تسقيف سعر النفط والغاز الروسيين يهدد استقرار السوق
موسكو - تسعى الدول الغربية لزيادة تضييق الخناق على موسكو من خلال الحد من إيراداتها النفطية التي تعتقد أنها تستخدم في تمويل الحرب في أوكرانيا وتأتي ضمن سياق توسيع العقوبات المشددة، لكن روسيا الشريك في تحالف أوبك+ والتي تتزعم عشرة منتجين من خارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) شركاء في التحالف النفطي، حذّرت من أن الإجراءات الجديدة التي تستهدف تسقيف سعري نفطها وغازها ستهز استقرار سوق الخام.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين "يمكننا التأكيد بثقة على أمر، وهو أن اتخاذ مثل هذا القرار سيؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق النفط بصورة كبيرة".
وصدر هذا التحذير في وقت تدعو فيه عدة دول منذ أسابيع إلى خفض سعر بيع النفط الروسي للحد من العائدات التي تستخدمها موسكو لتمويل هجومها العسكري على أوكرانيا.
ودعت مجموعة السبع الجمعة "ائتلافا واسعا" من الدول إلى المشاركة في وضع سقف لسعر الغاز الروسي.
وأعلنت مجموعة السبع أنها ستفرض "بصورة عاجلة" سقفا على أسعار النفط الروسي داعية "ائتلافا واسعا" من الدول للانضمام إلى هذا الإجراء بهدف حرمان موسكو من قسم من مواردها من قطاع الطاقة، في إعلان صدر الجمعة.
وكتب وزراء مالية الدول السبع في الإعلان أن "سقف الأسعار سيحدد عند مستوى يستند إلى سلسلة من البيانات الفنية وسيقرره التحالف بمجمله قبل وضعه موضع التنفيذ" مؤكدين أن الأسعار في المستقبل "ستحدد علنا بصورة واضحة وشفافة".
وتم التوصل إلى القرار الذي ينبغي تطبيقه "بصورة عاجلة" بحسب الإعلان، خلال قمة عبر الإنترنت عقدها وزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان).
وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر للصحافيين في ختام الاجتماع إن "روسيا تستفيد اقتصاديا من انعدام اليقين المخيم في أسواق الطاقة على ارتباط بالحرب"، مؤكدا أنها "تحقق حاليا أرباحا كبيرة بفضل تصدير مواد أولية كالنفط، ونريد التصدي لذلك بحزم".
وأوضحت مجموعة السبع في الإعلان أن "تحديد سقف للأسعار مصمم خصّيصا لخفض عائدات روسيا وقدرتها على تمويل حربها العدوانية مع الحد من وطأة الحرب الروسية على العالم" ولا سيما على "الدول المتدنية الدخل".
وسيكون بإمكان روسيا بيع نفطها لهذه الدول بسعر أدنى من الذي تعتمده حاليا، غير أنه يبقى أعلى من سعر الإنتاج، حتى تجد فائدة اقتصادية في مواصلة بيعه لهذه الدول ولا تقطع بالتالي إمداداتها.
ويكمن التحدي في ضم أكبر عدد ممكن من البلدان إلى هذا الإجراء لأن فرض سقف على أسعار النفط لن يكون مجديا إلا إذا شاركت فيه الدول المستوردة الكبرى برأي الخبراء الذين يشيرون أيضا إلى دور الصين والهند في المسألة.
وسعيا لتحقيق ذلك تدعو مجموعة السبع "كل البلدان إلى إبداء رأيها حول مفهوم وضع سقف للأسعار وتنفيذ هذا الإجراء الهام" سعيا لجمع "ائتلاف واسع" يزيد من مفاعيل القرار.
وباشر قادة دول مجموعة السبع بدفع من واشنطن في نهاية يونيو/حزيران بحث مسألة وضع الآليات المعقدة لفرض سقف على أسعار النفط الروسي، في إجراء يقوم على منع شركات التأمين وإعادة التأمين من تغطية النقل البحري للنفط الروسي.
