رحلة تحول شخصية من الإهمال إلى بؤرة الاهتمام 'تحت الضوء'

المخرج المصري أبانوب مينا يكشف في هذا الحوار عن أهمية التواصل مع الآخرين واحترام مشاعرهم ومراعاة ظروفهم الاجتماعية.

الرباط - تدور أحداث فيلم "تحت الضوء" للمخرج المصري أبانوب مينا حول شاب يشعر بخيبة الأمل تجاه كل ما حوله، من عائلته وأصدقائه وخطيبته، إذ أنهم تركوه وحيدًا في حياته حتى قرر الانتحار، لكن الأمور تغيرت ومضى قدمًا وأصبح شخصًا عظيمًا في المستقبل.

وشارك الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية، بما في ذلك مهرجان الإمارات للأفلام بدبي في دورته العاشرة، وفي هذا السياق، أجرت "ميدل إيست أونلاين" مقابلة صحفية مع المخرج المصري أبانوب مينا حول كواليس هذا الفيلم.

وفيما يلي نص الحوار:

لماذا ركزت في فيلمك على الأشخاص الذين نتجاهلهم في حياتنا اليومية؟

قررت أن تنبعث القصة من شفاه الشخصية الرئيسية للفيلم، ليحكي لكم ما مر به، وعن مشاعره التي تملأ قلبه في كل لحظة، إذ أنها الطريقة الوحيدة التي يمكن للأحداث أن تروى من خلالها، وليست هناك وسيلة أفضل للتعبير عن تلك الأحداث والمشاعر إلا عبر الشخصية نفسها.

ما هي التحديات التي واجهتك أثناء تناولك قضية الاهتمام والاحترام للأفراد الذين قد يشعرون بالإهمال؟

القضية نفسها حساسة للغاية، حيث تحدث بالفعل يوميًا، إذ يقصر الكثير من الناس في أن يعبروا عن اهتمامهم بمشاعر الآخرين، ما يجعل هؤولاء يشعرون حقًا بالإهمال والتجاهل.

هل واجهت أية مواقف أو قصص حقيقية خلال عملك على الفيلم أثرت على رؤيتك لهذا الموضوع؟

تتضمن رحلتي إلى الجامعة والسير في الشوارع العديد من القصص، بالإضافة إلى بعض الأمور الشخصية من حياتي، فمشكلة التجاهل تواجه الجميع.

ما الجوانب الإيجابية والبناءة التي ركزت عليها في طرح هذا النوع من العلاقات في الفيلم؟

هي عندما يحكي البطل قصته من وجهة نظره الخاصة، يتيح للجميع فهم مشاعره الحقيقية.

هل تعتقد أن المشاهدين سيكونون قادرين على التعاطف مع شخصيات الفيلم الذين ربما يكونون قد تعرضوا للتجاهل في حياتهم اليومية؟

رغم أن جوهر الإنسانية لا يزال حيًّا فينا، إلا أننا غالبًا ما نُغفل عنها لتلبية رغباتنا الشخصية وروتين حياتنا اليومية، وبالتالي يمكن للجمهور التعاطف مع شخصيات الفيلم وأن يستيقظوا ليعوا هذه الجوانب المهملة.

كيف قمت بتوجيه الممثلين لتجسيد تجربة الشخصيات والتعبير عن تعقيدات مشاعرهم؟

الممثلون نجحوا في تجسيد تلك المشاعر بشكل ممتاز، إذ استطاعوا الظهور بعفوية، فقد سعوا جاهدين ليظهروا كمهمشين في هذه الحياة، وتمكنوا فعلاً من التعبير عن ذلك بوضوح في المشاهد.

هل تأمل في تحفيز التفكير والتأمل لدى الجمهور بخصوص علاقاتهم مع الأشخاص المحيطين بهم؟

بالتأكيد، كان هذا هدفي الرئيسي وراء إنتاج الفيلم، إذ سعيت لجعل الجمهور يشعر بالترابط والتقدير نحو بعضهم البعض، وأن يفهموا أهمية تنوع المشاعر وظروف الأخرين.

كيف يمكن للأفراد تحسين وعيهم تجاه أهمية احترام مشاعر الآخرين بناءً على قصة الفيلم؟

يمكن للأفراد أن يرتقوا بوعيهم من خلال التواصل مع الآخرين وفهم أن هناك رسالة مهمة لكل واحد منا، سواء كانت للآباء، الأمهات، الإخوة، أو الأصدقاء، وتلك الرسالة تتمثل في ضرورة احترام مشاعر ومشاكل الآخرين وعدم إهمالها، إذ ينبغي أن يكون الاهتمام الأول تجاه بعضنا البعض، فالفرد ليس مجرد شخص مصاب بمرض أو شخصية محبطة، بل هو يتوق للرعاية والحب ببساطة، وهذا يتجلى بشكل واضح في الفيلم.

هل اعترضتك أي تحديات في تصوير مشاهد تعكس الصعوبات والمتاعب التي قد يواجهها الأفراد الذين يشعرون بالإهمال؟

كان هناك تحدي كبير في تصوير مشهد الانتحار، حيث استغرق منا الكثير من الوقت والجهد لتحقيق التوازن المطلوب بين الصدق والواقعية لإيصال رسالة التعاطف مع الشخصية، وفهم الآثار الضارة التي يمكن أن يتركها التجاهل والتهميش على الفرد.

هل يوجد رسالة محددة ترغب في أن يستوعبها الجمهور بعد مشاهدة الفيلم حول الأهمية الإنسانية للرعاية والاحترام في العلاقات اليومية؟

رسالتي تأتي من فهم عميق للحاجة إلى التواصل الحقيقي والاهتمام الحقيقي بالآخرين في حياتنا، فغالبًا ما نغفل عن الآثار السلبية التي يمكن أن تتركها كلمة أو فعل بسيط على الأشخاص الذين نحبهم أو نتعامل معهم يوميًا، إذ يمكن أن يؤدي هذا الإهمال إلى شعورهم بالاستنزاف العاطفي والانعزال، ويمكن أن يجعلهم يبتعدون عنا، حتى في أوقات الحاجة، لهذا يجب علينا أن نكون مصدرًا للدعم والمحبة والتقدير لهؤلاء الأشخاص، وأن نحترم مشاعرهم وأحاسيسهم بكل جدية، كما  يجب أن نكون إنسانين متسامحين ومتفهمين، وأن نقدر كل التفاصيل الصغيرة في حياتهم، لأن الحب والاهتمام الذي نقدمه سيعود إلينا بالخير والسعادة في نهاية المطاف.