توقعات بفوز إيران في الانتخابات بلبنان والعراق

الاستحقاق الانتخابي يختبر مدى النفوذ الإيراني

بيروت - تتوقع جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية وحلفاؤها أن يخرجوا أقوى من الانتخابات البرلمانية التي ستجرى يوم الأحد وهي النتيجة التي من شأنها أن تؤكد على صعود إيران بالمنطقة من طهران إلى بيروت.

ويكافح سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني المدعوم من الغرب والزعيم السنّي في لبنان للحد من الخسائر التي من المتوقع أن يمنى بها في أول انتخابات برلمانية منذ تسع سنوات. ومع ذلك فإنه من المتوقع أن يشكل الحكومة القادمة.

وسيسلط فوز حزب الله المدعوم من ايران وحلفاؤه الضوء على ميزان القوى المائل بالفعل لصالح الجماعة الشيعية المدججة بالسلاح وتراجع دور المملكة العربية السعودية في بلد كانت تتمتع فيه يوما بنفوذ كبير.

وحزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة جماعة إرهابية هو عدو لدود لإسرائيل التي تشعر بقلق شديد من تنامي نفوذ إيران في المنطقة بما في ذلك في سوريا أين يقاتل دعما للنظام السوري منذ عام 2012.

من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن وصولا إلى المغرب

وتسبق الانتخابات اللبنانية الانتخابات العراقية التي تجري في 12 مايو/أيار وستسلط الضوء أيضا على نفوذ إيران إذ سيصبح واحد من ثلاثة زعماء شيعة مؤيدين لطهران رئيسا للوزراء.

وفي سوريا توسع إيران نفوذها من بوابة الدعم العسكري القوي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وهو تمدد كلفها خسائر بشرية كبيرة بمقتل المئات من عناصر الميليشيات المسلحة التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني وعشرات الجنرالات من الحرس الثوري نفسه.

وتبدو إيران مستعدة لدفع فاتورة التمدد في المنطقة مهما كانت باهظة مستفيدة في الوقت ذاتها من نشاط أذرعها من العراق إلى سوريا إلى لبنان وصولا إلى اليمن.

ويبدو أيضا أنها وجهت بوصلتها صوب المغرب العربي بدعمها جبهة البوليساريو الانفصالية وتسهيل تدريب وتسليح حزب الله اللبناني للعصابة الانفصالية التي تنازع المغرب على سيادته على صحرائه.

ويشكل تدخلها الذي كشفته الرباط واشفعته بطرد السفير الإيراني، محاولة لمفاقمة التوتر القائم أصلا بين المغرب والجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو الانفصالية.

وضع الحريري

وفي العام 2009 فاز تحالف مناهض لحزب الله يقوده الحريري وتدعمه السعودية بأغلبية في البرلمان، لكن منذ ذلك الحين تفككت قوى 14 آذار وحولت السعودية تركيزها إلى مواجهة إيران في أماكن أخرى.

ويجري التصويت لاختيار البرلمان المؤلف من 128 مقعدا وفقا لقانون جديد معقد يرتكز على النسبية أعاد رسم الدوائر الانتخابية وحل محل القانون القديم الذي يحسم فيه النتيجة من يفوز بأغلبية بسيطة. وتتوزع المقاعد في البرلمان بين مجموعات طائفية وفقا لنظام تقاسم السلطة.

وعلى الرغم من التوقعات بأن يخسر الحريري بعضا من مقاعده النيابية البالغة 33 التي فاز بها عام 2009 فإن محللين يعتقدون أنه سيخرج بأكبر كتلة سنية.

لكن وضعه باعتباره السني المهيمن في لبنان يواجه تحديا لم يسبق له مثيل في ظل ترشح شخصيات سنّية حليفة لحزب الله ورجال أعمال أثرياء كمستقلين.

ويعتبر غرب بيروت واحدا من ساحات المنافسة السنّية الرئيسية فهو معقل قديم للحريري. وفي كلمة ألقاها الخميس قال الحريري إن القوائم التي تتألف كل منها من ثمانية مرشحين وتنافس تيار المستقبل هناك تصل إلى حد كونها مؤامرة من حزب الله.

وأدى التنافس السنّي الشديد إلى عنف في الشوارع في غرب بيروت يوم الخميس مما استدعى انتشار الجيش.

