جوزيف عون يزور أبوظبي والكويت في ظل تحديات عديدة تواجه لبنان

العلاقات اللبنانية الإماراتية تمتار بتاريخ متجذر حيث تجمع البلدين روابط سياسية واقتصادية وثقافية قوية أسيئ اليها من قبل قوى حليفة لطهران.
أبوظبي دعمت بيروت سياسيا واقتصاديا في فترات حاسمة من تاريخها

بيروت - يجري الرئيس اللبناني جوزيف عون، الأربعاء، زيارة رسمية إلى أبو ظبي تستمر يومين تلبية لدعوة من نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يعقد خلالها محادثات ثنائية ومع عدد من مسؤولي البلاد كما تسلم دعوة من أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لزيارة البلاد يومي 100 و12 من الشهر الجاري وذلك في خضم تحديات كبيرة تواجه الدولة اللبنانية خاصة بعد الحرب الإسرائيلية وفي ظل حالة من الضعف لوكلاء إيران وبالتحديد حزب الله حيث تسعى بيروت لمزيد الانفتاح على العواصم الخليجية للحصول على الدعم.

وتمتاز العلاقات اللبنانية الإماراتية بتاريخ متجذر في عمق الثقافة العربية المشتركة، حيث تجمع البلدين روابط سياسية واقتصادية وثقافية قوية. ورغم التحديات السياسية والاقتصادية التي مر بها لبنان، ظلت الإمارات شريكا داعما له في العديد من المجالات.
ووفق متحدثة الرئاسة اللبنانية نجاة شرف الدين، سيبحث الرئيسان العلاقات الثنائية بين البلدين وموضوع المقيمين اللبنانيين في الإمارات.

وذكرت رئاسة الجمهورية اللبنانية في بيان اخر أن القائم بأعمال سفارة الكويت في بيروت، ياسين الماجد، سلّم الرسالة للرئيس عون، والتي أكدت حرص القيادة الكويتية على تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين وتطوير التعاون في مختلف المجالات مشددة على أن زيارة عون ستتيح "فرصة لتعزيز التنسيق القائم بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة، ويحقق المزيد من الازدهار والتقدم للشعبين الشقيقين".
وافتتحت الإمارات سفارتها في بيروت عام 1974 حيث منح رئيسها الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 150 مليون دولار لتمويل مشروع الليطاني في لبنان الذي يعد من أهم المشاريع المائية في الشرق الأوسط.
وفي العام نفسه، قرر الشيخ زايد الإسهام في الخطة الدفاعية للبنان بمساعدة مالية قدرها 300 مليون دولار.وشهدت مرحلة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، عددا من المبادرات الإماراتية الهادفة لترسيخ السلم الأهلي في البلاد وإعادة إعمارها ودعم استقرارها وازدهارها.
وقدمت الإمارات هبات وقروضا مالية للحكومة اللبنانية لتمويل مشاريع بالبنية التحتية والتعليم والصحة، وغيرها من المجالات مجددة التزامها بمساعدة الشعب اللبناني في مسيرة البناء والتعمير، عقب تحرير جنوب لبنان عام 2000.
واجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان في المرة الأولى عام 1978 بذريعة حماية منطقة الجليل، ثم في سنة 1982 واحتل مناطق أوسع، وصولا إلى العاصمة بيروت.
وانسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، باستثناء مزارع شبعا وكفر شوبا. وفي 2006، شن عدوانا جديدا على جنوب البلاد.
ولمواجهة الأزمات الاقتصادية الخانقة التي شهدتها البلاد منذ مطلع الألفية الثالثة، قامت الإمارات عام 2003 بمد لبنان بـ300 مليون دولار لدعم خزينته، تنفيذا لمقررات مؤتمر"باريس 2".
وعقد مؤتمر "باريس 2" في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بقصر الإليزيه برئاسة الرئيس الفرنسي حينها جاك شيراك، وحضور 18 دولة و8 مؤسسات مالية ممثلة بتسعة رؤساء حكومات أوروبية وعربية ورؤساء صناديق ومؤسسات عربية ودولية.

