حسن عبدالرزاق يوثق تاريخ العراق في 'راشد يحصد'

الأديب العراقي يقدم توثيقا فيه كثير من التهكم على واقع السياسة العراقية في نطاق المدة الزمنية التي تدور فيها أحداث الرواية.

في منجزه السردي، سواء كان قصصيا أو روائيا، يميل الأديب حسن عبدالرزاق إلى التوثيق الرمزي لشخصيات حقيقية متواجدة في المجتمع العراقي، وحين أتحدث عن التوثيق فأنا أقصد أنه يكتب عن أحداث جرت فعليا في البلاد، لكنه يضيف لها مخيالاً قصصيا أو روائيا من نتاج إبداعه الخاص، فهو بلا شكّ يمتلك قدرة في سرد الأحداث من دون أن يكون مباشرا في طرحها، كما أنه يختار لمنجزه أسماء وعناوين غير حقيقية، ومن ثم يبثّ لنا عبر منظومة وعيه السردي نصّه الذي يحمل مراده الإبداعي.

في روايته "راشد يحصد" الصادرة عن دار تموز في دمشق يوثق حسن عبدالرزاق لمراحل عديدة من تاريخ العراق تنطلق من سبعينيات القرن الماضي وتنتهي إلى ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق من دون دخول في تفاصيل الراهن العراقي، وهو توثيق فيه كثير من التهكم على واقع السياسة العراقية في نطاق المدة الزمنية التي تدور فيها أحداث الرواية.

بطل هذه الرواية هو شخص ساذج لا يعي ما يدور حوله، وفضولي يقحم نفسه في أحداث لا ناقة له فيها ولا جمل، لكن القدر كان في صالحه، بعد أن تحوّل بفعل تلك المشكلات إلى شخص انتهازي يجيد توظيف الفرص لصالحه، عبر تحولات عديدة يسردها الراوي.

راشد وهو الشخصية الرئيسية في الرواية وكما أسلفنا هو شخص ساذج تصادفه في سبعينيات القرن الماضي تظاهرة ينظمها الشيوعيون الذين يرمز لهم الروائي بمسمى "الشمسيون" ضد حلفاؤهم آنذاك ويقصد البعثيين وقت استلامهم الحكم، وبسبب سذاجته وفضوله يدخل راشد بين المتظاهرين مرددا ما يرددون من شعارات، وأثناء التظاهرة تحدث اشتباكات بين الطرفين ويتم اعتقال عدد من المتظاهرين ويكون راشد من ضمنهم، فيساق إلى مركز اعتقال.

'راشد يحصد'

راشد البطل في هذه الرواية وبعد حادثة الاعتقال وبفنتازيا أقرب للواقعية يصير قياديا من الخطوط الخلفية المهمة للبعثيين، ويتحول إلى مسؤول مهم في محل سكناه ويرتدي الزيتوني، ويتحول إلى الآمر الناهي في صفوف الحزب الذي ينتمي إليه، ولشدة ولهه بالمناصب يكلف بمهام كثيرة آخرها الذهاب للحرب ضمن قواطع الجيش الشعبي، وهنا يبدأ فصل جديد من حياة راشد، حيث يتعرض للأسر عند الجانب الإيراني، وتغيب أخباره ويعدّ من المفقودين.

لن تنتهي الرواية عند هذا الحد، فراشد سيحصد ثمن فضوله حيث أنه وبعد سقوط الطاغية "صدام" يعود من الأسر ومعه أكثر من حلم جميل، حيث صار من دون مقدمات قياديا لحزب يطالب بحقوق شعب يجب عليه أن يحترم تابوهات هو نفسه لا يعرف ما الغاية منها، ولكنه حتما ليس سوى ضحية الغرابة السياسية في العراق منذ خلقت الزعامات الوهمية.

الروائي حسن عبدالرزاق درس بكلية التربية للعلوم الصرفة بجامعة البصرة وحصل على درجة بكالوريوس علوم في علوم الحياة.

كتب ومثل العديد من المسرحيات التي شاركت في مهرجانات المسرح العربي، والمسرح العراقي، ومهرجان بابل الدولي. عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وعضو اتحاد المسرحين العراقيين. وله العديد من المنجزات السردية أهمها: "أيام العبير" مجموعة قصصية 2002، "سيناريو حياة النمر" رواية 2009، "باخوس المدينة" مجموعة قصصية 2009، "بوصلة غضبان بن شداد" رواية 2011، "راشد يحصد" رواية 2013، "تل الذهب" رواية 2016، "فيلم خرافي" رواية 2022.