رغبة السعودية في تصفير المشاكل تستعجل حلا لأزمة اليمن

مسؤول حوثي يكشف أن الحوار في السعودية بوساطة عمانية يتركز على صرف مرتبات الموظفين الحكوميين والإفراج عن كافة الأسرى وصولا إلى الحل السياسي الشامل.

صنعاء/الرياض - يشير حراك سياسي متنقل بين سلطنة عمان وصنعاء والسعودية مع وصول أول وفد حوثي للرياض في أول زيارة له للمملكة منذ تدخلها على رأس تحالف عربي دعما للشرعية، إلى اتجاه سعودي لإنهاء الحرب في اليمن ضمن خطة استكمال مسار تصفير المشاكل، بينما تشكل الأزمة اليمنية واحدة من المعضلات الكبيرة التي تثقل على هذا المسار بسبب تعقيدات الملف.

وقال محمد علي الحوثي المسؤول السياسي البارز في قيادة الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى اليوم الجمعة في تغريدة على منصة 'اكس (تويتر سابقا) "أملنا أن يتم النقاش الجدي لما فيه مصلحة الشعبين وتجاوز التحديات"، مضيفا "الحوار في السعودية الذي سيجري بوساطة عمانية، يتركز على صرف مرتبات الموظفين الحكوميين والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين وخروج ما أسماها بـ"القوات الأجنبية" والإعمار وصولا إلى الحل السياسي الشامل.

وكان عضو المكتب السياسي لحركة 'أنصار الله' الحوثية قد كشف الخميس أن "الوفدين سيغادران صنعاء على متن طائرة عمانية إلى السعودية من أجل استكمال اللقاءات السابقة".

وقال رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام إنّ "جولة التفاوض الحالية مع السعودية تأتي في إطار النقاشات التي قام بها الوفد الوطني مع الوفد السعودي".

وكانت قناة "الإخبارية" السعودية الحكومية ذكرت مساء الخميس أنّ المملكة تستضيف "وفدا مفاوضا يمثّل المكوّن اليمني الحوثي وذلك بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حلّ سياسي ووقف شامل لإطلاق النار والانتقال من مرحلة النزاعات إلى الاستقرار".

وكان مسؤول في مطار العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين قال في وقت سابق إنّ طائرة عمانية نقلت "وفدا حوثيا يضم عشرة أشخاص بالإضافة إلى خمسة عمانيين" من صنعاء إلى الرياض، فيما أفاد مسؤول حوثي بأنّ "مدة الزيارة خمسة أيام". وتؤدي سلطنة عمان دور الوسيط في النزاع.

بدورها رحبت الحكومة اليمنية في بيان اليوم الجمعة "بجهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والمساعي الأممية والدولية الهادفة لدفع الميليشيات الحوثية نحو التعاطي الجاد مع دعوات السلام وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني".

وجددت التأكيد على "نهجها المنفتح على كافة المبادرات الرامية إلى إحلال السلام العادل والشامل وبما يضمن إنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، والأمن والاستقرار والتنمية في اليمن".

أفاد مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين الحوثيين والسعودية أنّ الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصّل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".

وتابع أنّ المحادثات تتركّز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظلّ مغلقا لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.

وأفادت مصادر سياسية في صنعاء بأنه من المتوقع كذلك أن يناقش الحوثيون مع المسؤولين السعوديين "الصيغة النهائية" لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، على أن يباشر أطراف النزاع بعد ذلك التفاوض مباشرة للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وبدعم من السعودية وعُمان.

وفي أبريل/نيسان أنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء، إلى جانب التقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حلّ سياسي للنزاع الدامي في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.

وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل/نيسان 2022. ولا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيلها في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وتأتي زيارة الوفد الحوثي للمملكة بعد الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مسقط الثلاثاء حيث جمعته مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، فيما تحدثت مصادر سياسية عن تطورات مهمة تتعلق ببوادر تفاهمات جديدة مع الحوثيين.

واليمن غارق في حرب على السلطة بين الحوثيين والحكومة منذ منتصف العام 2014، تسبّبت في مقتل وإصابة مئات الآلاف وأدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وتأتي هذه الزيارة بعد حوالي خمسة أشهر على زيارة قام بها وفد سعودي إلى صنعاء للبحث في عملية السلام.

لكن الأزمة الإنسانية في البلد الفقير لا تزال تتفاقم، مع تراجع المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل. والخميس، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للامم المتحدة بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75 في المئة من سكان اليمن.