حماس تتخلى عن أي شروط للهدنة أملا في التقاط أنفاسها

الدوحة تحتضن مفاوضات لوقف حرب غزة، بالتزامن مع تصعيد إسرائيلي في القطاع الفلسطيني.

القاهرة - أعلن مسؤول في حركة حماس اليوم السبت بدء مفاوضات غير مباشرة مع وفد إسرائيلي في الدوحة دون شروط مسبقة بوساطة مصرية قطرية، فيما يرجح أن تقدم الحركة الفلسطينية تنازلات ضمن مساعيها لوقف الحرب بهدف التقاط أنفاسها، خاصة بعد تفاقم خسائرها.

وقال طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس إن "الحركة حريصة على بذل كل الجهد المطلوب لمساعدة الوسطاء في إنجاح المفاوضات"، مضيفا أنه "لا يوجد عرض محدد موجود على الطاولة".

وتأتي المفاوضات على الرغم من استعداد إسرائيل لتوسيع عملياتها في غزة وسط سعيها إلى "السيطرة العملياتية" في بعض المناطق من القطاع الذي مزقته الحرب.

وجاءت عودة المباحثات بعد اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولة في الشرق الأوسط أمس الجمعة دون إحراز أي تقدم صوب وقف جديد لإطلاق النار فيما يبدو، إلا أن ترامب أقر بتزايد أزمة الجوع في غزة وبضرورة إيصال المساعدات.

ويعكس تخلي حماس عن الاشتراطات رغبتها في وضع حد للحرب التي أفقدتها الكثير من قدراتها العسكرية، حيث أشارت تقديرات إلى الحركة خسرت نحو نصف إجمالي مقاتليها البالغ عددهم 30 ألفًا. وفي أغسطس/آب الماضي أكد الجيش الإسرائيلي أنه قتل 17 ألف مقاتل فلسطيني.

وعلى الرغم من الخسائر، تشير تقارير إلى أن حماس لا تزال تحتفظ بقيادة عسكرية فعالة وتتكيف مع الوضع الميداني، وتدير حرب عصابات.

وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل دمرت الكثير من صواريخ حماس ومواقع تصنيعها وتخزينها وأنفاقها ومع ذلك لا يزال لدى الحركة القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية.

وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، نقلا عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" دون الكشف عن هويتها، إن الخطوط العريضة التي نوقشت خلال المفاوضات الجارية في الدوحة منذ أيام، بشأن صفقة محتملة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، تتضمن إفراجا فوريا عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء، ووقفا لإطلاق النار لمدة تراوح بين شهر ونصف وشهرين.

وأضافت المصادر أن الصفقة تتضمن كذلك تقديم حركة حماس قائمة بأسماء الأسرى الأحياء والأموات بعد 10 أيام من دخول الصفقة حيز التنفيذ.

وتابعت أن المفاوضات ناقشت كذلك إفراج إسرائيل عما يتراوح بين 200 و250 أسيرا فلسطينيا، لكن هذه النقطة ما زالت تشهد خلافا بين أطراف التفاوض.

وما تتحدث عنه المصادر الإسرائيلية هو نفسه تقريبا المقترح الذي سبق أن طرحه المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قبل أشهر، فيما رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأكدت حماس أنها لم ترفضه.

وتقضي خطة ويتكوف بإطلاق سراح الأسرى على دفعتين، نصفهم في اليوم الأول من سريان الاتفاق، فيما تبدأ مفاوضات بشأن إنهاء الحرب طوال مدة وقف إطلاق النار التي تستمر شهرين، على أن يُطلق باقي الأسرى حال التوصل إلى اتفاق.

وترفض تل أبيب، حسب إعلام عبري، التعهد بإنهاء الحرب، وهو الأمر الذي يثير شكوكا لدى حماس حيال إمكانية تنصل إسرائيل من أي اتفاق يتم التوصل إليه في أي مرحلة لاحقة، كما حدث مع اتفاق وقف إطلاق النار السابق.

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت توسيع نطاق هجومه لإلحاق هزيمة بالحركة الفلسطينية حيث أدت غارات شنها فجرا إلى مقتل عشرة أشخاص، بحسب الدفاع المدني، بعد عدة أيام من القصف المميت على القطاع المدمر والمحاصر.

ورغم الانتقادات الدولية المتزايدة لطريقة إدارته الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين إن الجيش سيدخل قطاع غزة "بكل قوته" في الأيام المقبلة "لإكمال العملية. إكمال العملية يعني هزيمة حماس، ويعني تدمير حماس".

وقال الجيش الإسرائيلي السبت إنه شن الجمعة ضربات مكثفة وأرسل قوات للسيطرة على مناطق في قطاع غزة.

ويأتي ذلك فيما تستضيف بغداد السبت القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية وبعيد اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولة خليجية أعرب فيها عن قلقه إزاء الجوع في الأراضي الفلسطينية.

وأضاف الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن ذلك يأتي "في إطار المراحل الأولية لعملية عربات جدعون وتوسيع المعركة في قطاع غزة بهدف تحقيق كل أهداف الحرب، بما فيها إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس".

وأعلنت حكومة نتانياهو مطلع الشهر الجاري خطة لإعادة السيطرة على قطاع غزة الذي انسحبت منه إسرائيل في عام 2005، وهو ما يعني تهجير "معظم" سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

ومن بغداد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم السبت إلى "وقف دائم لإطلاق النار" في غزة. وقال "أشعر بالجزع إزاء التقارير التي تفيد باعتزام إسرائيل توسيع نطاق العمليات البرية وأكثر من ذلك".

كما طلب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من نظيره الأميركي "بذل كل ما يلزم من جهود وضغوط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة يكون فيها وسيطا وراعيا".

وشدد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بدوره على" ضرورة مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف المجزرة في غزة"، لافتا إلى أن بلده سيقدّم مشروع قرار في الأمم المتحدة يطلب من محكمة العدل الدولية "الحكم على مدى امتثال الدولة العبرية لالتزاماتها الدولية".

وأسفر هجوم حماس في 2023 عن مقتل 1218 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

ومن بين 251 رهينة خطفوا خلال الهجوم لا يزال 57 في غزة بينهم 34 قال الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.

ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53,119، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس.

وفي سياق متصل، دعا منتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة الجمعة، نتنياهو إلى عدم تفويت "فرصة تاريخية" لإطلاق سراحهم، معربا عن قلقه إزاء "تكثيف الهجمات" من قبل الجيش.

لكن رئيس الوزراء يصر على أن زيادة الضغط العسكري من شأنه إجبار الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تسيطر على غزة منذ 2007، على تسليم الرهائن. ومنذ الثاني من مارس/آذار، تمنع إسرائيل منعا باتا دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وفي ختام جولته الخليجية، قال ترامب الجمعة "نحن ننظر في أمر غزة وسنعمل على حل هذه المشكلة. الكثير من الناس يتضورون جوعا"، ودعته حماس إلى الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "وابل القصف الأخي وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية يؤكدان وجود توجه نحو تغيير ديموغرافي دائم في غزة، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي ويرقى إلى مستوى التطهير العرقي".

بدورها أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية" وهي منظمة غير حكومية مدعومة من الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها ستبدأ هذا الشهر توزيع مساعدات إنسانية في غزة، مشيرة إلى أنّها طلبت من إسرائيل ضمان نقاط توزيع آمنة في شمال القطاع.

لكن الأمم المتحدة أكدت الخميس أنها لن تشارك في توزيع المساعدات عبر هذه المنظمة، معتبرة أن آليتها لا تلتزم مبادئ الحيادية والاستقلالية.