هل يعطي لقاء قمة سعودي عماني دفعة للمفاوضات اليمنية

الحوثيون يدركون أن أولوية السعودية تأمين المناطق الحدودية ووقف استهداف منشآتها النفطية، لذلك يمارسون ضغطا في ملف تسليم الرواتب الذي يعتبر الخلاف الأبرز في المفاوضات.

الرياض – أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وسلطان عمان هيثم بن طارق، الثلاثاء، "المضي قدما في تعزيز أوجه التعاون الثنائي"، مع توقعات بأن المفاوضات اليمنية على رأس القضايا التي جرى مناقشتها.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية، بأن "السلطان هيثم بن طارق استقبل في قصر البركة بالعاصمة مسقط الأمير محمد بن سلمان خلال الزيارة الخاصة التي يقوم بها".
وجرى خلال الاستقبال "تبادل الأحاديث الودية واستعراض العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين".
ووفق وكالة الأنباء العمانية، استعرض الجانبان "العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة بين البلدين، وأكدا عزمهما المُضي قُدُمًا في تعزيز أوجه التعاون الثنائي القائم في شتى المجالات".
وعلى الرغم من أن الإعلام الرسمي السعودي والعماني، لم يعلن بعد عن نتائج الزيارة إلا المؤشرات أنها في صلب التحركات الدولية الجارية بشأن عملية السلام في اليمن، خصوصا بعدما نشر وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان تغريدة أشار فيها إلى اتصاله برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ناقشا خلاله مستجدات الأوضاع في اليمن.

ورجح مصدر سياسي رفيع أن يكون وراء الاتصال، تطورات مهمة تتعلق بتفاهمات مع الحوثيين. ويحمل إشارات واضحة بوجود تقدم بالمفاوضات الجارية بينهم مع الحوثيين بوساطة عٌمانية، وهي رسالة واضحة للرئاسي بأن يبتعد عن الشطحات الإعلامية في الخطاب خلال هذه المرحلة”.

وتابع المصدر أن السعودية تشرك المجلس الرئاسي والأطراف اليمنية المؤيدة لها بشكل عام، في المفاوضات التي تجريها مع الحوثيين عندما تكون هناك انتقالات وتحولات مهمة فيها.

وتقود السعودية وعمان، جهودا للوساطة ومحاولات الدفع بالحكومة الشرعية والحوثيين إلى طاولة المفاوضات، للاتفاق على صيغة سلام تصل باليمن إلى تسوية سياسية شاملة.

ومن المتوقع أن تتم خلال الأيام القادمة، مفاوضات بشأن الملفات الإنسانية والاقتصادية العالقة، ومن بينها استئناف تصدير النفط، وصرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، والتي ترفض صرفها منذ قرابة ثماني سنوات لمعظم موظفي الدولة هناك.

ويدرك الحوثيون جيدا أن الألوية للسعودية حاليا هي تأمين المناطق الحدودية ووقف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة المفخخة التي استهدفت منشآتها النفطية المهمة،

وأشار مصدر مطلع على المفاوضات أن هناك تركيز كبير في السعودية الآن على التنمية والسياحة والمشاريع الضخمة. وتخشى أي شيء ينطوي على صراع أن يضرّ بالاستثمار والاستقرار.
وانطلاقا من هذه النقطة يمارس الحوثيون في المفاوضات سياسة النفس الطويل مرفقة بالتهديدات بضرب المصالح السعودية لإحراز أكبر مكاسب ممكنة، والضغط على السعودية في ملف الرواتب الذي يعتبر الخلاف الأبرز في المفاوضات. حيث وجه مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، رسالة إلى دول التحالف العربي بقيادة السعودية، قائلا "إنهم بحاجة إلى أن يجربوا قوتنا الصاروخية".

وأضاف المشاط، خلال كلمة له في محافظة الحديدة، إن "القوة الصاروخية اليمنية أصبحت قادرة على ضرب أي هدف في أي مدينة بدول العدوان من أي مكان في اليمن، وليس من منطقة بعينها".

وأشار إلى أنه "في العام الماضي تم الإعلان أن القوات البحرية اليمنية امتلكت السلاح الذي تستطيع من خلاله ضرب أي نقطة في البحر من أي مكان في اليمن"، لافتا إلى "أنها كانت رسالة ردع لقوى العدوان".

