تضييقات تضطر قادة فصائل فلسطينية موالية لإيران لمغادرة سوريا

السلطات السورية صادرت ممتلكات معظم الفصائل من منازل شخصية ومقرات وسيارات ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى.

دمشق - اضطر قادة فصائل فلسطينية كانت مقرّبة من نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وتلقت دعما من طهران، إلى مغادرة سوريا، بعد تضييق من السلطات ومصادرة ممتلكاتهم، فيما لم يأت هذا الانسحاب من فراغ بل هو نتيجة ضغوط مارستها الولايات المتحدة والقوى الغربية من أجل دفع دمشق إلى إبعاد أذرع طهران وقطع الطريق أمام محاولات إيران استعادة إيران نفوذها في البلاد.

وكانت واشنطن التي تصنّف فصائل فلسطينية عدة "منظمات إرهابية"، حضّت السلطات الجديدة قبيل أسابيع من رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا على تحقيق شروط عدة، بينها أن "تمنع إيران ووكلاءها من استغلال الأراضي السورية".

وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض الأسبوع الماضي بـ"ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين"، وفق البيت الأبيض.

وأكد قيادي في فصيل فلسطيني رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق أن "معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعما من طهران غادروا دمشق" إلى دول عدة بينها لبنان.

وعدّد من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وخالد عبدالمجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة.

وتنضوي تلك الفصائل مع مجموعات أخرى من لبنان والعراق واليمن في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، التي كانت أبرز داعمي الأسد. وقاتل عدد منها إلى جانب القوات الحكومية السابقة إثر اندلاع النزاع عام 2011.

وأوضح القيادي الفلسطيني أن قادة الفصائل "لم يتلقّوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، وتمّت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا عن اعتقال زملائهم"، مضيفا "باتت تلك الجماعات ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع".

وكانت حركة الجهاد الاسلامي أعلنت في 22 أبريل/نيسان أن السلطات السورية اعتقلت اثنين من قادتها، هما مسؤول الساحة السورية خالد خالد ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري وقال مصدر من الحركة لفرانس برس اليوم الجمعة إنهما "ما زالا معتقلين".

نشعر أننا ضيوف غير مرحب بنا، وإن لم يقولوا ذلك بشكل صريح

وفي 3 مايو/أيار، أوقفت السلطات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة طلال ناجي لساعات، وفق ما أفاد مسؤولون في الفصيل حينها.

وقال مصدر فلسطيني آخر في دمشق، من من دون الكشف عن هويته، "لا يوجد أي تعاون بين معظم الفصائل الفلسطينية والادارة السورية الجديدة".

وأوضح "غالبا ما يكون الرد على تواصلنا معها باردا أو متأخرا، ونشعر أننا ضيوف غير مرحب بنا، وإن لم يقولوا ذلك بشكل صريح".

وبحسب القيادي الأول، "صادرت السلطات ممتلكات معظم الفصائل من منازل شخصية ومقرات وسيارات ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى".

وأوضح أن الفصائل سلّمت السلاح الموجود في مقراتها أو لدى كوادرها بالكامل إلى السلطات التي تسلمت كذلك قوائم بأسماء من لديه قطع فردية من عناصر الجماعات وطالبت بها.

ومنذ منتصف الستينات، استضافت سوريا العديد من الفصائل الفلسطينية المناهضة لإسرائيل. واتخذ بعضها من دمشق مقرا له. وقبيل عام 2011، شكلت دمشق قاعدة رئيسية لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، التي غادرت في العام اللاحق على خلفية تدهور علاقتها مع الحكم السابق ودعمها لمطالب المعارضة.

وكانت دمشق خلال عهد الأسد تعتبر حليفاً استراتيجيا لطهران التي قدمت دعماً هائلاً للنظام السوري خلال الحرب الأهلية ورأى البعض أن البلاد تحولت إلى دولة عميلة لإيران، مع استخدام أراضيها ومواردها من قبل الجمهورية الإسلامية.

وشكل سقوط الأسد ضربة إستراتيجية كبيرة لإيران، حيث فقدت حليفا رئيسيا وعمقا إستراتيجيا مهما في المنطقة، فيما تحاول طهران التكيف مع الوضع الجديد وإعادة رسم استراتيجيتها في سوريا ومن المتوقع أن تسعى طهران للحفاظ على وجودها بطرق جديدة، خاصة من خلال دعم حلفائها المحليين واستغلال حالة عدم الاستقرار.