رفض حقوقي واسع لتصريحات بنكيران المؤيدة لزواج القاصرات

حملة حزب العدالة والتنمية على تعديلات مدونة الأسرة محاولة للعودة إلى الواجهة السياسية بعد انعدام تأثيره على الشارع.

الرباط - ناقشت العديد من فعاليات الحركة النسائية المغربية وجمعيات مهتمة بحقوق الطفل، تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران التي اعتبر فيها تجريم زواج القاصر مناف للمرجعية الدينية والدستورية للبلاد، للرد عليها ودحضها بالحجج والبراهين.

وتعتبر المنظمات الحقوقية والنسائية والكثير من المواطنين في المغرب أن حملة عبد الإله بنكيران على تعديلات مدونة الأسرة ليست إلا محاولة للعودة إلى الواجهة السياسية، وأن تهديده بالتظاهر بمليونية ليس سوى خطاب شعبوي في ظل ضعف حزب العدالة والتنمية وانعدام تأثيره على الشارع المغربي منذ ما يقرب من سنتين.  

ويؤكد الكثير من المغاربة أن بنكيران لم يحتكم إلى العقل والوسطية بالتفكير في الكثير من القضايا التي توجد قيد النقاش قبيل صدور مشروع تغيير مدونة الأسرة، معتبرين أن ما صدر عنه بعيداً عن لغة السياسي المسؤول. 

وقررت الحركات النسائية والمنظمات الحقوقية تنظيم عدد من الندوات واللقاءات للرد على هذه التصريحات، “وذلك للدفاع عن مطالب الحركة النسائية المغربية، خاصة أن نقاش مدونة الأسرة يتطلب ذلك، وحتى فكرة الخروج في مسيرات للتعبير عن رفضنا لمثل هذه الخرجات والمزايدات وارد”.

وتعتبر حملة “ماتقيش ولدي”، واحدة من أشهر الجمعيات المدافعة عن حقوق الطفل، وأصدرت بيانا معلنة عن رفضها لتصريحات رئيس الحكومة الأسبق. وأضافت أنها “تستنكر بشكل تام هذا التوجه غير الصائب للسيد عبد الاله بكيران نظرا للمآسي التي يخلفها هذا زواج القاصرات، بحكم أننا نتحدث عن قاصرين و قاصرات في مرحلة النمو النفسي وطور إنماء شخصيتهم، بخلاف ما كان عليه أقران سنهم في المراحل التاريخية خلال القرون الأولى”.

واعتبرت الجمعية المغربية أن “الشريعة الاسلامية بثوابتها صالحة لكل زمان ومكان، وتساير المستجدات الخاصة بكل عصر زمني استنادا على آليات منها الاجتهاد و القياس وآليات أخرى تساعد على ذلك”، وأن “تزويج القاصر في هذا الزمن هو حكم بالإعدام على شخصيته ومستقبله، والكل يعي تماما ما يعنيه أن تكون قاصرا في هذا العصر”.

وواصلت المنظمة “وللأمين العام أن ينظر إلى ضحايا هذا الزواج خاصة في القرى وما خلفه من مآسي انسانية يتحمل المجتمع كله تكلفتها، إن قلنا أن القاصر وحده من يعاني من سلبيات هذا الزواج”.

وأكدت “ماتقيش ولدي“ أنها تعتبر دائما وأبدا تزويج القاصر جريمة في حقه وهو اعتداء جنسي تحت غطاء القانون، وجب تجريمه ووقفه؛ و تدعوا الجميع إلى تفادي الاستغلال السياسي لقضايا الطفولة، بل يجب توحيد الصفوف وفتح نقاش وطني بين جميع الفعاليات المدنية والحقوقية والسياسية والأكاديمية والدينية مع احترام توجهات كل طرف، والاتحاد من اجل حماية الطفولة المغربية؛ لأنها مستقبل تنمية المملكة و ازدهارها”.

والأحد الماضي، وخلال مهرجان وطني حول إصلاح مدونة الأسرة، نظمه حزب العدالة والتنمية بالدار البيضاء، اعتبر عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للمصباح، أن مطالب عدد من الهيئات بخصوص تعديل مدونة الأسرة، والمتعارضة مع المرجعية الدستورية والدينية للبلاد، مليئة بالتناقضات الكبيرة والصارخة.

وقال بنكيران إن الذين ينادون بتجريم تزويج الطفلات، لا يريدون من القاضي أن يكون هو الحكم في مثل هذه القضايا التي هي قليلة أصلا، بل يطالبون بالتجريم التام بدعوى حماية حقوق الطفلات وضمان تمدرسهن، في وقت لا يكترثون فيه للآلاف من الفتيات لا يستكملن دراستهن.

وأضاف كما يطالبون بتشريع العلاقات الرضائية، أي أنهم يقبلون هذه العلاقات خارج إطار الزواج ويرفضونها في إطار الزواج، فضلا أنهم يدعمون الإجهاض، وهو جريمة قتل في حق إنسان لا ذنب له ولا جريرة.

وأما العنف ضد النساء، فاعتبر بنكيران أنه لا ينتشر لدينا بنفس المستوى الذي يعانيه الغرب، مبرزا أنه في فرنسا على سبيل المثال، تُقتل 140 في كل سنة على يد زوجها أو رفيقها أو خليلها، مشددا أن سبب هذا هو القطع مع معاني الصبر والعفاف والأخلاق في الروابط الأسرية والعائلية.