تشكيك في جدية تشكيل حكومة موازية في تونس

مشروع الحكومة الموازية لم يُذكر إلا على لسان رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي وشركاؤه في التنظيم ينفون علمهم بالأمر.
الشابي يعلن قرب تشكيل حكومة موازية ورفاقه في جبهة الخلاص يشككون
تونس

يشكك العديد من المتابعين في جدية قيام حكومة موازية في تونس تسميها جبهة الخلاص حكومة إنقاذ وطني. والتشكيكات تأتي حتى من داخل الجبهة نفسها التي يبدو أنها لم تتبلور لديها الفكرة بشكل كاف.
وقال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي  الأسبوع الماضي في ندوة صحفية في محافظة قفصة بالجنوب التونسي إن الجبهة تدعم تشكيل حكومة إنقاذ وطني، لافتا إلى أن "شروط قيامها في تونس بدأت تتشكّل".
وفي حديث خاص مع "ميدل إيست أونلاين" قال جوهر بن مبارك الذي يقود تنظيم مواطنون ضد الانقلاب، أحد أبرز مكونات الجبهة، إن مسألة حكومة الإنقاذ الوطني غير واردة في المرحلة الحالية ولم يقع التطرق إليها في اجتماعات الجبهة".
وهو ما يتقاطع مع تصريحات سابقة للأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي (شقيق نجيب الشابي) نفى فيها نية المعارضة تشكيل حكومة موازية، مشيرا إلى أنه لم يقع التشاور في المسألة من أساسها. 
وأفاد بيان نشرته جبهة الخلاص على صفحتها الرسمية على فيسبوك ان رئيس الجبهة احمد نجيب الشابي التقى الأربعاء، القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة ناتاشا فرانشيسكي وأطلعها على نشاطات الجبهة وأهدافها وبرنامجها.
وأضاف البيان أنه "تمّ التطرق إلى سُبل تعزيز العلاقات التونسية الأميركية في ميدانَي التنمية الاقتصاديّة ودعمِ الديمقراطية".
 

أساليب الاستنجاد بالأجنبي التي تعتمدها جبهة الخلاص لم تعد ناجعة

وعن أهمية هذا اللقاء واحتمال دعم الولايات المتحدة للمعارضة ضد رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي يستعد للدخول بالبلاد في مرحلة جديدة، قلل رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين" من أهمية مثل هذه اللقاءات مشيرا إلى أن ذلك "يدخل في إطار العمل اليومي الذي تقوم به السفارات الأجنبية في بلادنا الراغبة في الاطلاع على كل الأمور ومن جميع الأطراف".
واستدرك الناصري قائلا "لكن ذلك لا ينفي صفة العمالة والخيانة والاستقواء بالأجنبي التي دأبت عليها عدة أطراف في المعارضة التي تحاول الاستنجاد بالسفارات الأجنبية ضد وطنها"، مشيرا إلى "مثل تلك الأساليب لم تعد ناجعة ولن توصل الشابي وجبهة الخلاص إلى غايتهم وهي أحذ نصيبهم من كعكة السلطة".
ومنذ بدأت جبهة الخلاص في ترويج اعتزامها تشكيل حكومة موازية رد رئيس الجمهورية بوضوح في نيسان/أبريل الماضي بالقول إن "الدولة التونسية واحدة ومن أراد أن يزرع بذور الفتنة أو أن يُعلن حكومة موازية أو برلمانا كما قيل بالمنفى فليلتحق بالمنفى وينسى البرلمان".
وأضاف أن "تونس للتونسيين تبسط سيادتها على كل أراضيها ومياهها الإقليمية وأجوائها ولن تترك أحدا يعتدي عليها. ومن يُحاول التسلل فهو واهم وسيتكسر وهمه على جدار سميك اسمه قواتنا المسلحة الأمنية والعسكرية".
واعتبر حزب التحالف من أجل تونس وقتها في بيان، أن "إعلان أحمد نجيب الشابي تكوين جبهة للخلاص والعزم على إعلان حكومة موازية بدفع ورعاية من حركة النهضة هو إعلان عصيان وخروج عن قوانين الدولة التونسية وجريمة في حق استقرارها ووحدة الشعب التونسي"، مشددا على  أن "الواجب على كل الوطنيين الصادقين يفرض التصدّي له حفاظا على استقرار البلد والسلم الاجتماعي".
 

اقتصار جبهة الخلاص على النهضة وتوابعها من الأحزاب الصغيرة سيجعلها ضعيفة ولن تقدر سوى على إعادة تدوير الحركة بوجوه جديدة 

وفي حديثه لـ"ميدل إيست أونلاين" قال رئيس الحزب إن لقاء الشابي بالمسؤولة الدبلوماسية الأميركية "لا يعني أن الأميركيين يراهنون على الشابي بل بالعكس هم يعرفون أكثر منا مدى محدوديته ولا يؤمنون بأن جبهة الخلاص قادرة على فعل شيء. هو لقاء روتيني لا غير".
وأضاف أن جبهة الخلاص غير قادرة على مواجهة إرادة الشعب الذي ساند مسار 25 يوليو لذا هي تبحث عن داعم لها مرة في الداخل عبر اتحاد الشغل الذي تبرأ منها، ومرة في الخارج عبر الاتصال بالسفارات الأجنبية".
وعن احتمال تكرار السيناريو الليبي في تونس بمعنى دولة واحدة وحكومتين، استبعد الناصري هذا السيناريو قائلا إن الحكومة الموازية لن تتشكل وإن شُكلت لن تلقى التفافا شعبيا خاصة وأن الاستفتاء على الدستور الجديد بات وشيكا وسيقطع كل محاولات المعارضة الانقلابية بقيادة جبهة الخلاص".
وتعليقا على مدى نجاعة جبهة الخلاص كتنظيم معارض قال المحلل السياسي زياد الهاني إن "اقتصار الجبهة على حركة النهضة وتوابعها من الأحزاب الصغيرة سيجعلها ضعيفة ولن تقدر سوى على إعادة تدوير النهضة بوجوه جديدة في محاولة لإضفاء شرعية جديدة عليها". وأضاف أن "الجبهة وُلدت ميتة".
وتضم الجبهة خمسة أحزاب وهي النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة وحزب أمل، وخمس منظمات وهي مواطنون ضد الانقلاب واللقاء الوطني للإنقاذ وتوانسة من أجل الديمقراطية ومبادرة اللقاء من أجل تونس، ونواب سابقون بالبرلمان المنحل.
وأعلن رئيس الجمهورية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن خارطة طريق لإنهاء الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
 وسيتوجه التونسيون في الـ25 من يوليو/ تموز المقبل للاستفتاء على الدستور الجديد، بينما ستجرى انتخابات تشريعية مبكرة في الـ17 من كانون الأول/ ديسمبر القادم.
ويعتقد محللون أن تحركات جبهة الخلاص على مستوى السفارات الأجنبية والتلويح بتشكيل حكومة موازية إنما يدخل في إطار التشويش على تلك المواعيد الوطنية المصيرية (استفتاء وانتخابات تشريعية).