حزب الله يقفز على دور الدولة باستضافة وفد من الحوثيين

الأمين العام لحزب الله يجري مباحثات مع وفد من الحوثيين برئاسة الناطق باسم جماعة أنصار الله وكبير مفاوضيها في خطوة تسقط مرة أخرى مبدأ حياد لبنان في النزاعات الإقليمية وتسلط الضوء على دور الجماعة الشيعية اللبنانية في الصراع اليمني.
حزب الله تدخل في الصراع اليمني دعما للحوثيين منذ مايو 2015

صنعاء - كشفت قناة المسيرة التابعة للمتمردين في اليمن وقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني أن وفدا برئاسة الناطق باسم الحوثيين ورئيس فريقها في المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة محمد عبدالسلام، التقى اليوم الجمعة بالأمين العام للجماعة الشيعية اللبنانية حسن نصرالله.

وبحسب المصدرين بحث الوفد مع نصرالله "آخر الأوضاع السياسية في المنطقة عموما ‏وفي اليمن خصوصا في ما يتعلق بمفاوضات الهدنة القائمة والتطورات الميدانية ‏وآفاق الحلول المطروحة".

ويقفز استقبال نصرالله لوفد الحوثيين على دور الدولة اللبنانية ويأتي في توقيت حساس بالنسبة لحكومة نجيب ميقاتي التي تعهدت بمنع الأذى على السعودية ومصالحها بعد الأزمة الدبلوماسية السابقة التي سحبت معها دول الخليج سفراءها قبل إعادتهم بعد تسوية الأزمة.

كما يأتي هذا التطور مع جهود إقليمية ودولية لضمان استمرار هدنة الشهرين في اليمن والتي تم تجديدها في مناسبتين على أمل أن تمهد لإعادة إحياء مفاوضات السلام.  

وتتهم واشنطن ودول خليجية بينها السعودية، حزب الله اللبناني بالقتال إلى جانب الحوثيين في الحرب ضد القوات اليمنية الحكومية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية.

وكانت تقارير غربية قد كشفت في السنوات الأخيرة أن عناصر من حزب الله اللبناني متورطة في الاعتداءات الإرهابية على السعودية بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية إيرانية الصنع، مشيرة إلى أن تلك العناصر تلقت تدريبات في معسكرات الحرس الثوري الإيراني وجرى تكوينها أساسا على منصات إطلاق الصواريخ والمسيّرات.

وأسقط حزب الله منذ سنوات مبدأ حياد لبنان في النزاعات الإقليمية وجرّ لبنان إلى أتون أزمة غير مسبوقة وسمم علاقات الدولة الخارجية، فبعد تورطه في الصراعات في كل من سوريا والعراق نيابة عن إيران، عدل الحزب بوصلته صوب اليمن.

وكان تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة قد أعلن في نهاية العام الماضي عن امتلاكه أدلة على تورط الجماعة الشيعية اللبنانية في الصراع اليمني واستخدام مطار صنعاء في استهداف السعودية، مشيرا إلى مواقع عسكرية محددة يتخذها خبراء من حزب الله وآخرون إيرانيون.

مجلة أميركية كشفت في تفرير سابق أن نصرالله هو العقل المدبر للهجمات على السعودية انطلاقا من اليمن
مجلة أميركية كشفت في تفرير سابق أن نصرالله هو العقل المدبر للهجمات على السعودية انطلاقا من اليمن

وفضح سقوط قتلى من عناصر حزب الله في معارك باليمن تورط الجماعة الشيعية في الصراع وفي العدوان على السعودية، ففي التاسع من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، كشفت الحكومة اليمنية عن مقتل أحد خبراء الحزب في جبهة مأرب.

وأكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني حينها مقتل المدعو أكرم السيد بقصف مدفعي للقوات اليمنية على جبهة أم ريش بمحافظة مأرب.

وقبلها كان التحالف العربي قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي قصف منشأة سرية تضم خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في الأراضي اليمنية.

وفي الشهر ذاته لقي العشرات من ميليشيا الحوثي مصرعهم وكان من بينهم خبير صواريخ من حزب الله يدعى حسين ذياب في إحدى غارات التحالف العربي على موقع للحوثيين في مأرب.

مجلة 'فورين بوليسي' الأميركية كانت بدورها قد سلطت الضوء على تورط حزب الله في الصراع اليمني، مشيرة إلى أن بداية التدخل كانت في العام 2015 تاريخ تدخل التحالف العربي دعما للشرعية في اليمن في مواجهة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية.

وتحدثت حينها عن لعب حزب الله دورا واسعا في الحرب اليمنية ما يفسر إلى حد كبير المكاسب الميدانية التي حققتها الميليشيا اليمنية المدعومة من إيران.

وبحسب المجلة الأميركية فإن نصرالله زعيم الجماعة اللبنانية كان العقل المدبر لاستهداف السعودية انطلاقا من اليمن. وقالت إن الحوثيين باشروا تحت اشراف حزب الله، بقصف المملكة في مايو/ايار 2015 أي بعد نحو شهرين من تدخل التحالف العربي لدعم الشرعية.

وأوضحت أن الهجمات كانت محدودة بقذائف الهاون وبصواريخ الكاتيوشا ثم صعدت الميليشيا اليمنية تدريجيا هجماتها بـ"استخدام صواريخ وقذائف ذات شحنات متفجرة أكثر وزناً وأطول مدى"، وصولا إلى المسيّرات والصواريخ الباليستية. وأكدت أن حزب الله هو من كان يدير منصات الصواريخ.

وقد عمل قبلها على برنامج التدريب والتسليح، وفق ما نقلته المجلة الأميركية عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية.

وأقر نصرالله ضمنا بدور حزب الله حين كان يشير في خطاباته إلى أن معركة مأرب التي احتدمت العام الماضي، هي "معركة محور المقاومة".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي عاد نصرالله لينكر أي تدخل لقوات حزب الله في الصراع اليمني قائلا إن "الانتصارات في اليمن صنعها قادة يمنيون وعقول يمنية ومعجزات يمنية ونحن لا علاقة لنا بإنجازات اليمنيين"، لكن سقوط قتلى من الجماعة الشيعية فضح تورطها في النزاع.

وحتى اليوم، تستمر الهدنة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي منذ مطلع ابريل/نيسان الماضي، وسط مساع دولية لتمديدها عقب انتهائها في الثاني من أكتوبر/شرين الأول المقبل.