وحذر نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف بمسائل الطاقة ألكسندر نوفاك الخميس من أن روسيا ستتوقف عن بيع النفط إلى الدول التي ستطبق هذا الإجراء.
وقال بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية "في ما يتعلق بالقيود على الأسعار ... سنتوقف بكل بساطة عن تسليم النفط أو المنتجات النفطية إلى الشركات أو الدول التي تفرض مثل هذه القيود".
واعتبر أن فرض سقف سيكون أمرا "عبثيا تماما" وسيتسبب بزعزعة استقرار السوق، و"سيكون المستهلكون الأوروبيون والأميركيون أول من يدفع ثمنه".
وأعلن الكرملين كذلك أن عمل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم" الذي يمد أوروبا "مهدد" بسبب نقص في قطع التبديل نتيجة العقوبات المفروضة على موسكو بسبب هجومها على أوكرانيا.
ويزيد هذا التحذير من الغموض المحيط بمستقبل إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الذي يعتبر شريانا حيويا لتدفق الغاز إلى اوروبا، وهي حاليا متوقفة بسبب أعمال صيانة يفترض أن تنتهي السبت بحسب موسكو.
وقال بيسكوف للصحافة "من الناحية الفنية، ليس هناك احتياطات، هناك توربين واحد يعمل"، مضيفا أن "موثوقية عمل النظام برمته مهددة"، مؤكدا أن هذا ليس نتيجة "خطأ من جانب غازبروم" المجموعة الروسية التي تؤمن الإمدادات عبر خط الأنابيب.
وخفضت موسكو بشدة إمدادات الغاز إلى الأوروبيين منذ بدء الهجوم العسكري على أوكرانيا في نهاية فبراير/شباط الماضي، ردا على العقوبات الغربية المفروضة عليها.
ويتهم الأوروبيون الكرملين باستخدام الغاز وسيلة ضغط عليها بسبب اعتمادها الكبير على مصدر الطاقة هذا، غير أن موسكو تنفي ذلك مشيرة إلى مشكلات فنية ناتجة عن العقوبات أو تأخير في تسديد المستحقات.
وتؤكد روسيا بصورة خاصة أن العقوبات تمنعها من استعادة توربين من صنع شركة سيمنز أرسل إلى كندا لإصلاحه، فيما تؤكد ألمانيا حيث يفترض أن يكون التوربين مثبتا، أن موسكو هي التي تعيق استعادة هذه القطعة الأساسية.
وأعلنت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة الثلاثاء تعليق شحناتها من الغاز لمجموعة إنجي الفرنسية "بالكامل" مؤكدة أنها لم تسدد ثمن الشحنات لشهر يوليو/تموز.
على صعيد آخر، علقت غازبروم الأربعاء إمداداتها عبر نورد ستريم الذي ينقل الغاز من روسيا إلى شمال ألمانيا ومنها إلى دول أوروبية أخرى.
ومن المتوقع استئناف الإمدادات عبر نورد ستريم صباح السبت بعد انتهاء أعمال الصيانة التي أعلنت عنها موسكو في محطة لضغط الغاز في روسيا.
وفي ظل المخاوف المتزايدة على الإمدادات ولا سيما مع اقتراب فصل الشتاء، تسعى الدول الأوروبية لإيجاد مزودين آخرين والحد من استهلاكها للغاز وسط ارتفاع حاد في الأسعار في السوق.
وأي بدائل للغاز الروسي ستكون مكلفة جدا بالنسبة لأوروبا وسيحتاج تأمينها إلى وقت طويل وستكون المسارات حتما ابعد مما كانت عليه، ما يكلف الاوروبيين نفقات ضخمة.
وفرضت الدول الغربية عدة دفعات من العقوبات على موسكو منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط.
وأقر الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران حظرا تدريجيا على النفط الروسي ينص بصورة خاصة على وقف الواردات من روسيا بحرا خلال ستة أشهر.