دراسة ضحمة تكشف فاتورة ثقيلة للحمل في سن متأخرة

محاولة الانجاب بعد سن 45 يزيد بشكل واضح من مخاطر صحية أبرزها وفاة الجنين، الولادة المبكرة، وانخفاض سكر الدم لدى المواليد.

أوبسالا (السويد) - ربما تكونين قد بنيتِ حياتك المهنية، ووجدتِ الشريك المناسب، والآن ترغبين في تأسيس أسرة في سن 45. في السويد، يُولد نحو 5% من الأطفال لأمهات تجاوزن الأربعين، لكن دراسة تتبعت أكثر من 312 ألف ولادة كشفت عن مخاطر صحية مقلقة تتزايد مع كل عام إضافي من عمر الأم.

وجد باحثون سويديون أن النساء اللواتي يلدن في سن 45 أو أكثر يواجهن خطرًا مضاعفًا تقريبًا للتعرض لحالة وفاة الجنين مقارنةً بنساء في أواخر الثلاثينات. كما أن أطفالهن أكثر عرضة بنسبة 82 بالمئة للإصابة بانخفاض خطير في سكر الدم، و68% لاحتمال الولادة المبكرة، وهي مضاعفات قد تؤثر على الأم والطفل لسنوات.

ورغم أن العواقب الشديدة تظل نادرة نسبيًا، إلا أن البحث، المنشور في مجلة Acta Paediatrica، يُظهر أن كل سنة إضافية من عمر الأم تزيد تدريجيًا من احتمالات حدوث مشكلات قد تخلّف آثارًا طويلة الأمد.

تحليل أكثر من 300 ألف ولادة
حلّل باحثو جامعة أوبسالا سجل الولادات الطبية في السويد، الذي يتتبع بدقة نتائج الحمل، فشمل التحليل جميع الولادات الفردية لأمهات بعمر 35 عامًا أو أكثر بين عامي 2010 و2022. تم تقسيم النساء إلى ثلاث فئات عمرية: 35–39 (كمجموعة مقارنة)، 40–44 (عمر أمومي متقدم)، و45 فما فوق (عمر أمومي متقدم جدًا).

من بين أكثر من 312 ألف ولادة مشمولة، كانت 81% لأمهات تتراوح أعمارهن بين 35 و39 عامًا، و18% للفئة 40–44، وأكثر من 1% للفئة 45 فما فوق. ومن اللافت أن 6% من هذه الفئة الأخيرة كنّ يبلغن 50 عامًا أو أكثر عند الولادة.

ارتفاع حاد في المخاطر بعد سن 45
واجهت النساء الأكبر سنًا معدلات أعلى بكثير من مضاعفات الحمل. إلى جانب ارتفاع خطر وفاة الجنين، فإن أطفال الأمهات اللواتي تجاوزن 45 عامًا كانوا أكثر عرضة بنسبة 46% لأن يكونوا صغار الحجم مقارنة بعمر الحمل، مما يؤدي إلى مشكلات فورية مثل صعوبة تنظيم حرارة الجسم وسكر الدم، ومشكلات نمو طويلة الأجل.

وسُجِّلت درجات "أبغار" (التي تقيس حالة المولود فور الولادة) منخفضة أكثر لدى أطفال الأمهات بين 40 و44 عامًا.

لكن أكثر النتائج إثارة للقلق كانت الارتفاع الحاد في حالات نقص السكر الحاد عند المواليد من أمهات تجاوزن 45 عامًا، وهي حالة قد تسبب نوبات صرع وتلفًا في الدماغ إذا لم تُعالج بسرعة.

ارتفاع الحاد في حالات نقص السكر

أما الأمهات أنفسهن، فكنّ أكثر عرضة لامتلاك قامة أقصر، وزن أعلى، الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم. كما أن 18% من النساء في عمر 45 فما فوق استخدمن تقنيات الخصوبة، مقارنة بـ 6.7% فقط من النساء في أواخر الثلاثينات.

كذلك، أنجبت نحو 46% من الأمهات الأكبر سنًا عبر عملية قيصرية، مقارنةً بأقل من 23% من الفئة العمرية الأصغر، ما يعكس كلاً من تعقيد الحالات ونهجًا طبيًا أكثر حذرًا.

دلالات للتخطيط الأسري
لا تدعو الدراسة النساء للهلع بشأن تأخير الإنجاب، لكنها تقدم سياقًا مهمًا لاتخاذ قرارات مستنيرة في هذا الشأن. فمعرفة هذه المخاطر يساعد النساء ومقدمي الرعاية الصحية على اتخاذ تدابير للحد منها.

بالنسبة للنساء اللواتي يحملن في سن متأخر، تؤكد الدراسة أهمية الرعاية السابقة للولادة والمتابعة الدقيقة طوال فترة الحمل. فالكثير من المضاعفات يمكن التعامل معها بفعالية عند اكتشافها مبكرًا.

ورغم أن الطب الحديث جعل الحمل أكثر أمانًا في جميع الأعمار، إلا أنه لم يُلغِ التحديات البيولوجية الأساسية المرتبطة بتقدم العمر. لذا فإن النساء اللواتي يفكرن في الحمل بعد سن الأربعين، وخاصة بعد الخامسة والأربعين، يحتجن إلى معرفة كاملة بالمخاطر المحتملة، حتى وإن ظلت نادرة نسبيًا.