تمديد حبس الناشط كافالا في محاكمة يطغى عليها الطابع الانتقامي

جماعات حقوقية تعتبر أن قضية الناشط التركي عثمان كافالا مؤشر على وضع حرية التعبير في عهد أردوغان الذي حكم تركيا كرئيس للوزراء ومن ثم رئيسا للبلاد.
كافالا يدفع ببراءته في مزاعم التورط في الانقلاب الفاشل
المحكمة الدستورية تنظر في قانونية إبقاء كافالا دون إدانة منذ ثلاث سنوات
الطابع الكيدي يظهر جليا في مسار قضية تختزل ترهيبا ممنهجا لخصوم أردوغان

اسطنبول - قررت محكمة في اسطنبول الجمعة إبقاء الناشط التركي عثمان كافالا في السجن في ختام الجلسة الأولى من محاكمة جديدة بتهمة الضلوع في الانقلاب الفاشل في 2016، في فصل من القضية المثيرة للجدل والتي يعتبرها حقوقيون كيدية وانتقاما من معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأيدت المحكمة طلب النيابة العامة برفضها طلب الإفراج عن كافالا طول مدة المحاكمة الذي تقدم به محامو الناشط المسجون منذ ثلاث سنوات.

ويحاكم الأكاديمي الأميركي هنري باركي غيابيا إلى جانب كافالا في قضية مرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان في العام 2016.

وقال كافالا للمحكمة عبر الفيديو "لقد عارضت الانقلابات العسكرية طيلة حياتي وانتقدت تدخل الجيش في السياسة"، مضيفا على مسامع زوجته الحاضرة في قاعة المحكمة "هذه الاتهامات تتناقض بشكل صارخ مع نظرتي للعالم وقيمي الأخلاقية".

وتأتي محاكمة كافالا البالغ من العمر 63 عاما في وقت تدرس فيه المحكمة الدستورية ما إذا كان توقيفه المستمر من دون إدانة منذ أكثر من ثلاث سنوات، قانونيا.

وتعتبر جماعات حقوقية أن قضية كافالا مؤشر على وضع حرية التعبير في عهد أردوغان الذي حكم تركيا كرئيس للوزراء ومن ثم رئيسا للبلاد منذ العام 2003.

وكان رجل الأعمال الباريسي المولد، عضوا مؤسسا لمنظمة "أوبن سوسايتي فاونديشن" التي أسسها جورج سوروس في تركيا، كما ترأس مجموعة تعمل على تعزيز العلاقات بين الثقافات المختلفة من خلال الفنون.

ووصف الرئيس التركي كافالا بأنه "ممثل سوروس في تركيا" بعد أيام قليلة من توقيفه للمرة الأولى في مطار أتاتورك القديم في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

عثمان كافلا محتجز منذ أكثر من ثلاث سنوات دون ادانة
عثمان كافلا محتجز منذ أكثر من ثلاث سنوات دون ادانة

وبقي كافالا في السجن رغم تبرئته في فبراير/شباط في إطار التظاهرات التي اندلعت العام 2013 للاحتجاج على الهدم المزمع لمتنزه في اسطنبول وشكلت أول تحد جدي لحكم أردوغان.

وأعيد توقيفه قبل أن يتمكن من مغادرة قاعة المحكمة بتهم جديدة بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري في عملية الانقلاب الفاشلة في العام 2016. وهو ما اعتبره حينها "تعذيبا نفسيا".

ودعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى "الإفراج الفوري عن كافالا" للمرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2019.

وصاحب مثوله أمام المحكمة الجمعة تكهنات بشأن تخفيف محتمل للضغط السياسي والقانوني المفروض على خصوم أردوغان االقدامى.

واضطر أردوغان الشهر الماضي إلى التخلي عن صهره الذي كان يتمتع بنفوذ كبير وكان ينظر إليه على أنه ثاني أقوى شخصية في تركيا، وتعيين فريق أكثر فعالية لمعالجة المشكلات الاقتصادية المتزايدة في البلاد.

ووعد بإطلاق إصلاحات قضائية في الوقت نفسه لاستعادة المستثمرين الأجانب الذين فضّلوا الابتعاد عن تركيا بسبب الوضع الحالي لسيادة القانون فيها.

ودفع التغيير المفاجئ في اللهجة نائب رئيس الوزراء السابق وحليف أردوغان بولنت أرينتش، إلى القول في مقابلة تلفزيونية إنه "مصدوم بحقيقة أن (كافالا) لا يزال قيد الاحتجاز".

لكن أردوغان نأى بنفسه عن التعليقات بعد بضعة أيام واضطر أرينتش إلى الاستقالة من الهيئة الاستشارية للرئيس نتيجة لذلك، لكن كان لافتا مؤخرا عودته لهذه القضية مجددا بالتلميح لكافالا وفي إصرار على الانتقام من خصومه.

كذلك، يعلق أنصار كافالا آمالهم على جلسة استماع للمحكمة الدستورية بشأن التماس تقدّم به للمطالبة بالإفراج الفوري عنه. ولا يزال موعد إعلان الحكم غير واضح.

وقال المحامي في مجال حقوق الإنسان كريم التيبارماك "لن أفاجأ إذا قررت المحكمة الدستورية الإفراج عن كافالا"، مضيفا "إستراتيجية الحكومة تقوم على القول أنا لم أفرج عنه... شخص آخر قام بذلك".

وفي حال إدانته بتهمة محاولة قلب النظام الدستوري، سيحكم على كافالا بالسجن مدى الحياة. وتحتمل تهمة التجسس عقوبة بالسجن 20 عاما إضافيا.

ويجري النظر في قضيته إلى جانب قضية الأكاديمي الأميركي المولود في تركيا هنري باركي، وهو عضو سابق في فريق وضع السياسات في وزارة الخارجية الأميركية ويعيش في الولايات المتحدة ويحاكم غيابيا.

وتستند الاتهامات ضد باركي إلى مؤتمر نظمه بشأن إيران في فندق على جزيرة قبالة اسطنبول تزامنا مع محاولة الانقلاب العام 2016. وتقول لائحة الاتهام إن باركي استخدم المؤتمر كغطاء لتنسيق الانقلاب مع كافالا.

وتضمنت لائحة الاتهام أيضا بيانات من أجهزة هواتف محمولة حددت موقعه وكافالا في أحياء اسطنبول نفسها في الوقت ذاته.

ويشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن مثل هذه البيانات ليست ذات صلة وسبق أن قضت المحكمة الدستورية بعدم قبولها.

ووصف باركي التهم الموجهة إليه بأنها "مهزلة من الدرجة الأولى". وقال في بيان أرسله من الولايات المتحدة "ليس لديهم أي دليل ضدي ولا يمكن أن يكون لديهم واحد، لذلك فهم يختلقون" الأمر برمته.