تحليل: الناصريون الموريتانيون عند مفترق طرق

ما هي مصالح موريتانيا مع اسرائيل؟

نواكشوط - يرى المراقبون في العاصمة الموريتانية أن رموز التيار الناصري المعارض لنظام حكم الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع باتوا في مفترق طرق، بعد إعلانهم الانسحاب الاثنين من حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.
وقد ألقى انسحاب الناصريين من تكتل القوي الديمقراطية، أكبر حزب معارض في البلاد، ظلالا من الشك حول محطتهم القادمة للعمل السياسي.
فعلى العكس مما أعلنته المجموعة الناصرية من استعدادها للعمل مع أي جهة سياسية معارضة حول ما وصفته بـ"مشروع عمل معارض وفعال"، يرجح المراقبون أن ينتهي المطاف بالناصريين إلى أروقة الحزب الجمهوري الحاكم الذي بدأوا العمل منه كعناصر مؤسسة وفاعلة فيه.
ولكن من جانبها تستبعد مجموعة الناصريين تماما العودة بعجلة التاريخ إلى الوراء وتقول أنه لا مجال للنضال السياسي داخل حزب يحكم البلاد منذ 1992 و"ينخر المرض والمحسوبية والفساد جسمه"، بحسب قول أحد أفراد المجموعة.
وتؤكد المجموعة الناصرية أن الناصريين لازالوا مقتنعين بضرورة النضال في خندق المعارضة السياسية "المسئولة" في ظل ما أسموه بـ"تعنت النظام الموريتاني وتماديه في إقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني (إسرائيل) واحتقاره لمشاعر الشعب العربي الموريتاني"، فضلا عما تتهمه به من "تبعية صارخة للولايات المتحدة وقبوله لاملاءاتها".
وكان قادة التيار الناصري الموريتاني قد أعلنوا انسحابهم من حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض الذي يتزعمه أحمد ولد داداه واتهموا الحزب المعارض بعدم المقدرة على تحقيق الانسجام والديمقراطية بين مختلف المجموعات المكونة له وانفراد رئيسه داداه بالقرار داخل الحزب.
ودعت المجموعة التشكيلات السياسية والمنظمات الجماهيرية إلى تدارس برنامج سياسي معارض يجد فيه الكل نفسه ويحقق هدف تشكيل جبهة معارضة قوية ومتماسكة لمواجهة ما وصفته بـ"الخطر المحدق بموريتانيا وبمستقبلها السياسي".
ويأخذ الناصريون على تكتل القوى الديمقراطية عجزه عن مواجهة الاوضاع السياسية المتردية في البلاد وعدم العمل الفعال لاحباط سياسات النظام الموريتاني المطبعة مع إسرائيل.
ويأتي قرار انسحاب الناصريين إثر أزمة بدأت قبل أسبوعين بين أحمد ولد داداه رئيس الحزب ومجموعة من الحساسيات المكونة لحزب التكتل بسبب الخلاف حول اختيار مرشحي حزب "التكتل" لانتخابات تجديد ثلث مجلس الشيوخ الموريتاني المزمع إجراؤها في 12 نيسان/إبريل الحالي.
وقد مر التيار الناصري في موريتانيا، الذي نشأ بداية الستينيات بتأثير من الطروحات العروبية والوحدوية للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بعدة مراحل في مساره السياسي حيث ظل طيلة فترتي نظام مختار ولد داداه والنظام العسكري حركة سرية معارضة تسيطر على الوسط الطلابي.
وعانت قيادات التيار الناصري من القمع والسجن في ظل نظام العقيد خونا ولد هيدالة الذي استمر ما بين عامي 1980 و1984 قبل أن تنضم إلى نظام الرئيس معاوية بعد وصوله للسلطة في انقلاب عسكري عام 1984.
وساند الناصريون، الذين أسسوا الحزب الجمهوري الحاكم، الرئيس معاوية في أحلك الظروف خلال مواجهة نظامه "للمتطرفين الزنوج" المدعومين من فرنسا والسنغال المجاورة. ولكن التيار الناصري اضطر للانفصال عن النظام الموريتاني بعد أن بدأت نواكشوط عام 1997 خطوات تطبيعية مع إسرائيل وأخذت بتحسين علاقاتها مع العالم الغربي القوي.
وقد انضم الناصريون لحزب المعارضة الرئيسي، اتحاد القوى الديموقراطية، عام 1998 قبل أن يقرروا الانسحاب منه أخيرا.
ويعتبر انسحاب الناصريين من حزب ولد داداه صفعة قوية لهذا الحزب نظرا لفعالية وحركية التيار الناصري. وينتظر أن يؤدي تمركز الناصريين، أيا كان على الخريطة السياسية، إلى تغيير كبير في الساحة السياسية في البلاد المقبلة في غضون عام على انتخابات رئاسية هامة وحساسة.