ترامب يطلب من الشرع تطبيع العلاقات مع اسرائيل في لقاء تاريخي بالرياض

الرئيس الأميركي حث نظيره السوري على تولي مسؤولية إدارة مراكز احتجاز عناصر داعش حيث بات هذا الملف يؤرق القوى الغربية.
قرار رفع العقوبات الأميركية ثم اللقاء بترامب يمنح مزيدا من الشرعية لسلطات الشرع
اللقاء يُنظر إليه على نطاق واسع كمؤشر على تحوّل في السياسة الأميركية تجاه سوريا
ترامب يدعو الشرع إلى ترحيل الفصائل الفلسطينية
لا يعرف ان كان قرار رفع العقوبات ارتبط بموافقة من الشرع على تطبيع العلاقات مع اسرائيل

الرياض - طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء من الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الانضمام إلى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل وتولي مسؤولية إدارة مراكز احتجاز عناصر "داعش" شمال شرقي سوريا، وذلك خلال لقاء تاريخي جمعهما في الرياض بعد إعلان واشنطن رفع العقوبات المفروضة على دمشق، وهو ما اعتبرته الحكومة السورية "نقطة تحول محورية" قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي بعد سنوات من العزلة.
وجاء في بيان للبيت الأبيض أنّ "الرئيس ترامب شجع الرئيس الشرع على القيام بعمل عظيم للشعب السوري، وحضه على التوقيع على اتفاقات ابراهام مع إسرائيل"، والتي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين والمغرب علاقاتها مع الدولة العبرية في 2020.

واضاف البيان "ترامب حض نظيرو السوري على ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين" في اشارة الى الفصائل الفلسطينية. واستضافت دمشق خلال حكم عائلة الأسد على مدى عقود الكثير من الجماعات الفلسطينية المناهضة لإسرائيل أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية- القيادة العامة.

ولا يعرف ان كان الرئيس الاميركي قد اشترط على الجانب السوري المضي في التطبيع مع الدولة العبرية وطرد الفصائل الفلسطينية مقابل فتح الأبواب امام السلطات السورية الجديدة للاندماج اقليميا ودوليا وكذلك تنفيذ قرار رفع العقوبات لكن ذلك يظل واردا كما ليست هنالك دلائل على موافقة الرئيس السوري على هذا المطلب.
وكانت مصادر اعلامية تحدثت عن دور اماراتي في انشاء قناة اتصال سرية بين إسرائيل وسوريا للتركيز على القضايا الأمنية والاستخباراتية وبناء الثقة بين البلدين اللذين لا يربطهما أي علاقات رسمية دون حديث عن البحث في إمكانية تطبيع العلاقات او عقد اتفاق سلام.
وكانت إسرائيل توغلت في المنطقة العازلة بعد سقوط نظام الأسد كما احتلت مناطق في الجنوب السوري ولوحت باستخدام القوة ضد القوات السورية في أحال استهدفت الأقلية الدرزية.
ووجه مسؤولون إسرائيليون على راسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحذيرات للشرع وللحكومة السورية الانتقالية من مغبة تهديد الأقليات.
كما حث ترامب الشرع على تولي مسؤولية إدارة مراكز احتجاز عناصر "داعش" شمال شرقي سوريا خاصة وان الملف بات يؤرق القوى الغربية في ظل دعوات من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لتسوية الملف باعتبار وجود محتجزين متطرفين قد يشكلون تهديدا للان الإقليمي في حال اطلاق سراحهم.

وجاء في بيان للبيت الأبيض أنّ "الرئيس ترامب شجع الرئيس الشرع على القيام بعمل عظيم للشعب السوري، وحضه على تولي مسؤولية مراكز احتجاز تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا" التي تضم آلاف من مقاتلي وأسر التنظيم الجهادي الذي سيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا قبل سنوات.

وبداية العام الجاري نفست قسد وجود أي اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة بشأن تسليم أسرى تنظيم "داعش" فيما لم يشر الاتفاق الذي عقد في مارس/اذار الماضي لمسألة السجون ومراكز الاحتجاز رغم الحديث عن تنسيق لمواجهة فلول التنظيم المتطرف.

وتسيطر قسد على عشرات السجون والمخيمات التي تؤوي آلاف الإرهابيين ومشتبه بهم مع عوائلهم، ومن بينهم أجانب، في سوريا.
واللقاء الذي يُنظر إليه على نطاق واسع كمؤشر على تحوّل في السياسة الأميركية تجاه سوريا، قد يشكّل فرصة ثمينة لسوريا الجديدة، بقيادة الرئيس الشرع، لفك العزلة الدولية التي رافقت البلاد منذ اندلاع الحرب وارتباط اسم النظام بالجماعات الإرهابية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمهّد لصفحة جديدة في العلاقات بين واشنطن ودمشق، بما قد يعيد رسم التوازنات السياسية في الشرق الأوسط.