وكان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي هدد الشهر الماضي، التحالف العربي بقيادة السعودية، باستهداف مشروع "نيوم" السعودي، حال عدم حدوث تطورات إيجابية في جهود الوساطة التي تقودها سلطنة عُمان.

وقال الحوثي في كلمة بثها تلفزيون "المسيرة"، المتحدث باسم الجماعة: "تحالف العدوان يصر على الاستمرار في حصارنا واحتلال أجزاء واسعة من بلدنا وتفكيكه، وعلينا مواجهة ذلك كضرورة واقعية".

وتابع "أمام المرحلة التي تشهد خفضا للتصعيد وإفساحا للمجال للوساطة العُمانية، إلا أننا لسنا في غفلة عن مساعي الأعداء لتحقيق أهدافهم الشيطانية".

أما عضو وفد صنعاء المفاوض، عبد الملك العجري، فأكّد أنّ تعقيد الحلول "بشأن تسليم رواتب الموظفين" يعني أنّ "الأمور ستأخذ مساراً تصعيدياً، وهو ما لا نتمناه"، مشدداً على أنّ "قضية المرتبات تهدّد جدياً وقف إطلاق النار الهشّ".

بدوره، صرح رئيس حكومة صنعاء عبد العزيز بن حبتور، مؤخرا أنّ الوساطة العمانية "صادقة مع كل الأطراف، لكنّ تأثيرها محدود"، موضحاً أنّ دول التحالف السعودي هي "المعنية بالمبادرة والخروج من الحرب".
وأضاف بن حبتور أنّ دول التحالف "تتعنّت وتعتقد أنّها تشكّل ضغطاً شعبياً على اليمنيين في ملف الرواتب، لكننا في صنعاء نثق بوعي شعبنا وندرس الرد الملائم".

ومنذ سنوات، يواصل الحوثيون بدعم من إيران، عرقلة عمليات السلام والجهود المتصلة بذلك، سواء إقليمية أو أممية؛ إلا أنها مؤخرًا أبدت استعدادها للذهاب إلى العاصمة السعودية الرياض لإجراء مباحثات مباشرة، مع قيادات الشرعية اليمنية ومسؤولين سعوديين.
وجاء هذا الموقف الحوثي المتقدم نوعا ما، بعد التطبيع الأخير للعلاقات بين الرياض وطهران.
ويشهد اليمن هدنة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "الحوثيين" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة، التي استمرت ستة أشهر.

ومؤخرًا، عقدت الأمم المتحدة ومسؤولين غربيين وأوروبيين، مباحثات مع قيادة الشرعية اليمنية، ضمن مساعي الدفع بعملية السلام المتعثرة إلى الأمام، فيما قام وفد عماني بزيارة إلى صنعاء الشهر الماضي لمدة أربعة أيام، للتباحث مع الحوثيين، دون الإعلان عن نتائج رسمية.

ويحاول الحوثيون التهرب من مسؤوليتهم في صرف رواتب الموظفين بمناطق سيطرتهم، وإلقاء اللوم على الحكومة الشرعية عبر نشر الإشاعات والوثائق المزورة، بعدما فشلوا في وقف الأصوات الناقدة بالتهديد وتخوين المطالبين بالرواتب، إضافة إلى تفاقم الغضب الشعبي.

ونشرت وسائل إعلام وقيادات حوثية، مثل نصرالدين عامر رئيس وكالة أنباء سبأ التابعة لهم، وثيقة مزورة تزعم فيها أن الرئيس العليمي، وجه وزير النفط بصرف مبلغ 10 مليون دولار لنجله عبدالحافظ، من عائدات مصافي عدن.

وورد في الوثيقة المزورة، توجيه من "وزير النفط والمعادن، عبدالسلام عبدالله باعبود" إلى المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن، لصرف المبلغ لعبدالحافظ نجل الرئيس العليمي، بناء على توجيهات للأخيرة.

لكن وسائل إعلام يمنية رصدت أن الوثيقة المزورة، يعود إلى 2 أكتوبر 2022 ، ومرسلة باسم "عبدالسلام عبدالله باعبود"، والحقيقة أن الأخير، لم يكن وزيرا للنفط في هذا التاريخ، إذ صدر قرار جمهوري بتعيين المهندس سعيد الشماسي وزيرا للنفط والمعادن، قبل التاريخ الموجود في الوثيقة بأكثر من شهرين.

وأصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، قرارا جمهوريًا بتعيين المهندس الشماسي وزيرا للنفط والمعادن بتاريخ 28 يوليو 2022.