تداعيات كارثية للحرب على الاقتصاد السوداني مع صعوبة التعافي

مؤشرات أداء السياسات والمؤسسات في السودان أقل من متوسطات أداء دول رابطة التنمية الدولية لأفريقيا جنوب الصحراء، وهي آخذة في التراجع.

الخرطوم - أظهر تقرير البنك الدولي أن الحرب في السودان تسببت في انكماش الاقتصاد بنسبة 13.5 بالمئة عام 2024، مع ارتفاع معدل الفقر إلى 71 بالمئة وارتفاع البطالة إلى 47 بالمئة، وتنادي التوصيات بتحقيق السلام كشرط للتعافي.

وكشف البنك الدولي في تقرير حديث بعنوان "العواقب الاقتصادية والاجتماعية للنزاع: رسم طريق للتعافي" عن تداعيات كارثية للحرب الدائرة في السودان منذ أبريل/نيسان 2023.

وسلط الضوء على أحد أكثر الأزمات الإنسانية والاقتصادية تعقيداً في العالم حالياً، والتي تتطلب جهوداً دولية مكثفة لإنقاذ ملايين السودانيين من براثن الفقر والجوع.

وكلفت الحرب الاقتصاد السوداني أكثر من 700 مليار دولار، محدثة دمارا هائلا في البنية التحتية الأساسية بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء.

وأظهرت البيانات انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 13.5بالمئة إضافية خلال عام 2024، بعد أن فقد ثلث قيمته تقريباً في العام السابق بانكماش بلغ 29.4 بالمئة.

وتحول السودان إلى بؤرة لأكبر أزمة نزوح في العالم، حيث أجبر 12.9 مليون شخص على الفرار من منازلهم. ووصلت الأزمة إلى ذروتها مع إعلان مجاعة في أحد المخيمات أغسطس/آب الماضي، وتشير التقديرات إلى ارتفاع معدل الفقر المدقع إلى 71 بالمئة من السكان، بعد أن كان 33 بالمئة فقط في 2022، بينما قفزت البطالة إلى 47 بالمئة مقارنة بـ32 بالمئة سابقاً.

وسجل التضخم معدلات قياسية وصلت إلى 170 بالمئة خلال 2024، مترافقاً مع انهيار حاد لقيمة الجنيه السوداني. كما تراجعت الإيرادات الحكومية إلى 4.7 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10 بالمئة في 2022، مما أفقد الدولة قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية.

واعتبر البنك الدولي مؤشرات أداء السياسات والمؤسسات في السودان أقل من متوسطات أداء دول رابطة التنمية الدولية لأفريقيا جنوب الصحراء، وهي آخذة في التراجع.

وأشار إلى نقاط ضعف كبيرة خاصة في المؤسسات وإدارة القطاعين الاقتصادي والعام. مضيفا إن التحديات المستمرة قوضت الجهود التي بذلت قبل الانقلاب لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وفاقمت مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي، وعمقت هشاشة البلاد.

وقد عانت القطاعات الرئيسية الأساسية للتنمية المستدامة، مثل الزراعة والتعليم والصحة، من سوء الإدارة، مما أعاق مسيرة السودان نحو الانتعاش الاقتصادي والاستقرار.

ورغم أن القطاع الزراعي كان يمثل 35 بالمئة من الناتج المحلي ويعمل به أكثر من 40 بالمئة من القوى العاملة، إلا أنه تعرض لضربات قاسية بسبب امتداد النزاع إلى المناطق الزراعية الحيوية مثل ولاية الجزيرة، وانخفض الإنتاج الوطني من الحبوب بنسبة 46 بالمئة خلال 2023.

ويرى البنك الدولي أن عودة الاقتصاد السوداني إلى مستويات ما قبل الحرب لن تتحقق قبل 2031 على الأقل، مشدداً على ضرورة تحقيق السلام أولاً كشرط أساسي لأي تعافٍ مستدام.
وقال البنك في تقرير الثلاثاء، إنه وحتى في حال تم الوصول لحل للصراع خلال الأشهر المقبلة، وطبقت إصلاحات هيكلية هامة، فمن غير المرجح أن يعود اقتصاد السودان إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الصراع قبل عام 2031.

وتتضمن توصيات البنك: استئناف مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون وإصلاح نظام الدعم الحكومي وتوحيد سعر الصرف وإعادة هيكلة الإنفاق العام لصالح القطاعات الاجتماعية وإعطاء أولوية للاستثمار في الزراعة والتعليم والصحة

ويواجه السودان أزمة صحية عامة مع تفشي العديد من الأمراض وخروج 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة وتراجع القدرة على الوصول للخدمات الصحية الى 17 في المئة من السكان البالغ تعدادهم نحو 48 نسمة.