وأفادت مسؤولة في البيت الأبيض بأن الزعيمين التقيا قبل اجتماع أوسع لقادة الخليج في الرياض خلال جولة الرئيس الأميركي في المنطقة.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التركية الأربعاء أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شارك عبر الفيديو في لقاء الرئيس الجمهوري مع الرئيس السوري.
وأتى لقاء ترامب في الرياض، الوجهة الخارجية الأولى له كزيارة دولة في ولايته الثانية، وأحمد الشرع الذي كان زعيم هيئة تحرير الشام التي قادت الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول والذي بات رئيسا انتقاليا لسوريا، بعد كشف الرئيس الأميركي عن قرار رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على دمشق.
وأعلن ترامب الثلاثاء أنه قرر رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد استجابة لمطالب حلفاء الشرع في تركيا والمملكة العربية السعودية، في خطوة خلافية مع إسرائيل، حليفة واشنطن الوثيقة.
وقال أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي "سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم" للنمو، وسط تصفيق حار للحضور ومن بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مضيفا "كانت العقوبات قاسية وتسببت بشلل. لكن الآن حان وقتهم للتألق".
كان بيل كلينتون آخر رئيس أميركي يلتقى رئيسا سوريا وقد حاول في العام 2000 من دون جدوى إقناع حافظ الأسد، والد بشار، بالسلام مع إسرائيل.
وبدا إعلان ترامب مفاجئا حتى للمسؤولين الأميركيين، إذ لم تُحدد وزارة الخزانة الأميركية أي جدول زمني فوري لرفع العقوبات.
وفرضت الولايات المتحدة قيودا شاملة على المعاملات المالية مع سوريا خلال الحرب الأهلية الدامية التي اندلعت في 2011، وأوضحت أنها ستستخدم العقوبات لمعاقبة أي شخص يشارك في إعادة الإعمار طالما بقي الأسد في السلطة من دون محاسبة على الفظائع التي ارتكبها.
ولم يشر ترامب إلى أن الولايات المتحدة سترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو إجراء اتخذ في عام 1979 بسبب دعم دمشق للمسلحين الفلسطينيين، ما يُعيق الاستثمار بشدة.
وسبق للاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا أن خففت العقوبات التي تم تشديدها أبان الحرب الأهلية.
لكن الولايات المتحدة أحجمت عن رفع العقوبات، التي أعاقت الاستثمار في إعادة إعمار سوريا التي دمرت الحرب اقتصادها.
وبعد سقوط الأسد، وضعت واشنطن، برئاسة جو بايدن آنذاك، شروطًا لرفع العقوبات، بما في ذلك حماية الأقليات. والتقى مبعوث أميركي كبير الشرع في دمشق في ديسمبر/كانون الثاني.
في الأسابيع الأخيرة، شهدت سوريا سلسلة من الهجمات القاتلة على الأقليتين العلوية والدرزية.
وقالت الخبيرة في مركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية رابحة سيف علام إنّ رفع العقوبات يعيد دمج سوريا في الاقتصاد العالمي بعد سنوات من العزلة ويتيح التحويلات الدولية من ملايين السوريين الذين فرّوا خلال الحرب.
وصرّحت أنّ "وقف العمل بالعقوبات سيمنح سوريا فرصة حقيقية لاستقبال التمويل اللازم لإنعاش الاقتصاد وفرض سلطة الدولة المركزية وإطلاق مشاريع إعادة الاعمار بدعم خليجي واضح".
وكذلك، يلتقي ترامب بقادة وممثلين من دول مجلس التعاون الخليجي الست: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والكويت، وسلطنة عمان.
ووصل ملك البحرين وأميرا قطر والكويت وممثلون عن سلطان عُمان ورئيس الإمارات إلى الرياض.
بعدها يتوجه الرئيس الاميركي إلى قطر، المحطة الثانية في جولته الخارجية الأولى التي طغى عليها جدل بسبب اعتزامه قبول طائرة بوينغ فخمة هدية من الدوحة لتحلّ محلّ الطائرة الرئاسية الحالية.
واستضافت قطر التي تضم قاعدة جوية أميركية مترامية الأطراف، محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف إنهاء الحرب المدمّرة في غزة.
لكنّ الزيارة شابها جدل كبير بعد أنباء عن اعتزام ترامب قبول طائرة فخمة بقيمة 400 مليون دولار هدية من العائلة الحاكمة في قطر.
وتثير هذه الخطوة تساؤلات دستورية وأخلاقية كبيرة في الولايات المتّحدة، بالإضافة إلى مخاوف أمنية بشأن استخدام طائرة تبرّعت بها دولة أجنبية كطائرة رئاسية.
والثلاثاء، ندّد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر بالأمر، واصفا ذلك بأنه "فساد خالص"، ومعلنا أنه سيعمل على تعطيل تثبيت جميع الأشخاص الذين اختارهم ترامب لمناصب في وزارة العدل.
وقال السناتور المتحدر من نيويورك في خطاب نشره مكتبه ومن المقرر أن يلقيه في المجلس الثلاثاء "هذا ليس مجرد فساد خالص، بل هو أيضا تهديد خطر للأمن القومي".
وتأتي زيارة ترامب لقطر بعد أيام قليلة من تفاوض واشنطن مباشرة مع حماس لتأمين إطلاق سراح الرهينة الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
وتوصلت قطر، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، لكنه فشل في إنهاء الحرب في شكل دائم.