"حلم عفت الصياد" تطرح شعار العلم هو الحل

رواية سليمان عوض تحذر المجتمع من الفساد والصراع على السلطة وتطالب العدالة الناجزة في إجراءات التقاضي.
الأحداث تدور في جو أضفى بعض الإثارة على الصراع بين معسكر الخير ومعسكر الشر
الرواية تميزت بحبكة مناسبة وسرعة في الإحداث وضوح في المعنى

"حلم عفت الصياد" رواية صادرة  عن دار سندباد للنشر والتوزيع بالقاهرة، للأديب د. سليمان عوض، وهي الرواية  الثانية للمؤلف، وتدور أحداثها ما بين الفترة  2008 – 2011.
ملخص الرواية: 
تبدأ الرواية بإلقاء الضوء على دكتور سعيد الذي ذلك المصري الذي غادر مصر للولايات المتحدة، وحصل على درجة الدكتوراه، وأصبح من كبار المتخصصين في مجال جراحة المخ والأعصاب، وأثناء تفحصه للفيس بوك يعثر على حبيبة الطفولة  عفت الصياد، وبعد الحديث معها، يقرر العودة من أجلها، ولكنه وجد  نفسه دون سابق إنذار ينخرط في مشاكل بلدته قرية الحاج علي، حيث استيقظ بداخله الشعور بالإنتماء، فسعى للمشاركة في كل ما يدور بها، بالتزامن مع السعي إلى استرداد بيته، وأرضه، الذي أغتصبهما العمدة الظالم، بعد أن قتل أبويه وأسرته كي يستحوذ على أملاكهم.
وتدور الأحداث في جو أضفى بعض الإثارة على الصراع بين معسكر الخير، ومعسكر الشر، وفي النهاية يتمكن سعيد من الإنتصار، مع استرداد أرضه ومنزله، والعثور على شقيقته المفقودة، ثم الزواج من حبيته عفت الصياد.
البناء الفني:
تميزت الرواية بحبكة مناسبة، وسرعة في الإحداث، ووضوح في المعنى، بشكل يضمن وصول المحتوى إلى كافة المستويات، وقد عرضت الرواية نماذج متنوعة لبعض الشخصيات الموجودة داخل المجتمع المصري، حيث تنتمي الرواية للأدب الواقعي، الهادف إلى بث الوعي، عبر الرومانسية التي ترطب جو مطالعة النص، ويمكن عرض بعض القيم التي تحتويها الرواية كما يلي:
الحنين والرومانسية: 
برزت تلك القيمة في أن بطل الرواية رغم انغماسه في بحور المدينية الشاسعة، والتنقل بين النساء كما تتنقل الفراشات بين الورود، إلا أنه لا يزال يذكر حبه القديم، حيث عفت الصياد التي لا تزال تعيش في وجدانه، رغم أنها تزوجت من غيره، وعندما يعلم من خلال شبكة التواصل الاجتماعي أنها أرملة، يعود فورًا تاركًا المجد والشهرة من أجل حبه القديم، وهذا السلوك الرومانسي يؤكد أن المشاعر كانت وسوف تظل هي المحرك الأول لسلوك البشر، كما أن الحنين إلى الجذور لا يمكن وقفه، وقد تجسدت هذه الفكرة في عودة الطبيب الشهير إلى قريته.

الرواية تشير إلى معضلة بطء العدالة؛ لأن الخارجين على القانون يستخدمون الضمانات التي وضعها المشرع لحماية فكرة العدالة في إنتهاك العدالة

