دروس متأخرة من حرب اليمن

استخدم الغرب أخطاء عسكرية للتحالف في حرب اليمن للتشهير، وها هو يسكت أمام استهداف بلا رادع للمدنيين في غزة.

قد تكون حرب غزة الأخيرة هي احد اكثر الحروب تلفزة في التاريخ الحديث. ونستطيع القول انها تنقل على الهواء مباشرة عبر كاميرات قنوات التلفزة العالمية. ومن اجل هذا رأينا العدد الكبير من الصحفيين والمراسلين لأنهم كانوا هناك مباشرة حيث يكون القصف. ومن خلال هذه القنوات رأينا الدمار الكبير والهائل الذي تعرضت له المنشئات المدنية بما في ذلك المستشفيات والمنازل ودور العبادة.

هذه المشاهد افزعت العالم وجعلت حتى المتعاطفين والمساندين لإسرائيل بالمطلق يتراجعون او يتحفظون او يعتبون عليها ويستعجلونها لانهاء المهمة.

كان الرد او الحجة الإسرائيلية ان مقاتلي حماس يتخذون من المدنيين ومن المساجد والمدارس والمستشفيات، مراكز للقيادة ومعسكرات للمقاتلين، وانه من الصعوبة تفادي ذلك الدمار الهائل او التقليل في اعداد القتلى.

هذه الأحداث والمشاهد اعادت لنا وللعالم، رغم فارق المقارنة، صعوبة الحرب التي قامت بها قوات دول التحالف العربي وقادتها المملكة العربية السعودية ضد الانقلابين الحوثين، والذين كانوا يتخذون من المنشئات المدنية بانواعها، ومن الاسواق ومدارس الاطفال اماكن لتخزين الاسلحة واطلاق الصواريخ والمسيرات.

ولأنه ليست هناك حرب نظيفة بالمطلق، فأن هناك اخطاء قليلة كانت تحدث اما نتيجة لما يسمى بضباب الحرب، او لأن الهدف المقصود، أو الهدف الفرصة كما يسمى في العرف العسكري، يكون تحرك او غادر المكان قبل القصف بلحظات.

لكن تلك الحوادث كانت توظف اعلاميا وتصور على ان المملكة تقصف المدنيين والمنشئات الوطنية.

اذا فما الذي نسمي ما تفعله اسرائيل الآن وفي مساحة صغيرة جدا مقارنة بمساحة اليمن؟

ولقد كانت مقاتلات التحالف تذهب وتعود محملة بالذخائر، لأنها شاهدت هناك ابرياء او مدنيين حول الاهداف، ولكن ذلك لم يكن ليشفع للمملكة رغم ان ذلك ادى الى اطالة امد الحرب، وحاول ايضا النيل من سمعة وقدرات المملكة العربية السعودية الاستخباراتية والعسكرية.

ان حرب المدن من اصعب واعقد الحروب الحديثة، لأن العدو غير معرف ضمن الحياة المدنية اليومية اضافة الى استخدام المقدرات المدنية لخدمة آلة الحرب.

وها هي اسرائيل وبعد اربعين يوما وهي تحرق الأخضر واليابس الا انها لم تحقق اهدافها حتى الآن.

ولعل الدرس الاهم حتى وان كان متأخرا، الا ان العالم ادرك الآن ان الحوثيين جماعة ارهابية، واضيفت الجماعة الحوثية الى قائمة الجماعات الارهابية في المنطقة واصبح اسمها يتردد باستمرار، في ما كانت توصف بمكون يمني خالص عندما كانت المملكة ودول التحالف تخوض ضدها الحرب.

ان مقايس العالم غير منصفة غالبا وتختلف من حين الى آخر ومن دولة الى اخرى، الا انه كان تأكيدا على ان المملكة لم تكن معتدية يوما حتى وان كان هذا الدرس متأخرا.