بيونغيانغ تتعهد في استعراض للقوة بتعزيز ترسانتها النووية

زعيم كوريا الشمالية يقول خلال إشرافه على العرض العسكري السنوي "سنواصل بأسرع وتيرة اتخاذ خطوات لتعزيز قدرات بلادنا النووية وتطويرها".
العرض العسكري رسالة لواشنطن وسيول
التكتل الغربي ضد روسيا يحفز كيم جونغ أون على تعزيز قدراته النووية
زعيم كوريا الشمالية يرى أنه لا يمكن حصر الأسلحة النووية بمهمة وحيدة هي الردع  

سيول - تعهد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ-أون بالعمل على "تعزيز وتطوير" ترسانة الأسلحة النووية في بلاده وذلك في كلمة ألقاها خلال حضوره عرضا عسكريا في بيونغيانغ شمل صواريخ عابرة للقارات، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية الثلاثاء.

وسبق لزعيم كوريا الشمالية أن انتقد بشدة التكتل الغربي ضد روسيا وعبر عن تفهمه للغزو الروسي لأوكرانيا، مشيرا إلى أن الغرب يريد إضعاف وتقويض أمن روسيا.

وفي غمرة التوتر بين موسكو والغرب قامت بيونيانغ باختبار أكبر صاروخ باليستي أول تجربة إطلاق لصاروخ عابر للقارات بكامل المدى قادر على حمل رؤوس نووية منذ العام 2017.

ورغم خضوعها لعقوبات صارمة، سرّعت كوريا الشمالية جهود تحديث قدراتها العسكرية، وأجرت اختبارات على أسلحة محظورة هذا العام متجاهلة عروضا أميركية لإجراء محادثات، في وقت حذّر فيه مراقبون من احتمال استئناف النظام الستاليني تجاربه النووية.

ومرتديا بزة عسكرية بيضاء مطرزة بشريط بروكار ذهبي، أشرف كيم على مرور الدبابات ومنصات الصواريخ وأكبر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، في العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الجيش الثوري الشعبي الكوري في ساحة كيم إيل-سونغ في بيونغيانغ، وفق وسائل إعلام رسمية.

وقال كيم في الكلمة التي بثها التلفزيون الرسمي "سنواصل بأسرع وتيرة اتخاذ خطوات لتعزيز قدرات بلادنا النووية وتطويرها"، مضيفا أن "القوة النووية، رمز قوتنا الوطنية وجوهر قوتنا العسكرية، ينبغي تعزيزها من ناحية الجودة والحجم".

ولم تسفر المفاوضات الدبلوماسية مع كيم حتى الآن إلى إقناعه بوضع حد لبرنامجه النووي، وقد حذر ليل الاثنين من أنه سيستخدم ترسانته الذرية في حال تعرضت "المصالح الأساسية" لكوريا الشمالية للتهديد.

وقال إن "المهمة الأساسية لأسلحتنا النووية هي الردع، لكن لا يمكن حصر أسلحتنا النووية بمهمة وحيدة هي الردع"، مضيفا "في حال حاولت قوة ما سلب مصالح بلادنا الأساسية فلن يكون أمام قوتنا النووية أي خيار آخر سوى إتمام مهمتها الثانية".

كوريا الشمالية أجرت عدة تجارب نووية بعد فشل مفاوضات سابقة مع واشنطن
كوريا الشمالية أجرت عدة تجارب نووية بعد فشل مفاوضات سابقة مع واشنطن

تحذير لسيول؟

وأوقفت كوريا الشمالية تجاربها على القنابل النووية والصواريخ بعيدة المدى خلال المحادثات التي جرت بين كيم والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والتي سرعان ما باءت بالفشل وانهارت في 2019.

واختبرت بيونغيانغ الشهر الماضي صاروخا باليستيا عابرا للقارات للمرة الأولى منذ 2017، وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية مؤشرات إلى نشاط في موقع للتجارب النووية، كانت كوريا الشمالية أعلنت تدميره في 2018 قبيل أول لقاء قمة بين ترامب وكيم.

وقد يكون خطاب كيم المتعلق بمهمة أسلحته النووية رسالة للرئيس الجديد المنتخب في كوريا الجنوبية، المحافظ يون سوك-يول الذي سيتولى مهامه في 10 مايو/ايار، بحسب محللين.

