رؤية 2030) سيتطلب من السعودية جذب المواهب من جميع أنحاء العالم".

وأردف قائلا "أعتقد من مصلحة السعودية الاستمرار في هذا التحديث الذي يشمل توسيع نطاق حقوق الإنسان، لما يحمله من فوائد ومميزات"، مشيرا إلى أنه استعرض مع المسؤولين السعوديين حالات محددة لمواطنين أميركيين محتجزين في المملكة، لكنه رفض الخوض في تفاصيل.

وإلى جانب مواطنين أميركيين محظور سفرهم، يقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن عشرات النشطاء والمعارضين مسجونون في السعودية أو يحاكمون داخلها.

وردا على سؤال عن سجل حقوق الإنسان في الرياض، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن المملكة أجرت "عملية إصلاح كبيرة" لكن "احتياجات الشعب السعودي ورغباته" هي التي دفعت الحكومة إلى ذلك وليس الضغط من دول أخرى.

وأضاف "نحن منفتحون دائما على إجراء حوار مع أصدقائنا، لكننا لا نستجيب للضغط. عندما نفعل أي شيء نفعله من أجل مصلحتنا الخاصة".

وفي سياق متصل أكّدت السعودية اليوم الخميس أن علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة لا تتمّ مع بلد على حساب آخر فيما شدّدت واشنطن على أنها لا تطلب من المملكة، حليفها الاستراتيجي التاريخي، الاختيار بينها وبين بكين.

وبرز دور بكين، خصم واشنطن، في الشرق الأوسط في مارس/آذار الماضي عندما رعت اتفاقًا مفاجئًا بين الرياض وطهران على استئناف العلاقات بين أبرز قوّتين إقليميّتين في الخليج بعد سبع سنوات من القطيعة.

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض، قلّل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من أهمّية التحليلات التي تفيد بأن بلاده تتقرّب من بكين على حساب العلاقة مع واشنطن.

وقال بن فرحان إنه لا يرى أن علاقات بلاده مع الصين تتمّ على حساب الروابط مع الولايات المتحدة مؤكدًا أنه "لا يزال لدينا شراكة أمنية قوية مع الولايات المتحدة يتم تجديدها بشكل يومي تقريبًا"، رغم ترجيحه تنامي التعاون مع الصين.

وفي السنوات الأخيرة، توتّرت العلاقات الأميركية السعودية بسبب قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، ورفض أكبر مصدّر للنفط في العالم المساهمة في تخفيف ارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأضاف الوزير السعودي "نحن جميعًا قادرون على إقامة شراكات والتزامات متعددة، والولايات المتحدة تفعل الشيء نفسه في كثير من الحالات". إلا أن بلينكن شدّد اليوم الخميس على "أننا لا نطلب من أحد الاختيار بين الولايات المتحدة والصين".

ومنذ الإعلان عن الاتفاق السعودي الإيراني شهدت المنطقة سلسلة انفراجات دبلوماسية أبرزها إعادة سوريا، حليف إيران، إلى الحاضنة العربية، بعد عزلة استمرّت أكثر من عقد على خلفية النزاع الذي تشهده.

ودافع بن فرحان عن دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى القمة العربية التي انعقدت الشهر الماضي في جدّة، فقال إن "الوضع الذي كان قائمًا لم يكن مجديًا، إنما كان يخلق عبئًا متزايدًا على دول المنطقة وعلى الشعب السوري".

وأضاف "بغض النظر عما يفكّر به المرء بشأن بشار الأسد، لقد اتخذنا السبيل الوحيد لرفع التحديات الإنسانية" الناجمة عن الأزمة السورية.

ووضعت الدول العربية مسائل أساسية على طاولة النقاشات مع دمشق بينها أزمة اللجوء السوري خصوصاً في دول الجوار، ومكافحة تهريب المخدرات التي تُعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية وخصوصاً السعودية التي باتت سوقاً رئيسية لحبوب الكبتاغون المصنّعة بشكل رئيسي في سوريا.

واعتبر بن فرحان أن هذه المسائل تتطلب "حوارًا مع دمشق" مضيفًا "نعتقد أن هذا المسار يمكن أن يحقق نتائج، لم تحققها مسارات أخرى".

بدوره أكد بلينكن أن بلاده لا تؤيّد إعادة سوريا إلى محيطها العربي، لكنها توافق على الأهداف المتمثلة بالعمل على آلية سلام والتصدي لظهور تنظيم الدولة الإسلامية من جديد والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية ومواجهة تهريب المخدّرات.

وقال "يجب أن أعترف بأننا نشكّ في استعداد الأسد لاتخاذ الخطوات اللازمة، لكننا نتفق مع شركائنا هنا حول ماهية هذه الخطوات، وعلى الأهداف النهائية".