وكانت الإمارات في حرب يوليو/تموز 2006 من الدول الأولى الداعمة للبنان، بهدف الحفاظ على أمنه واستقراره، وذلك مع إطلاقها في سبتمبر/أيلول من العام ذاته "المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان".
وفي 12 يوليو/تموز 2006 شن مقاتلو "حزب الله" هجوما عبر الحدود وقتلوا 8 جنود إسرائيليين (بينهم 5 أثناء عملية إنقاذ إسرائيلية فاشلة)، وأسروا جنديين، وطالب الحزب بمفاوضات غير مباشرة لمبادلتهم بسجناء ومعتقلين لدى إسرائيل.
وردت إسرائيل بحرب شاملة ومفتوحة، بدأت بحصار بحري وعمليات قصف جوي مكثف ثم توغل بري، واستمرت المعارك 33 يوما، قتل فيها 121 جنديا إسرائيليا و44 مدنيا، وبين 300 و800 قتيل من حزب الله، و43 من الجيش اللبناني وقوات الأمن، وسقط أكثر من ألف قتيل من المدنيين اللبنانيين، وآلاف الجرحى من الطرفين.
وقدمت الإمارات مساعدات مالية لدعم الاقتصاد اللبناني خلال الأزمات، بما في ذلك أزمة انفجار مرفأ بيروت عام 2020، كما تعد من أكبر المستثمرين في القطاع العقاري والمالي اللبناني.
ووقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، وأودى بحياة أكثر من 215 شخصا، وتسبب في إصابة نحو 6 آلاف و500 آخرين، وألحق أضرارا بقرابة 50 ألف وحدة سكنية، وقُدرت خسائره المادية بنحو 15 مليار دولار.

حزب الله وحلفاؤه أساءوا للعلاقات اللبنانية الخليجية
حزب الله وحلفاؤه أساءوا للعلاقات اللبنانية الخليجية

وتوجد جالية لبنانية كبيرة في الإمارات، تلعب دورا مهما في قطاعات الأعمال والطب والهندسة، وينظم البلدان فعاليات ثقافية مشتركة، منها معارض كتاب ومهرجانات فنية.
وشهدت العلاقات بين البلدين توترات في بعض الفترات، خاصة في ظل الخلافات السياسية الإقليمية، مثل الموقف من الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 ودور "حزب الله" فيها.
ومع ذلك، ظلت الإمارات حريصة على دعم الشعب اللبناني دون التدخل في الخلافات السياسية الداخلية.
وأواخر أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت الإمارات سحب دبلوماسييها من لبنان ومنع مواطنيها من السفر إليه، على خلفية أزمة تصريحات بشأن الحرب في اليمن لوزير الإعلام اللبناني الذي استقال لاحقا جورج قرداحي، قال فيها إن الحوثيين في اليمن "يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات".
وعقب انتخاب الرئيس اللبناني عون وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، زار رئيس المجلس الوطني الإماراتي صقر الغباش بيروت في 21 أبريل/نيسان الجاري لكسر الجمود في علاقات البلدين.
وأوائل يناير/كانون الثاني 2025، انتخب البرلمان اللبناني عون بأغلبية 99 نائبا من أصل 128، قبل أن يحلف القسم، ليصبح الرئيس الـ14 للبنان، والذي بدوره كلف سلام بتشكيل الحكومة.
وبعد إغلاق تجاوز 3 سنوات أعادت الإمارات فتح سفارتها في لبنان في 25 يناير الماضي، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية.
ووقتها، أكد عمر الشامسي وكيل وزارة الخارجية الإماراتية أن "إعادة افتتاح السفارة يمثل خطوة مهمة ضمن دفع التعاون بين البلدين إلى آفاق جديدة، ما يعكس التزام دولة الإمارات بدعم الاستقرار والتنمية في لبنان".
وأشار إلى أن "إعادة افتتاح السفارة يعكس العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين، ويُعزز من فرص التعاون في مختلف المجالات، ما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار لكلا البلدين والشعبين".
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان، يتوقع أن تظل الإمارات شريكًا أساسيًا في تقديم المساعدات الإنسانية والاستثمارات، خاصة في مجال الطاقة المتجددة والبنية التحتية. كما يمكن تعزيز التعاون في مجال السياحة والتبادل الثقافي.