المعارضة وحلم السلطة:  
يطرح الكاتب فكرة ربما يتفق معها الكثير، فالمعارضة بدول العالم الثالث هي من أجل المناصب في معظمها، باستثناء قلة تحمل هموم الوطن دون آليات تمكنها من تحقيق الهدف، وبالتالي تكمن صرخة التحذير بأن الصراع على الكراسي ليس في صالح الوطن، فآفة البلدان النامية؛ في أن بعض الساسيين الذين يصبحون خارج دائرة السلطة، يشعلون الدنيا من أجل الوصول إليها، ورغم أن هذا الحق مشروع، ولكنه يحتاج إلى ترشيد، ويجب أن يكون مقترنًا ببرامج واضحة، وأفكار تنموية حقيقة، حتى ينحصر الصراع على حجز المقاعد في دائرة صنع القرار، على العقول الراجحة.
الفساد الاجتماعي والحكومي:
ومن القيم المهمة التي برزت في فناء الرواية؛ تسليط الضوء على الفساد الاجتماعي المُتمثل في الكذب والنفاق، وكذلك طبيب البلدة إبراهيم، الذي كان يبيع الأوراق المزورة، مثل شهادات الميلاد، والوفاة، والإجازات المرضية، ممهورة بختم النسر مقابل النقود، وبلغا قمة السلوك السلبي في عدم مواجهة  تصرفات العمدة الظالم.
طرح الكاتب صورة لرجل الدين المزور، الذي يوظف الدين لخدمة المغتصب، بالدعاية الكاذبة، والتوقيع كشاهد زور على عقد بيع أرض الدكتور سعيد، وهذا التناص يذكرنا بفيلم الزوجة الثانية، حيث الشيخ الذي يغطي السلوك الإجرامي بلي عنق النصوص، والآيات القرآنية على غير المراد بها، وتلك الصورة  المكررة يمارسها البعض للتدليس على المجتمع، ولكن بالطبع ليست هي السمة العامة،  فرجال الدين الشرفاء ضحايا تلك النماذج الفاسدة التي تطفو فوق السطح لتصيب سلامة النسيج الاجتماعي.
كذلك طرح الكاتب قضية استغلال سائقي التاكسي للأجانب، فقد تعرض الدكتور سعيد نفسه أثناء عودته من المطار إلى الاستغلال، والمبالغة في الأجر، وهذا السلوك في غاية الخطورة، وخاصة في أنه يمارس على نطاق واسع ضد السائحين، وهذا قد يؤثر على حركة السياحة الوافد إلى مصر.
أما الفساد الحكومي فقد برز من قبل بعض المسئولين بالمجلس المحلي، الذين تركوا القرية دون نظافة، بسبب عدم جمع القمامة، وعندما قام خمس سائقين، وتطوعوا بجمع القمامة لتنظيف القرية، تم القبض عليهم بحجة أنه يزاولون العمل بدون ترخيص. 
بطء العدالة:
تشير الرواية إلى معضلة بطء العدالة؛ لأن الخارجين على القانون يستخدمون الضمانات التي وضعها المشرع لحماية فكرة العدالة في إنتهاك العدالة، وبرز ذلك في عجز النظام القانوني في حل مشكلة اغتصاب العمدة للأرض بعقود مزورة، فعلى الرغم من أن عقد البيع قد حرره المغتصب ووقع عليه باسم الدكتورسعيد أثناء وجوده بالخارج، إلا أن إجراءات التقاضي قد تستغرق سنوات طويلة حتى يتم أثبات هذا التزوير، وهذا البطء يهدد هيبة القانون، ويدفع البعض إلى استخدام البلطجة لاسترداد حقه، وهذا الطريق قد يؤدي إلى الفوضي الاجتماعية العارمة، الرواية  رسالة، ودعوة لتسريع إجراءات التقاضي لتحقيق العدالة الناجزة.
القدوة الحسنة تستنهض الهمم:
 لقد كانت لحظة التنوير بالرواية هي احترام المصريين لفكرة النجاح، وتعظيم قيمة العلم، فشباب قرية كفر الحاج علي قد تجموعوا حول الدكتور سعيد بوصفه نموذجا مصريا ناجحا عالميأ في مجال الطب، ويطمحون في تكرار هذا النجاح لكل المصريين بكافة المجالات، وأيضًا التف أهل القرية نحو تطبيق فكرة التعاون، والعمل الجماعي، لقد تحول طبيب القرية المزور إلى النقيض، وتوقف عن ممارسة الفساد، وقرر رفع مستواه بتسجيل نفسه بالدراسات العليا، ويمكن القول بأن رسالة المؤلف إلى المجتمع ترفع شعار العلم هو الحل.