وقال الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الجنوبية يان مو-جين إن الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب "هدّد بضربة وقائية لبيونغيانغ إذا لزم الأمر، ويبدو أنّ كيم يقول بصورة غير مباشرة إنّ عليه ربّما أن يردّ بأساليب نووية".

والبزة العسكرية البيضاء مع شارة مارشال، أعلى الرتب العسكرية في كوريا الشمالية، هي أيضا رسالة إلى سيول بحسب تشوينغ سيونغ-تشان من معهد سيجونغ.

وقال إن ذلك يرمز إلى"موقفه القوي جدا تجاه إدارة يون سوك-يول المرتقبة"، مضيفا أنّ كلمة كيم في العرض العسكري "تلفت إلى أن عتبة استخدام كوريا الشمالية للأسلحة النووية يمكن خفضها أكثر".

وأظهرت مشاهد التلفزيون الرسمي صفوفا من الجنود حاملين أعلاما وأسلحة وهم يسيرون في تشكيلات في الساحة المضاءة، فيما كانت مذيعة الأخبار الشهيرة ري تشون تقدم تلك الوحدات.

ومتوسطا جنرالاته ابتسم كيم وحيّا الجنود بينما كانت الطائرات الكورية الشمالية تحلّق في تشكيلات على علوّ منخفض، قبل أن تمرّ الصواريخ، من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى الفرط صوتية، على حاملات مرّت في الساحة، بحسب المشاهد المصوّرة.

وقالت المذيعة ري في تلك الأثناء "هذه معدّات فائقة التطوّر مع قوة ضاربة يمكنها بشكل استباقي ودقيق القضاء على أيّ عدو خارج أرضنا".

وبحسب المشاهد التلفزيونية فقد تضمّن العرض أكثر الأسلحة تطورا ومنها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ولا سيما صواريخ فرط صوتية والصاروخ "هواسونغ-17" الذي تقول كوريا الشمالية إنّها اختبرته بنجاح في 24 مارس/اذار.

ولدى عبور صواريخ هواسونغ-17 الساحة قالت المذيعة إنّ تلك الصواريخ "تتقدّم اليوم بفخر بعد أن أظهرت للعالم القيمة الفعلية لقوتها المطلقة".

وآنذاك أشادت وسائل الإعلام الرسمية بعملية الإطلاق "المعجزة" لأكثر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تطورا ونشرت صورا مذهلة وتسجيلات فيديو تظهر كيم يشرف شخصيا على التجربة.

غير أنّ محلّلين رصدوا ثغرات في رواية بيونغيانغ وخلصت أجهزة الاستخبارات الأميركية والكورية الجنوبية إلى أنّه في الواقع صاروخ من طراز "هواسونغ-15" الأقلّ تطورا والذي سبق وأن اختبر في 2017.

وقال تشاد أوكارول من موقع "إن كي" الإخباري المتخصّص ومقرّه سيول "رغم كلّ هذه الضجة وأشهر من التمارين، فإنّ العرض العسكري الكوري الشمالي الذي جرى ليل الاثنين لم يعرض حقيقة الكثير من القدرات الجديدة".

وأضاف في بث مباشر على يوتيوب "لقد رأينا الغالبية العظمى من هذا قبل عامين. إنه رابع عرض عسكري منذ ذلك الحين، فلماذا بذل هذا الجهد كل ستة أشهر".

وتنظم كوريا الشمالية عروضا عسكرية في مناسبات وأعياد مهمة. ويدرس الخبراء عن كثب هذه العروض للوقوف على مؤشرات حول آخر الأسلحة التي طورتها بوينغيانغ.

وحتى 2017 واظبت كوريا الشمالية على بثّ العروض العسكرية بشكل مباشر، لكن بعد إشارة وكالة يونهاب الكورية الجنوبية إلى "خلل" في إحدى العربات، انتقلت بيونغيانغ إلى عمليات البث المتأخرة والمعدلة.

وبينما كان كيم جونغ-أون وزوجته يغادران في نهاية العرض، أظهرت مشاهد التلفزيون الرسمي صورة قريبة لأحد المشاهدين وهو يبكي، فرحا على ما يبدو، بينما كانت الأسهم النارية تضيء السماء.