رابطة الأدباء الكويتيين.. ستة عقود من الحضور في المشهد الثقافي العربي
كانت الكويت من أوائل الدول التي عرفت الأندية والروابط الأدبية، حيث أُسّس النادي الأدبي الكويتي عام 1924، فيما أُسّست رابطة الأدباء الكويتيين عام 1964، ومنذ ذلك الزمن المُبكر ظلت الثقافة الكويتية تؤثّر وتتأثر بالنهضة العربية.
على مدار أكثر من 60 عاما مضت، وحتى اليوم، تتواصل أنشطة وفعاليات رابطة الأدباء الكويتيين، التي ولدت قويّة وازدادت جهودها في خدمة الثقافة ونشر المعرفة والارتقاء بالحركة الأدبية الكويتية، والوصول بها إلى المكانة التي تليق بها محليا وخليجيا وعربيا ودوليا.
وكانت الرابطة وأنشطتها المتواصلة على مدار عقود جزءا أصيلا من ذلك الحضور البهي للثقافة الكويتية في المشهد الثقافي العربي، وهو الحضور الفاعل الذي ساهم في تشكيل الهويّة الوطنية لدى الكثير من الأجيال العربية.
وقد عملت مجلة "البيان" التي تُصدرها الرابطة بشكل دوري منذ شهر أبريل/نيسان من عام 1966 على نشر الثقافة الكويتية، والتعريف بالأدب والأدباء الكويتيين في منطقة الخليج والوطن العربي، وبين الناطقين بالعربية في بلدان العالم.
وتواصل مجلة "البيان" صدورها للعقد السادس على التوالي مقدمة إسهامات لافتة في إثراء المشهد الثقافي الكويتي والخليجي والعربي وتستقطب المجلة نخبة من الأقلام العربية المتخصصة في شتى مجالات.
المئات من الفعاليات الأدبية المحلية التي نظمتها واستضافتها الرابطة منذ انطلاقتها، والتي تتضاعف وتتعاظم عاما بعد عام، وعشرات الفعاليات والمشاركات الخليجية والعربية والدولية، التي جعلت الرابطة تحتل مكانة مرموقة ومتقدمة في قائمة المؤسسات الأدبية والثقافية والفكرية العربية، حيث لا يغيب اسم الرابطة عن الفعاليات العربية من الخليج إلى المغرب العربي، مرورا بالكثير والكثير من المعارض والفعاليات التي تحرص الرابطة على التواجد فيها وتعريف الجمهور العربي بالثقافة الكويتية ورموزها.
دور رائد
وفي سياق الاحتفاء بذلك الحضور الكبير لرابطة الأدباء الكويتيين في المشهد الثقافي المحلي والعربي والدولي، فقد نوّه الدكتور خالد الجسار الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، "بالدور الرائد الذي تقوم به رابطة الأدباء الكويتيين، باعتبارها واحدة من أعرق المؤسسات الثقافية في الكويت وحاضنة للمثقفين والمبدعين منذ تأسيسها، حيث شكلت الرابطة فضاء خصبا للكلمة الحرة والعمل الأدبي الجاد، وأسهمت في رعاية أجيال من الكتاب والمفكرين الذين تركوا بصماتهم على الحياة الثقافية في الكويت والمنطقة"، مشيرا إلى أن "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يؤمن بأهمية التكامل بين جهود المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، وهو ما يتجلى في علاقته الوطيدة مع رابطة الأدباء الكويتيين".
ويؤكد المهندس حميدي المطيري، الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين، على اهتمام الرابطة بالمشاركة في الفعاليات الثقافية والمحافل الإقليمية والدولية بهدف إبراز الأعمال والإبداعات الأدبية الكويتية.
ولفت المطيري إلى سعي الرابطة لتعظيم حضورها في الفعاليات الثقافية العربية والدولية، وتحدّث عن مشاركة الرابطة بالدورة الـ29 (2025) من معرض مسقط الدولي للكتاب، وهي المشاركة الأولى للرابطة منذ تأسيسها عام 1964 في معرض للكتاب خارج الكويت، مبينا أن ذلك يعد نقلة نوعية في نهج وعمل الرابطة.
وأوضح بأن توجه الرابطة الجديد بالمشاركة في المعارض الإقليمية والدولية يأتي حرصا منها على دعم أعضاء الرابطة ونشر أعمالهم وإبداعاتهم الأدبية والثقافية على نطاق أوسع.
وأعرب الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين عن سعادته بهذه المشاركة التي تزامنت مع اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025 ما يعكس اعترافا دوليا بمساهمات الكويت المستمرة في تعزيز هذا المجال.
