دمشق ترد جميل حزب الله بالإشادة بقصفه إسرائيل

الإدارة الأميركية لا تهدف فقط إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني بل أيضاً إلى تكسير أجنحة طهران في المنطقة.

بيروت - أشادت وزارة الخارجية السورية الاثنين باستهداف حزب الله اللبناني الذي كان أبرز حلفائها في الحرب، آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية السورية إن دمشق تعرب "عن الاعتزاز بالعملية النوعية التي نفذتها المقاومة الوطنية اللبنانية ضد دورية عسكرية للاحتلال الصهيوني".

وأضاف أن "سوريا تجدد وقوفها الكامل مع المقاومة الوطنية اللبنانية وحقها المشروع، جنباً إلى جنب مع الجيش اللبناني، في العمل من أجل الحفاظ على سيادة لبنان وتحرير باقي أراضيه المحتلة، والتصدي لاعتداءات الكيان الإسرائيلي المتواصلة".

وأعلن حزب الله الأحد، تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة أفيميم قرب الحدود الجنوبية للبنان، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق نحو مئة قذيفة على أطراف قرى لبنانية حدودية.

ولم يطل التوتر، لكنه جاء بعد أسبوع على مقتل اثنين من عناصر حزب الله في غارة إسرائيلية قرب دمشق، بحسب ما أعلن الحزب، وعلى اتهامه إسرائيل بشن هجوم بطائرتين مسيرتين في الضاحية الجنوبية، معقله في بيروت.

وأطلق حزب الله على المجموعة التي شنّت الهجوم الأحد اسم عنصريه اللذين قتلا في دمشق.

ويقاتل حزب الله، المدعوم من إيران، في سوريا إلى جانب قوات النظام بشكل علني منذ العام 2013، وقد ساهم في معارك عدة بترجيح الكفة لصالح دمشق.

وخلال السنوات الماضية، وجهت إسرائيل غارات جوية ضد مقاتلين لحزب الله في سوريا أو قوافل سلاح تابعة له.

حزب الله لا يمتلك خيارات كثيرة  للرد على إسرائيل التي تقول إنها جاهزةً لكل السيناريوهات

وقال مصدر مقرب من حزب الله الأحد إن الهجوم قرب الحدود هو رد على غارة دمشق، "أما الرد الثاني فلم يبدأ بعد وسيكون جواً بمواجهة المسيّرات الإسرائيلية".

وتبادل حزب الله وإسرائيل الأحد، إطلاق النار عبر الحدود الجنوبية للبنان في حادثة نادرة منذ آخر حرب بينهما قبل أكثر من عقد وبعد أسبوع من توتر أثار أسئلة حول احتمال اندلاع معركة بين العدوين أو الاكتفاء بإعادة تثبيت قواعد الاشتباك.

ويتفق المحللون أن حزب الله وإسرائيل لا يريدان الحرب بل درسا خياراتهما بأفضل طريقة تحول دون اندلاعها.

وتقول أستاذة العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية أمل سعد "الرد كان مدروساً جداً، وأستطيع أن اعتبره رداً مسؤولاً"، مضيفة أن المهمة كانت "عدم تصعيد الوضع وحماية لبنان" من أي نزاع.

وكان نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم استبعد قبل أيام عدة اندلاع حرب. وقال في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" "أستبعد أن تكون الأجواء أجواء حرب، الأجواء هي أجواء رد على اعتداء وكل الأمور تقرر في حينه".

وفي العامين 2015 و2016، استهدف حزب الله آليات عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة رداً على غارات إسرائيلية استهدفت مقاتليه في سوريا، من دون أن تتطور الأمور أكثر من كونها مجرد رد.

وبرغم احتواء التطورات، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أنه أعطى أوامره لأن يكون الجيش الإسرائيلي "جاهزاً لكل السيناريوهات".

ويبدو أن رد حزب الله لن يتوقف هنا. وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توعد بالرد على الهجومين الإسرائيليين (في سوريا ولبنان)، وبإطلاق النار على كل الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تحلق في الأجواء اللبنانية. وتجوب طائرات استطلاع إسرائيلية باستمرار الأجواء اللبنانية.

وقال مصدر مقرب من حزب الله الأحد إن ما حصل هو رد على غارة دمشق، "أما الرد الثاني فلم يبدأ بعد وسيكون جواً بمواجهة المسيّرات الإسرائيلية".

وتقول سعد "لا أتوقع أن يكون الرد من النوع الذي يؤدي إلى اندلاع حرب".

ويتفق معها أستاذ العلوم السياسية كريم بيطار الذي يوضح أن "التصعيد السريع ليس من مصلحة أي من الطرفين".

لكن الأمر لا يتعلق بهما فقط، بل يرتبط بشكل أساسي بالدولتين الداعمتين لهما، إيران والولايات المتحدة اللتين يزداد التوتر بينهما بشكل مضطرد منذ انسحاب واشنطن من جانب واحد في أيار/مايو 2018 من الاتفاق النووي الإيراني.

طهران تراقب من بعيد
طهران تراقب من بعيد

ويوضح بيطار أن سياسة الإدارة الأميركية بفرض "أقصى الضغوط على طهران لا تهدف فقط إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني بل أيضاً إلى تكسير أجنحة إيران بإضعاف حلفائها في العراق وسوريا ولبنان".

وتزامن الهجومان الإسرائيليان ضد حزب الله في سوريا ولبنان مع اتهام الحشد الشعبي العراقي إسرائيل بشن غارات بطائرتين مسيرتين الأحد ضد نقطة تابعة لفصيل شيعي تدعمه إيران قرب الحدود السورية العراقية.

وفي 29 آب/أغسطس، فرضت واشنطن عقوبات على مصرف لبناني اتهمته بتقديم خدمات مصرفية لحزب الله الذي يخضع مسؤولون فيه لعقوبات من واشنطن.

ولا بدّ أيضا من أخذ عامل آخر بالاعتبار، وهو الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في 17 أيلول/سبتمبر.

ويقول بيطار "يظهر التاريخ خلال السنوات الـ20 الماضية أن فترات الانتخابات تساعد على حصول توترات".

ويعد حزب الله لاعباً رئيسياً على الساحة السياسية في لبنان، ويمتلك ترسانة أسلحة ضخمة تتضمن صواريخ دقيقة طالما حذرت إسرائيل منها. كما يقاتل في سوريا إلى جانب قوات النظام بشكل علني منذ العام 2013.

إثر هجوم الضاحية، اعتبر حزب الله الحادث "أول خرق كبير وواضح لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز 2006" التي اندلعت إثر إقدام الحزب على أسر جنديين إسرائيليين في 12 تموز/يوليو. فردت إسرائيل بهجوم مدمر استمر 33 يوماً، قتل فيه 1200 لبناني، غالبيتهم من المدنيين، و160 إسرائيلي غالبيتهم جنود.

وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفاً للأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل.

وكان نصرالله قال إن الرد على الهجوم الإسرائيلي "ليس رد اعتبار إنما يرتبط بتثبيت معادلات وتثبيت قواعد الاشتباك".

وتقول أمل سعد "حزب الله مقتنع بأن أي رد هو تحرك يهدف أساساً إلى تفادي اندلاع حرب وهو ضروري لإعادة تثبيت ميزان الردع".

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان أن "ليس أمام حزب الله الكثير من الخيارات حين يتعلق الأمر بالرد على إسرائيل".

وقد تكون الحرب مكلفة على حزب الله في حال اندلاعها. فبرغم ترسانته العسكرية، فإن إسرائيل تعتمد أساساً على تفوقها الجوي.

وبرغم ترجيحه عدم اندلاع حرب، يرى خشان أن هجوم الضاحية الجنوبية أطلق نوعاً جديداً من المواجهة "وهو تصعيد قد يفتح الباب أمام عمليات اغتيال في صفوف حزب الله".