تراجع أرباح أرامكو يضغط على الموازنة وتوجهات رؤية 2030

تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن السعودية تحتاج لوصول سعر النفط إلى 92.3 دولار للبرميل هذا العام لتحقيق التوازن في ميزانيتها.
تراجع أرباح أرامكو مع تأثر أسواق النفط بحلة عدم اليقين الاقتصادي
أرباح الربع الأول تهبط إلى 26 مليار دولار متجاوزة متوسط التوقعات

دبي - قالت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط اليوم الأحد إن أرباحها في الربع الأول انخفضت 4.6 بالمئة بسبب تراجع المبيعات وارتفاع تكاليف التشغيل مع تأثر أسواق النفط الخام بحالة عدم اليقين الاقتصادي.

وسيكون لهذا التراجع تداعيات متعددة على الشركة والاقتصاد السعودي والمستثمرين وأسواق الطاقة. ومن المهم متابعة أداء أرامكو في الأرباع القادمة وتقييم استراتيجياتها للتكيف مع التحديات الحالية في أسواق الطاقة. ويعكس هذا التراجع أيضا مدى حساسية الاقتصاد السعودي لتقلبات أسعار النفط وأهمية جهود تنويع مصادر الدخل.

وأوضحت ارامكو أنها حققت صافي دخل 97.54 مليار ريال (26.01 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة المنتهية في 31 مارس/آذار. ويتجاوز ذلك متوسطا قدمته الشركة لتقديرات 16 محللا عند 25.36 مليار دولار. والسعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم.

وارتفع سهم أرامكو 0.64 بالمئة إلى 25 ريالا بحلول الساعة 0754 بتوقيت غرينتش، غير أنه هوى 10.9 بالمئة منذ بداية العام.

وأكدت الشركة توزيعات الأرباح الإجمالية التي حددتها في وقت سابق وقدرها 21.36 مليار دولار للربع الأول، منها 219 مليون دولار أرباح مرتبطة بالأداء، وهي آلية استُحدثت بعد مكاسب غير متوقعة من أسعار النفط في عام 2022 عقب غزو روسيا لأوكرانيا.

وتعتمد المملكة منذ عقود على مدفوعات أرامكو الضخمة والتي تشمل أيضا العوائد والضرائب، لتعزيز نموها. وشكل النفط 62 بالمئة من إيرادات الحكومة العام الماضي، بينما أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن السعودية تحتاج لوصول سعر النفط إلى 92.3 دولار للبرميل هذا العام لتحقيق التوازن في ميزانيتها.

وصدرت نتائج أرامكو قبل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة يوم الثلاثاء. وأثارت الحرب التجارية الأميركية الصينية قلق الأسواق العالمية ودفعت أسعار النفط الخام إلى الانخفاض وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.

وقال أمين الناصر رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين في بيان "تأثرت أسواق الطاقة العالمية في الربع الأول من عام 2025 بعوامل مرتبطة بتغيرات في مجال التجارة العالمية، مما تسبب في حالة من عدم اليقين الاقتصادي وأثر على أسعار النفط".

وتابع "مثل هذه الفترات تسلط الضوء أيضا على أهمية المرونة والانضباط في التخطيط والتنفيذ الرأسمالي، واستمرار استراتيجيتنا التي تتسم بنظرة بعيدة المدى. وخلال الأوقات التي تشهد تقلبات، يظهر تميز أرامكو السعودية من خلال قوة أدائها المالي، وكذلك توزيعات أرباحها الأساسية المستدامة والمتزايدة".

الانخفاض الحاد في أسعار النفط يجعل توقعات التمويل لكل من العجز المالي ورؤية 2030 أكثر صعوبة

وتصاعدت وتيرة فرض الرسوم الجمركية الأميركية بشدة في أوائل أبريل/نيسان، مما يعني أن تأثير سياسات ترامب التجارية لم ينعكس في نتائج الربع الأول.

تراجع خام برنت القياسي العالمي بشكل حاد منذ أن بلغ أعلى مستوى له هذا العام عند 82.03 دولار في يناير/كانون الثاني. وسجل 63.91 دولار للبرميل عند التسوية يوم الجمعة.

وأعلنت أرامكو في مارس/آذار أنها تتوقع إعلان توزيعات أرباح إجمالية 85.4 مليار دولار في 2025، بانخفاض حاد عن توزيعات العام الماضي التي تجاوزت 124 مليار دولار، والتي استندت إلى أرباح عامي 2023 و2024.

وخفضت الشركة توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء والتي بلغت 43.1 مليار دولار العام الماضي، بنحو 98 بالمئة مع هبوط التدفقات النقدية الحرة.

وضخت السعودية في السنوات الماضية مبالغ ضخمة في مشروعات لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط في إطار رؤية 2030. وفي الآونة الأخيرة، شيدت أو جددت 15 ملعبا لكأس العالم لكرة القدم 2034، وهي أبرز الفعاليات في عدد من الأحداث الرئيسية التي ستستضيفها المملكة في السنوات القادمة.

وقالت مصادر في نوفمبر/تشرين الثاني إنه مع انخفاض أسعار النفط، قلصت المملكة بعض الطموحات العالية، بما في ذلك مشروع مدينة نيوم، لإعطاء الأولوية لإكمال المشروعات الأساسية لاستضافة الفعاليات الرياضية العالمية على مدى العقد المقبل في ظل ارتفاع التكاليف.

وتملك الحكومة السعودية بشكل مباشر ما يقرب من 81.5 بالمئة من أرامكو، بينما يسيطر صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي للمملكة، على حصة 16 بالمئة.

وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري "الانخفاض الحاد في أسعار النفط يجعل توقعات التمويل لكل من العجز المالي ورؤية 2030 أكثر صعوبة"، مضيفة أن تراجع أرباح أرامكو ينعكس بالفعل في عجز الموازنة الأوسع في الربع الأول.

وبلغت التدفقات النقدية الحرة 19.2 مليار دولار في الربع الأول، بانخفاض 15.8 بالمئة عن العام الماضي. وسجلت النفقات الرأسمالية ما يزيد قليلا عن 12.5 مليار دولار في الربع الأول، بزيادة 15.9 بالمئة عن العام الماضي.

وحددت أرامكو استثماراتها الرأسمالية التي تشمل النفقات الرأسمالية والاستثمارات الخارجية، بما يتراوح بين 52 و58 مليار دولار. وبلغت النفقات الرأسمالية 50.4 مليار دولار العام الماضي.

وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، فيما يعرف باسم مجموعة أوبك+، الإنتاج منذ 2022 لدعم الأسعار في ظل ارتفاع إنتاج دول أخرى. وتحملت المملكة، التي تقارب طاقتها الإنتاجية 12 مليون برميل يوميا، النصيب الأكبر من التخفيضات.

واتفقت أوبك+ على زيادة الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في مايو/أيار وبالكمية نفسها في يونيو/حزيران. وسيزيد ذلك إنتاج السعودية إلى نحو 9.37 ملايين برميل يوميا، من زهاء تسعة ملايين برميل يوميا قبل مايو/أيار.

وتفاخر الناصر رئيس أرامكو سابقا بطاقة الإنتاج الاحتياطية لدى المملكة، وهي الأكبر في العالم، قائلا إنه يمكن تفعيلها في غضون أسابيع.

ودعا ترامب علنا الرياض وأوبك إلى خفض أسعار النفط، كما فعل خلال ولايته الأولى. وقال إنه يتعين على السعودية زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار، بعد أن أعلنت المملكة عزمها ضخ 600 مليار دولار لتوسيع الاستثمارات والتجارة مع الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة.