'تراث' تُضيء على 'الحكاية الشعبية'

المجلة الإماراتية في عددها الجديد تصدّر ملفا خاصا بعنوان 'الحكاية الشعبية: حاملة قيم الشعوب وتراثها'.
شمسة الظاهري: الحكاية الشعبية تُمثل جزءا مهما من التراث الثقافي للشعوب

صدر أخيرا في أبوظبي العدد 288 لشهر أكتوبر/تشرين أول 2023 من مجلة "تراث" والتي يُصدرها نادي تراث الإمارات - مركز زايد للدراسات والبحوث.. وتُعنى بالتراث الإماراتي والخليجي والعربي والإنساني.

وتصدّر العدد ملفا خاصا بعنوان "الحكاية الشعبية: حاملة قيم الشعوب وتراثها"، تضمن تسعة عشر دراسة وموضوعا لنخبة من الباحثين والكتاب الإماراتيين والعرب.

وفي المقال الافتتاحي، قالت شمسة الظاهري رئيسة التحرير، إن الحكاية الشعبية جزءا مهما من التراث الثقافي للشعوب وتعكس تفاوت الثقافات حول العالم، وتسهم في التعريف بهويات الأمم، وتقدم صورا وصفية لجوانب متعددة من الحياة الإنسانية والأحداث التاريخية والجغرافية التي شهدتها منطقة ما والتي قد لا تكون موجودة في سجلات التاريخ المكتوبة أو سجلات الرحلات وتتنوع الحكايات الشعبية في موضوعها وأساليبها. وتشمل قصصا عن الأبطال والمغامرات، وأحيانا تحمل رسائل وحكما حياتية تهدف إلى توجيه الناس وتعليمهم قيما وأخلاقيات وتوعيهم بالقضايا الاجتماعية.

ولفتت الظاهري إلى أنه يمكن اعتبار الحكاية الشعبية، وفق ما تقدم، أداة ثقافية وتعليمية قيمة تلهم حياة الأفراد وتثريها بمختلف الأعمار والثقافات.

وشددت على أنه لا يمكن إغفال دور الحكاية الشعبية في بناء جسور ثقافية بين مختلف الثقافات والمجتمعات، حيث يمكن للقراء من ثقافات مختلفة فهم الرسائل والدروس المشتركة وهناك محاولات لتأصيل الحكاية الشعبية في أشكال أدبية مختلفة كالرواية والقصة القصيرة والمسرح.

ورأت شمسة الظاهري بأن الأمثال والحكم تضيف دورا مهما في الحكايات الشعبية، حيث تعزز من قيمة الحكاية وتسهم في تعميق فهم القارئ أو السامع للمعاني والدروس المتضمنة فيها، كما أنها تثري لغة الحكاية وتجعلها أكثر تعبيرا وغنى.

وأكدت على أنه غالبا ما تكون الأمثال والحكم متأصلة في الثقافة الشعبية للمجتمع الذي تأتي منه الحكاية، بحيث يمكن أن تسهم في تقديم نظرة داخلية إلى هذه الثقافة وقيمها.

الهوية الوطنية للشعوب

وفي ملف العدد نقرأ: موضوع "الحكم والأمثال في الحكايات الشعبية الإماراتية: حفاظ على الخصوصية وصون الذاكرة" للكاتب حمزة قناوي، وفيه يشير الكاتب إلى أن الحكاية الشعبية لفتت أنظار الباحثين في العالم أجمع، وأن لتلك الحكايات خصوصياتها التي تتعلق بالمكان، وأنه دائما ما يكون لكل مكان، أو لكل مجتمع خصوصيته برغم تشابه الثقافة العربية من المحيط إلى الخليج.

وفي مشاركته بملف العدد، يؤكد جمال مشاعل على أن "الحكاية الشعبية جزء خالد في تراثنا وذاكرتنا"، وأن الحكاية هي جزء مهم من الفنون الشعبية التي تشكل التراث الثقافي الذي يؤدي دورا حيويا في الحفاظ على الهوية الوطنية للشعوب.

وتوقفت منى حسن عند "الحكم والأمثال في الحكاية الشعبية" باعتبارها "نوافذ إلى استدامة القيم والتراث"، حيث رأت بأن الحكايات الشعبية الإماراتية ترافقنا في رحلة استكشاف أعمق للثقافة المحلية التي توثق لتراث عريق يربط بين الماضي والحاضر.

وفي عناوين ملف العدد: "من حكايا البحر.. حكايات أبطالها نساء"، و"الرؤية الغرائبية في الحكايات الشعبية في الإمارات"، و"توظيف أركان التعلم لتدريس الحكاية الشعبية في رياض الأطفال"، و"التأطير السينمائي للسرديات الشعبية"، و"المرأة في الأمثال والحكايات الشعبية الإماراتية"، و"أمثال وحكايات في تراثنا الشعري"، وغير ذلك من الدراسات والموضوعات.

رحلة في البادية

وفي موضوعات العدد نقرأ لمحمد عبدالعزيز السقا "إسكندر يوسف الحايك: رحلة في البادية 1914"، ويستحضر الكاتب تفاصيل رحلة فريدة لرجلين منفردين على ظهر الخيل، من القاهرة إلى بيروت، ثم دمشق فدير الزور ونينوى والموصل وديار بكر وبغداد وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية، في رحلة استغرقت 130 يوما، والرجلين هما يوسف الحايك وباسيل كوباه أحد رجال الحكم القيصري الروسي الذي جاء المشرق ليجوب البادية الآهلة بالقبائل العربية لغاية سياسية في غالب الظن.

ونقرأ في العدد أيضا: "ناصر البكر الزعابي: شعر.. مشاعر.. ومشاعل"، لكاتبه عبدالله محمد السبب، ويتناول فيه مسيرة ناصر البكر الزعابي، وهو شاعر إماراتي ينظم الشعر بنوعيه العامي والفصيح، وقصيدة النثر، والقصيدة العمودية، بالإضافة للكثير من الإصدارات والإنتاج الأدبي في الشعر والسرد والدراسات.

ونتابع في موضوعات العدد أيضا، مقال شهاب غانم حول تجربته في ترجمة بعض أغاني طاغور، وفيه يؤكد الكاتب على حقيقة أن فضيلة الشعر ليست مقصورة على العرب، وأن هوميروس أبدع الإلياذة والأوديسة قبل كل الشعر العربي المعروف بقرون.

هذا وقد تضمن هذا العدد من مجلة "تراث" مجموعة قيمة من الدراسات والمقالات التي غطت جوانب معرفية وتراثية متنوعة.

يُذكر أن "تراث" هي مجلة تراثية ثقافية منوعة تصدر عن نادي تراث الإمارات في أبوظبي، وترأس تحريرها شمسة حمد العبد الظاهري، والإشراف العام لفاطمة مسعود المنصوري، وموزة عويص وعلي الدرعي، والتصميم والتنفيذ لغادة حجاج، وشؤون الكتاب لسهى فرج خير، والتصوير لمصطفى شعبان.      

وتُعد المجلة منصة إعلامية تختص بإبراز جماليات التراث الإماراتي والعربي الإسلامي، في إطار سعيها لأن تكون نزهة بصرية وفكرية، تلتقط من حدائق التراث الغنّاء ما يليق بمصافحة عيون القراء وعقولهم.