رقابة على الرقابة الجزائرية تحكم على 'حب ملوك' بالاعدام

سلطة الضبط تقرر وقف المسلسل التونسي الجزائري بعد ضغوط من الجمهور المحلي احتجاجا على ما اعتبره مشاهد خادشة للحياء ومسيئة لا تتماشى مع شهر رمضان.

الجزائر – اوقفت قناة النهار الجزائرية الاثنين بث مسلسلها التونسي الجزائري "حب ملوك" بعد حملة انتقادات شديدة على خلفية "مشاهد تمس بقداسة الشهر الفضيل" افضت الى صدور قرار من سلطات الرقابة.

ورغم نجاح المسلسل الدرامي الاجتماعي، وهو من بطولة مشتركة جزائرية وتونسية، في حشد جمهور الدراما في البلدين خلال الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، فقد تعرض لحملة كبيرة وصلت اصداءها الى قبة البرلمان الجزائري.

ويطرح ايقاف المسلسل شكلا جديدا من رقابة على سلطات الرقابة نفسها، اصبح الجمهور يفرضها بصوت مسموع ومؤثر عبر منصات التواصل الاجتماعي.

و“حب الملوك“ هو تسمية محلية لثمار الكرز، متداولة خصوصا في المجتمع التونسي، وفيها إشارة إلى الطبقة الغنية، وهي ثمار باهظة الثمن في السوق التونسية، وتم استعارة هذا الاسم وتوظيفه في هذا العمل الدرامي للإحالة إلى الإطار العام الذي تدور فيه أحداث المسلسل، وهو هذه العائلة الارستقراطية

والمسلسل مزيج بين التراجيديا والكوميديا، ويسلط الضوء على ”الصراع الطبقي“ داخل المجتمعات.

ويبث العمل على تلفزيون "النهار" الجزائري وتلفزيون "نسمة" التونسي،ويتقاسم عدد من نجوم الدراما التونسية والجزائرية بطولته.

ومن الجانب الجزائري يبرز الممثلون مينة لشطر ومحمد بوشعيب وسعاد سبطي ومراد أوجيت وأحمد زيتوني، بينما يشارك من الجانب التونسي كل من الفنانة منى نور الدين وفتحي المسلماني والشاذلي العرفاوي ومريم بن مامي.

ويقوم الممثل الجزائري محمد بوشعيب بأحد الأدوار المؤثرة في المسلسل، حيث يجسد شخصية شاب انتهازي يبحث عن المال بكل الطرق، وتتطور شخصيته بتطور الأحداث، بينما تقوم الممثلة التونسية منى نور الدين بدور الأمّ التي اعتادت على تجسيده في عدة أعمال درامية سابقة.

وتمثل العائلة، التي تقف على رأسها الشخصية التي تجسدها الفنانة منى نور الدين، محور العمل، ومن خلال مواقف هزلية كوميدية تجمع بين أفراد هذه العائلة يطرح المسلسل قضايا جانبية، مثل الطبقية والفوارق الاجتماعية بين المناطق التونسية، وقضايا البطالة واهتزاز العلاقات العائلية، وهشاشة العلاقات داخل المجتمع الذي طغت عليه المادة.

وقالت نور الدين، في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية، إن هذا العمل يجمع العائلات التونسية والجزائرية وهو مسلسل لكل الفئات العمرية.

لكن  كان لبعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر رأي آخر.

وتحول "حب ملوك" ت لحديث العام والخاص في مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، بسبب مشاهد اعتبرها البعض جريئة وبدأ عرضها بعد الحلقة الخامسة.

وطالب تعليقات كثيرة من الجزائريين "سلطة ضبط السمعي البصري" التدخل لـ"وقف المسلسل"، وهي هيئة حكومية مهمتها مراقبة كافة مضامين القنوات المحلية الحكومية والخاصة.

واعتبر بعض رواد مواقع التواصل أن الحلقات الأخيرة من مسلسل "حب الملوك" "فضيحة من العيار الثقيل"، بينما عد آخرون تلك المشاهد بـ"المبرمجة لتشويه صورة المجتمع الجزائري".

وتصاعدت الحملة ضد العمل الى ان وصلت الى خطب الجمعة، وطالب أيمة السلطات بالتدخل لوقف المسلسل الذي رأوا فيه اساءة لقيم المجتمع ومساسا من قدسية الشهر المعظم.

وفي تصعيد أخر ضد "حب الملوك" انتقل النقاش حوله تحت قبة البرلمان حيث وجه النائب البرلماني عز الدين زحوف سؤالا كتابيا لوزير الاتصال بخصوص بث مثل هذه المسلسلات خلال شهر رمضان.

وقال النائب زحوف إن هناك برامج تتضمن مشاهد خادشة للحياء وتتنافى مع أعراف المجتمع الجزائري يتم بثها خلال الشهر الفضيل.

وفي أول تحرك رسمي ضد برامج شهر رمضان، أمرت سلطة الضبط، بوقف بث حلقات المسلسل أسبوعا ابتداء من الاثنين، وألزمت إدارة القناة بتقديم اعتذار للرأي العام رسمي.

وجاء في بيان للسلطة، أنها ستتخذ إجراءات ردعية في حال إخلال القناة بهذا الالتزام.

وعلى الفور استجابت قناة النهار لطلب سلطة الضبط، وقامت بالاعتذار للجمهور الجزائري ومتابعيها.

وأوضحت النهار في رسالتها الاعتذارية أن المشاهد التي أثارت الجدل تم بثها سهوا، وأكدت على أنها لم تقصد الإساءة إلى مشاهديها، وأنها تحرص على مراعاة قيم الجزائريين.

وعلى إثر ذلك، أعلنت إدارة "النهار" أنها قرّرت وقف بث المسلسل حالياً حتى "مراجعته حلقة بحلقة".

ويعكس تحرك سلطات الرقابة الجزائرية تحت ضغط الجمهور دورا مستجدا لجمهور رقيب أصبح يفرض وصاية أشد قسوة على الأعمال الفنية من الرقابة نفسها، مستغلا مساحات تعبير جديدة خلقتها منصات التواصل.

وينصب المشاهد من خلال هذه المنصات نفسه حكما مقدما تقيما من وجهة نظره لما يعده خروجاً عن الآداب العامة، معتبرا بعض الأعمال الفنية مسيئة او تنشر أفكارا هدامة، او في حالة مسلسل "حب ملوك" خادشا للحياء ومطلقا حكما بالاعدام على العمل من خلال مطالب بوقف البث تلقى اذانا صاغية لدى السلطات الرقابية.

ومسلسل الرقابة العربية في موسم الرمضان كان قد بدا مبكرا بعد وقف  المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر   مسلسل "دنيا تانية" بسبب اتهامات بالترويج لزنا المحارم على خلفية لقطة تصوّر اكتشاف دنيا (ليلى علوي) خيانة زوجها لها مع شقيقتها، لا يتضمن اي لقطات جنسية.