تركيا تشوش على زيارة الرئيس التونسي إلى فرنسا

السفير التركي بتونس علي أنانير يقول إن موقف بلاده من الأزمة في ليبيا يتطابق مع الموقف التونسي وإن علاقة خاصة تجمع اردوغان براشد الغنوشي.
أنقرة تراهن على المساعدات الاقتصادية لاختراق الموقف التونسي
مساع فرنسية لبلورة موقف اقليمي مناهض للأجندات التركية في ليبيا

تونس - في محاولة للتشويش على زيارة الرئيس التونسي المرتقبة إلى باريس، قال السفير التركي في تونس علي أنانير إن موقف بلاده من الأزمة في ليبيا يتطابق تماما مع الموقف التونسي، إذ تدعم أنقرة بالعتاد والمرتزقة حكومة الوفاق الليبية المتحالفة مع الاسلاميين، في وقت تتخذ تونس موقفا محايدا من طرفي النزاع.    
وأضاف أنانير متحدثا لإذاعة موزاييك التونسية الخاصة أن  "تركيا تدعم الشرعية في ليبيا كما تساعد العمل على حل ليبي-ليبي على غرار الموقف التونسي" الذي وصفه بـ"الواضح والمحترم". 
وخلافا لتصريحات السفير التركي، تقود تونس مساعي لجمع الفرقاء في ليبيا على طاولة المفاوضات، فهي تدعم الشرعية الدولية في ليبيا، لكنها تقود بالتوازي مفاوضات مع القبائل الليبية الداعمة جلها للقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
وتدعم أنقرة الميليشيات الاسلامية في طرابلس وتشترط استبعاد حفتر من أي تسوية سياسية مستقبلية، ما يتعارض مع الموقف التونسي الرافض لإقصاء أي طرف من المفاوضات.    
ويؤدي الرئيس التونسي قيس سعيد الاثنين 22 يونيو/حزيران زيارة عمل إلى فرنسا من المنتظر أن تناقش العديد من القضايا الثنائية والاقليمية على رأسها الملف الليبي، في وقت تقود فيه أنقرة منذ مدة مساعي لاستمالة تونس خلف أجنداتها في ليبيا وجعلها حديقة خلفية لعملياتها العسكرية الداعمة لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج.  
وتأتي زيارة الرئيس التونسي، وهي الزيارة الخارجية الثانية له بعد الجزائر منذ توليه السلطة العام الماضي، في وقت صعدت فيه باريس من مواقفها من الأجندات التركية في ليبيا والتي تدفع باتجاه استدامة الحرب والاقتتال على حساب دعوات التسوية السياسية التي أطلقتها أكثر من جهة.
وتعتبر فرنسا الشريك الاقتصادي الاستراتيجي الأول لتونس التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، حاولت أنقرة منذ تدخلها في ليبيا استثمارها في توجيه بوصلة تونس القائمة على الحياد في الملف الليبي عبر تقديم حزمة من المساعدات المالية واللوجستية ووعود بحزمة استثمارات أخرى قد تساعد في تجاوز العقبات الاقتصادية.    
وأشارت مصادر دبلوماسية فرنسية أن زيارة قيس سعيّد إلى فرنسا ستتوج بتقديم باريس حزمة من المساعدات الاقتصادية إلى تونس تنأى بها عن الانخراط في الأجندة التركية التي تعول على الدعم المالي للاقتصاد التونسي الهش لاختراق الموقف التونسي من ليبيا.
واقتصرت المساعدات التركية لتونس على بعض التجهيزات والمعدات اللوجستية وبعض المساعدات الطبية التي لا ترتقي إلى تضخيم السفير التركي لها، في وقت تركزت أغلب المساعدات على القطاع الأمني وهو ما تنظر إليه العديد من الأحزاب التونسية بعين الريبة ودفعت البعض إلى القول بوجود محاولات تركية لاختراق الأجهزة الأمنية التونسية وتطويعها لخدمة أجنداتها الاقليمية. 
وأكد السفير التركي بتونس أن "هدف تركيا الوحيد هو عودة الفرقاء الى طاولة المفاوضات"، في حين تعرقل بلاده المبادرات الدولية والعربية للتسوية السياسية وتوعز للميليشيات الاسلامية المتحالفة مع حكومة الوفاق بالتصعيد ورفض أي تسويات.
وفي هذا الاطار استقبل وزير الخارجية الوفاق محمد الطاهر سيالة الخميس وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في طرابلس، حيث علّقت مصادر سياسية على الزيارة بالقول إنها تندرج ضمن عرقلة أنقرة لأي تسوية سياسية لا تستجيب لأجنداتها المستقبلية ومصالحها من تطور الصراع في ليبيا. 
وتؤسس المبادرة المصرية للتسوية السياسية في ليبيا، التي يتبناها رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر إضافة الى روسيا والامارات، إطارا يستجيب لتطلعات الفرقاء السياسيين، لكن الميليشيات المسيطرة على حكومة الوفاق أعلنت رفضها، على الرغم من تصريحات فايز السراج الذي أبدى مرونة تجاهها.
وتسيطر الميليشيات الاسلامية على سلطة القرار في حكومة الوفاق، ما يجعل أي مبادرة تسوية لا تستجيب لشروطها غير قابلة للتطبيق.
وتريد الميليشيات الاسلامية المتحالفة مع تركيا تسوية سياسية على مقاسها تضمن لها البقاء في الحكم و مواصلة التحكم في ثروات الليبيين النفطية.   
من جهة أخرى أكد السفير التركي أن "علاقة تركيا جيدة بحركة النهضة لأن الشعب التونسي صوّت في الانتخابات لفائدتها"، مشيرا الى وجود " علاقات خاصة " بين الرئيس التركي رجب طيب اروغان ورئيس حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي.
ويتهم معارضون تونسيون حركة النهضة الاسلامية بأنها الذراع التونسية لتنظيم الإخوان المسلمين الذي ترعاه تركيا.
وعزز تدخل الغنوشي الذي يترأس البرلمان التونسي في الملف الليبي واصطفافه خلف الأجندة التركية القطرية على حساب الموقف التونسي المحايد هذه الاتهامات، ما دفع أحزاب المعارضة التونسية الى المطالبة بعزله من رئاسة البرلمان.
وفي وقت سابق أثار اتصال الغنوشي بالسراج لتهنئته باستعادة قاعدة الوطية في طرابلس حفيظة الأحزاب التونسية المعارضة وحتى الحاكمة منها (حركة الشعب) ودفعها الى عقد جلسة لمساءلته كادت أن تنتهي بسحب الثقة منه.
وتقول رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي إن "حركة النهضة الاسلامية ما هي إلا واجهة سياسية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، كما تتهمها بالاصطفاف خلف أجندات التنظيم في ليبيا والمنطقة.