كما يقوم حزب الله بحملة دعاية انتخابية شرسة مما يعكس تشككا إزاء النتائج التي سيأتي بها القانون الجديد والذي يُعرض مقاعد كانت آمنة ذات يوم للخطر.

وحث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنصاره مرارا وتكرارا على المشاركة بقوة في عملية التصويت، فيما عمد أنصاره لترهيب مرشحين من خلال الاعتداء على مرشح شيعي معارض لحزب الله.

المساعدات العسكرية الأميركية

ومن شأن تحقيق حزب الله فوزا كبيرا أن يثير قلق الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة التي تمد الجيش اللبناني بالسلاح والتدريب.

ويتوقع محللون أن يفوز حزب الله وحلفاؤه، الذين يعتبرون سلاحه مصدر قوة للبنان، بأكثر من نصف المقاعد، لكنهم لا يتوقعون حصولهم على أغلبية الثلثين التي ستسمح لهم بتمرير القرارات المهمة مثل تعديل الدستور.

وورث الحريري دوره السياسي بعد اغتيال والده رفيق في عام 2005. وقد اتهمت محكمة مدعومة من الامم المتحدة خمسة أعضاء من حزب الله في ما يتصل بقتله، لكن حزب الله الذي هو جزء من حكومة الحريري ينفي أي دور له.

واهتزت شبكة الحريري السياسية في لبنان على مدى السنوات القليلة الماضية بسبب انهيار شركته سعودي اوجيه للمقاولات التي أدّرت مليارات الدولارات على عائلة الحريري وكان ينظر إليها على أنها وسيلة لدعم المملكة العربية السعودية لتيار المستقبل.

ووصلت العلاقات السعودية اللبنانية إلى أدنى مستوى في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بعدما ظل الحريري في الرياض لفترة قصيرة وأعلن من هناك استقالته من منصب رئيس الوزراء.

ولدى عودته إلى بيروت تراجع الحريري عن الاستقالة. ونفى مرار أنه أجبر على الاستقالة ونفت السعودية بدورها أن تكون قد وضعته رهن الإقامة الجبرية في المنزل.

ورواية الاحتجاز واجباره على الاستقالة روّج لها بقوة حزب الله وحلفاؤه في محاولة لإحراج السعودية، لكن الحريري كان واضحا في ردّه على تلك الاشاعات بتأكيده أن السبب الرئيسي للاستقالة (قبل ان يتراجع عن قراره) هو سطوة حزب الله على قرار لبنان السيادي وتدخلات إيران في شؤون لبنان، نافيا نفيا قاطعا أي دور للرياض في قرار استقالته التي أعلنها قبل أن يتراجع عنها لاحقا نزولا عند طلب الرئيس اللبناني ميشال عون وأنصار تيار المستقبل وأيضا بشرط عدم الزج بلبنان في الصراعات الاقليمية في إشارة إلى تدخلات الجماعة الشيعية المدعومة من طهران في شؤون دول عربية.

وعاودت السعودية فتح خط ائتمان للبنان بقيمة مليار دولار، لكن لا توجد مؤشرات على دعم مالي للحريري. ويقول أنصار الأخير إن ذلك يصب في مصلحة إيران.

وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة السابعة بالتوقيت المحلي من صباح يوم الأحد وتغلق في الساعة السابعة مساء (16:00 بتوقيت غرينتش).

ومن المتوقع أن يعيد البرلمان الجديد انتخاب نبيه بري السياسي الشيعي المخضرم والحليف لحزب الله رئيسا لمجلس النواب. ثم يتعين على الرئيس ميشال عون وهو مسيحي ماروني متحالف مع حزب الله، أن يرشح السنّي الذي حصل على أكبر دعم من النواب لمنصب رئيس الوزراء.

ومن المتوقع أن ترشح أحزاب من بينها التيار الوطني الحر الذي أسسه عون وحركة أمل الشيعية بزعامة بري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة الدرزي وليد جنبلاط، الحريري لرئاسة الوزراء.

وقال الحريري إنه ينبغي تشكيل الحكومة المقبلة بسرعة للمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية التي طالبت بها الدول والمؤسسات المانحة للإفراج عن مليارات الدولارات التي تعهدت بها في أبريل/نيسان لدعم الاقتصاد المتعثر.

ويتوجب على لبنان أن يعالج على وجه السرعة واحدا من أعلى مستويات الدين العام في العالم والذي بلغ أكثر من 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.