وأعرب عن أمله في نجاح مساعي الرابطة الرامية لنشر الكتاب الكويتي على نطاق أوسع ووصوله إلى القراء في كل الوطن العربي وخارجه بسهولة ويسر، مشيرا إلى أن الرابطة ستعمل على تكرار هذه التجربة في معارض الكتب العربية المقبلة كونها تقدم خدمة لأعضائها من الكتاب والأدباء الكويتيين.
ومن المعروف أن الرابطة تقوم بدور كبير في دعم حركة النشر، وتحرص على التعريف بجيل الروّاد من أدباء الكويت وكتابها، والإضاءة على تاريخ الحركة الثقافية والأدبية بالبلاد، وقد قامت في هذا الإطار بإعادة إصدار كتاب "الحركة الأدبية والفكرية في الكويت" لمؤلفه الأديب المصري محمد حسن عبدالله، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1973 في حجم يتجاوز الـ700 صفحة، لكنه انقطع عن الأسواق ونفد، فأعادت الرابطة طباعته لاستشعارها أهمية هذا الكتاب الذي يعد من المراجع الأساسية، والمصادر المهمة للباحثين حول تاريخ الثقافة والأدب في الكويت. وجاء ذلك الإصدار من الكتاب في شهر أبريل/نيسان من العام 2014 ضمن فعاليات الاحتفال باليوبيل الذهبي للرابطة.
وقد جاء قيام الرابطة بإعادة طباعة هذا الكتاب لكون مادته أضاءت الطريق إلى الإبداعات الأدبية بمستوياتها، وفنونها، موثقة بالنشر الصحفي، والتعريف بالمؤلفين، بما ينطوون عليه من نزعات وتطلعات، وما يدل عليه أدبهم من قدرات فنية، ولغوية.
وبالطبع فإن المساحة – هنا – لا تتسع لذكر أنشطة الرابطة ومنجزاتها على مدار عقود مضت، لكن كتب المؤرخين تذكر للأجيال كيف كانت بدايات الرابطة وما قام به مؤسسوها الأوائل من جهود في سبيل نشر الثقافة والمعرفة وتشجيع الإنتاج الأدبي الكويتي.
ولأن مجلس الرابطة يواصل العمل على نهج الأولين، مع تقديم أنشطة وفعاليات ومنجزات تتناسب وهذا العصر، فقد واصلت الرابطة منجزاتها الهادفة لخدمة الحركة الثقافية والأدبية الكويتية، ورفع اسم الكويت عاليا في المشهد الثقافي العربي والدولي، فقد أطلقت الرابطة جائزة للشعر والرواية والقصة القصيرة، الجائزة التي حملت اسم "جائزة رابطة الأدباء الكويتيين"، تُقام برعاية الشيخة أفراح المبارك الصباح. وقد جاءت الجائزة في انطلاقتها الأولى محلية، مع طموح بأن تصل إلى مصاف الجوائز العربية.
جسور ثقافية
وفي إطار حرص الرابطة على مد الجسور بين الثقافة الكويتية وثقافات العالم، شهدت الرابطة خلال الشهور القليلة الماضية فعاليات عديدة شارك فيها كتاب أجانب وعرب بجانب أدباء ومثقفي الكويت، وفي هذا السياق استضافت الرابطة ضمن أنشطتها لهذا العام، الكاتب جيلبير سينويه الكاتب الفرنسي الذي "تُحاكي كلماته الثقافات والذاكرة والعوالم المختلفة".
وضمن جهود التواصل مع الثقافات الغربية، كان للرابطة خلال أنشطة شهر أبريل/نيسان الماضي ورشة بعنوان "لماذا ترجمة الشعر ضرورة؟".
وإيمانا من الرابطة بمد مزيد من جسور التواصل بين الثقافة الكويتية والثقافة العربية، استضافت الرابطة في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي ندوة بعنوان "مبدعون تحت سماء الكويت"، حيث سلّطت الندوة الضوء على 10 تجارب أدبية مصرية.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقامت الرابطة مجموعة من الأنشطة في بيت الترجمة التابع للرابطة، درات ندواتها وفعالياتها في فلك الترجمة وقضاياها.
وهكذا تتعدّد وتتنوّع منجزات وأنشطة وفعاليات رابطة الأدباء الكويتيين منذ نشأتها قبل أكثر من ستة عقود مضت وحتى اليوم، وهي أنشطة وفعاليات تتوزّع ما بين فكرية وثقافية وأدبية، وتهدف جميعها لتعظيم دور الأدب في المجتمع الكويتي، وإثراء المشهد الثقافي بالبلاد، ومد جسور التواصل مع شتى الثقافات، والتعريف بالأدب الكويتي ونشر الثقافة الكويتية والإضاءة على رموزها.