جاسر البزور يشعر 'على هامش الخجل' في المكتبة الوطنية بعمان

الديوان بحاجة إلى قراءات نقدية متعددة لسبر أغواره والوقوف على جمالياته الفنية.

وسط حفاوة وحضور كبير من الكتاب والأدباء والمثقفين، تم اشهار وتوقيع الديوان الثالث للشاعر جاسر البزور الموسوم "على هامش الخجل"  في دائرة المكتبة الوطنية بعمان، والذي جاء برعاية "دارة الشعراء" وبمشاركة الشاعر والناقد محمد سمحان الذي قدم قراءة نقدية، والشاعر محمد العموش الذي قد قراءة حسيّة في الديوان، وأدار مفردات حفل الاشهار الشاعر حسام شديفات.

الورقة النقدية الأولى كانت للشاعر محمد سمحان استهلها بالتعريف بالشعر فقال: أكبر ما ابتلي به الشعر العربي مقولة أن الشعر هو كل كلام موزون ومقفى، لأن هذه المقولة قد استباحت الشعر وفتحت أبوابه على مصراعيها لكل من هب ودب، وأدخلت على الساحة الشعرية أناسا لا علاقة لهم به، وأصبح كل مدرس للعربية يتقن تدريس العروض يكتب شعرا على طريقة البليط أو بناء الطوب ، إذ يمد خيطا وميزانا ويصف البلاط أو الطوب وينظم ما شاء من الكلام ويسميه شعرا ويعتلي المنابر ويصدر الدواوين ،فيختلط الحابل بالنابل مع غياب حركة نقدية حقيقية موضوعية غير مجاملة تفرز الغث من السمين.

وذكر سمحان بأن القصيدة العربية مرت بتطورات جمة على يد صريع الغواني وديك الجن وأبي نواس حتى وصلت للبحتري. هؤلاء الشعراء هم الذين طوروا الذائقة والشعر من الاعتماد على المفردة وجزالة الألفاظ والأسوب إلى الصورة الشعرية الملفتة والمدهشة بما تحمله من مجازات والانزياح وصور وتشابيه تبهر المتلقي وتجعله مفتونا بما يسمع وتثير فيه الدهشة وتحفز الخيال وتسحب البساط من تحت أقدام نظرية النظم والكلام الموزون والمقفى، فالموسيقى والإيقاع التي تعزفها اللغة والوزن والقافية بعض شروط القصيدة وليست كلها.

من هنا أقول  ما لفت انتباهي وأنا أقرأ في ديوان جاسر البزور أكثر من عشرين بيتا فيها من الشعر والشعرية في ابتكار الصور والمجازات والانزياحات ما يدهش أود من المتلقي ان يتنبه لها وهو يطالع الديوان حيث يقول جاسرمثلا:

"ما يفعل الشعر بي لو لم اكن سكنا 

 للحاملين على اكتافهم وطنا

ويكبر الذنب في طيني واجعله

 في عمق جب بماء الوصل يغتسل

ثم اتركيني عى الكثبان امسحها

براحة العطف لما اشتدت العلل".

حسام شديفات
جفل اشهار ادار مفرداته الشاعر حسام شديفات

من جهته قال الشاعر محمد العموش في مداخلته بدأها بالحديث عن عنوان الديوان وعلاقته بالمحتوى، مبينا أن عنوان الديوان يفتح باب التأويل أمام المتلقي إلى أن يدخل في القراءة فيكتشف خجل الشعر أمام القصائد الوطنية التي جمعت همّ الأمة وأهم قضاياها تحت المطالع الغزلية مستشهدا بعدة أبيات من قصائد الديوان حول الديوان المحتفى به

أما الشاعر المحتفى به وبديوانه قرأ مجموعة من القصائد التي تفاعل معها الحضور لفنيتها ولغتها العالية التي تمس شغاف القلوب وتعاين الواقع العربي المرير وقربها الذائقة الانسانية. ونختار مما قرأ من قصيدة "موعدٌ مع الغرق" التي يقول فيها:

"روحٌ من العطرِ في موجٍ مِنَ الثلجِ

تَطوفُ حَوْلِيَ كالنُّساكِ في الحَجِّ

فيها مِنَ الحُسنِأ آياتٌ مُتَمِّمَةٌ

لِمشيَةِ الظَّبْيِ والخيلاءِ والغَنْجِ

جاءَتْ مَعَ اللَّيْلِ أَوْسانٌ لِتُغْرِقَني

وكُنْتُ واليَأْسُ والأَوْهامُ في اللُّجِّ

أسْتَسْمِح القُدْسَ في دَمْعي وأذْرِفُهُ

على الشآمِ فَغِيضَ الدَّمْعُ في الفَجِّ

فَما رَوَيْتُ بِهِ نَخْلَ الفُراتِ وَما

خَدَّرْتُ ٱلامَ جُرْحِ البُنِّ ( بالْبَنْجِ )

وما عَثَرْتُ بِمَنْ ثارتْ حَمِيَّتُهُ

والعادياتُ ضُحًى تَصْطَفُ لِلسَّرْجِ

أسْلَمْتُ نَفْسي لَها لا شيء يَمْنَعُني

وَكَمْ غَريق قَضَى مِنْ شِدَّةِ المَوْجِ".

وفي ختام حفل الاشها قدم الشاعر تيسير الشماسين رئيس "دارة الشعراء" بتكريم الشاعر جاسر البزور حيث منحه درع الدارة، وكانت الدارة افتتحت الفعالية بكلمة ألقاها الشاعر الدكتور علي غبن.

ونذكر هنا بأن ديوان "على هامش الخجل" بحاجة إلى قراءات نقدية متعددة لسبر أغوار الديوان والوقوف على جمالياته الفنية، هذا وقد تمت طباعة المجموعة على نفقة الشاعر الخاصة وتم توزيعها على سبيل الإهداء للحضور في نهاية الفعالية.