تصريحات ضارة غير نافعة

لو افترضنا ان الزهار يقول الصواب، فما هو ثمن اقامة الخلافة؟
كم حرب خاضتها غزة مع الاحتلال الصهيوني وناضلت وحدها؟
الزهار لا يعتبر القضية الفلسطينية من أولويات حماس بل إعادة الخلافة التي تحمل رايتها ايران وتركيا

الدكتور محمود الزهار أدلى بتصريحات هبطت به من "أبو الشهداء" الى "أبو المشروع الايراني" وكم أضرت هذه التصريحات بالقضية الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني، وبحركة حماس على وجه الخصوص، فهو لا يعتبر القضية الفلسطينية من أولويات حماس، بل إعادة الخلافة الاسلامية التي تحمل رايتها ايران وتركيا، ليس لأنها تحقق مصالح العرب، بل لأنها تعلي راية الإسلام حتى لو كانت على حساب العرب على الرغم من الحروب التي اشتعلت منذ فجر العصر الاسلامي وانقسام المسلمين وتسوية خلافاتهم بالسيف ودحرجة الرؤوس.

لقد جرب العرب كل التيارات الفكرية من التطرف الى الاعتدال الى الشيوعية ولم يحققوا شيئا ولا تزال أراضيهم مشاعا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكنهم لم يجربوا الوحدة على شاكلة فيدرالية الولايات المتحدة الأميركية، وتطبيق القانون على الجميع وترك الغيبيات وجعلها حرية شخصية للفرد، وأي طريق آخر مصيره الفشل. وهو ليس بالأمر العسير لأنه لا يتطلب سوى أمور إجرائية كتوحيد الجيوش وحرية التنقل مع بقاء كل حاكم على عرشه لأن العرش مهم بالنسبة لهم أكثر من الأوطان. ولو أن كل الحروب الداخلية التي خاضها العرب كانت من أجل توحيدهم لأنجزوا شيئا، أما الحروب الدينية فلن تصل الى نتيجة، حتى لو أقيمت الخلافة الاسلامية لأن هناك ثغرة كبيرة تدخل من خلالها أية دولة ترغب بتدمير الدول العربية وهي المذاهب والطوائف التي خاضت الحروب منذ فجر العصر الاسلامي حتى يومنا هذا، نظرا لانعدام التجانس الفكري فكيف يمكن جمع الناس على نهج واحد فيما هم مختلفون في أمور مبدئية، فتارة ترى الإسلاميين ينادون بقتل المرتد وتارة ينادون بحرية المعتقد، وتارة ينادون بالجهاد لنشر الاسلام وتارة ينادون بالتعايش السلمي وحسن الجوار.

كم حرب خاضتها غزة مع الاحتلال الصهيوني وناضلت وحدها؟ والكل يعرف مما يجري على أرض الواقع أن الميليشيات قادرة على تحرير فلسطين أكثر من الجيوش، ولكنها منقسمة ولا تريد تحرير فلسطين خشية اندلاع حروب أشد ضراوة فيما بينها.

كانت أكبر مأساة شهدها العرب هي اتفاقية سايكس بيكو، ونظرا لأنهم يعانون من البلادة وقلة الحيلة، فقد فشلوا في تغيير الخريطة بشكل يضمن لهم سلامة أرضهم وشعبهم، فالذي يريد مصلحة البلاد يسير في الطريق الصحيح ولا يستخدم مقياس الربح والخسارة الشخصية، فالنذالة سهلة وثمنها البلاد والأبرياء، أما المصلحة العامة فلا يلتزم بها سوى من يملك ضميرا ونفسا صافية ولا تهمه مصلحته الشخصية. هل كانت حرب البسوس من أجل ناقة البسوس أم ثورة سياسية لأن كليب استحوذ على الماء لنفسه ولأنعامه؟ وكان سهلا عليه اقامة العدل وإعطاء الناس حقوقهم. إن تكلفة الحروب الجانبية أكبر بكثير من اتباع الحق وإقامة العدل لكي يصبح لدى الناس ولاء للوطن ويدافعون عنه دون أن يترددوا أو يخونوا.

لو افترضنا ان الزهار يقول الصواب، فما هو ثمن اقامة الخلافة؟ لا شك أنه سيكون باهظا تزهق في سبيله ملايين الأرواح، لأنه لا يمكن توحيد المسلمين، لأن كلا منهم ينهل من معين وكل منهم يفسر الاسلام بشكل مختلف ولهم أدبيات مختلفة تماما، ولا يزالون يندبون مقتل أشخاص قضوا منذ قرون ونسوا أن ملايين المسلمين قتلوا ولا يزالوا يقتلون، وكلما رغبت الولايات المتحدة وبريطانيا بتدمير بلد حركتا النوازع والانتماءات الدينية لكي يجهز الناس على بعضهم البعض. والغريب أن الأمثلة واضحة وجارية الآن وليست خفية وليست من الماضي ومع ذلك لا يزال البعض متحمسا ليستشهد ويفوز ب 80 حورية كلما ضاجعها عادت عذراء.