'زخارف' عرض تونسي يحيي ذكرى عمالقة الموسيقى العربية

العرض يعد امتدادا لمشروع 'زخارف عربية' الذي توقف لنحو خمس عشرة سنة.

تونس - احتضنت قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، الجمعة، العرض الموسيقي "زخارف 25" الذي أبدعه الموسيقار محمد القرفي، وذلك بعد توقف هذا المشروع لنحو 15 عاما.

وجاء العرض بمشاركة الأوركستر السمفوني التونسي وقطب الموسيقى والأوبرا. وسجل الحفل حضور وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي وكذلك نخبة من الفنانين والمثقفين.

ويعد العرض الذي انتظم تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية امتدادا لمشروع "زخارف عربية" الذي انطلق صيف 1993، واستمر لسنوات بمحتوى متنوع يهدف إلى تقديم تجربة سماعية راقية، قبل أن يتوقف بداية من سنة 2010، وبعد خمس عشرة سنة من الغياب، عاد المشروع ليحيي ذكرى عمالقة الموسيقى العربية الذين أبدعوا ألحانا وكلمات خالدة ظلت حية في ذاكرة ووجدان الجمهور رغم الزخم الموسيقي الكبير الذي وفرته التكنولوجيا الرقمية.

وقال الموسيقار محمد القرفي في حديثه لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إثر نهاية الحفل بأن هذا المشروع عاد بقوة بعد 15 سنة من الغياب، موضحا أن "هذا الغياب لم يكن انقطاعا عن الموسيقى وإنما كان مرتبطا بظروف سياسية واجتماعية أثرت على المشهد الثقافي في تونس"، مؤكدا أن العمل الموسيقي لم يتوقف بالنسبة إليه، بل استمر في الإنتاج والتوزيع.

وأحيى الحفل كل من الفنانين نور الدين الباجي وأسماء بن أحمد وحسان الدوس، إلى جانب ضيف الشرف عازف الكمان البشير السالمي الذي أضفى بحضوره وأدائه لمسات موسيقية شنفت أسماع الذين حضروا السهرة.

وتميز برنامج الحفل بتنوعه وثرائه، حيث شمل مجموعة من الأعمال الموسيقية الخالدة التي أعيد توزيعها وقيادتها موسيقيا من قبل محمد القرفي. وقد كان الافتتاح مع مقطوعة "ضيعانو 87" للموسيقار زياد الرحباني، تبعتها "حرية" للأخوين الرحباني التي أدتها الفنانة أسماء بن أحمد بإحساس مرهف، ثم قدم حسان الدوس أغنية "يا الله توكلنا" من كلمات بيرم التونسي وألحان فريد الأطرش، لتتبعها "يافا" للأخوين الرحباني بصوته المميز.

وواصل نور الدين الباجي الحفل بأداء "موال" من أشعار محمود درويش وألحان محمد القرفي، ثم قدم رائعة "لست أدري" من كلمات إيليا أبوماضي وألحان محمد عبدالوهاب.

وصلات غنائية رحلت بجمهور مسرح الأوبرا إلى عوالم تاريخ الموسيقى وألحانها، وزادها روعة عزف منفرد لعازف الكمان المتميز البشير السالمي الذي داعب أوتار الكمنجة لتنبعث معزوفة "يا جارة الوادي" ألحان محمد عبدالوهاب، وان قال محمود درويش في أشهر قصائده " الكمنجات تبكي على زمن ضائع لا يعود"، فإن كمنجة السالمي أعادت للحضور الزمن والحنين بأدائه المتميز.

ومن ثم عاد حسان الدوس ليشدو بـ"آه من آه" من ألحان فريد الأطرش، أعقبها أداء "يا زهرة في خيالي" بتوزيع خاص لمحمد القرفي عزفها الخماسي الوتري نديم القرفي و"فالنتان سيغني باكيه" و"دومينغو موجيكا" (الكمان) وليونيل أليمان" (تشيلو) و"غيوم جيرما" (كونترباص).

وتألقت أسماء بن أحمد كذلك في أدائها لأغنيتي "علموني" للأخوين الرحباني و"ليه خلتني أحبك" من ألحان كمال الطويل، في ما قدم نور الدين الباجي "عندك بحرية" و"شغلوني" من ألحان محمد عبدالوهاب. وختم حسان الدوس الحفل بأداء "طير يا حمام" من أشعار أسامة الخولي وألحان محمد القرفي، قبل أن يسدل الستار على العرض جماعيا بأداء "سيف فليشهر" من كلمات سعيد عقل وألحان الأخوين الرحباني.

وأشار القرفي إلى أن العرض الحالي هو ثمرة جهوده الخاصة، معربا عن أمله في أن تستمر هذه العودة وأن تحظى بدعم يمكنها من تحقيق الاستمرارية، مشيدا بدور مدينة الثقافة في إعادة الحياة إلى المشهد الموسيقي التونسي.

وأبرز أن استمرارية المشاريع الموسيقية تعتمد على دعم المؤسسات الثقافية، متمنيا أن توفر وزارة الشؤون الثقافية الظروف الملائمة لمواصلة هذا المشروع.

وأضاف أن الفن لا يمكن أن يستمر بدون رؤية واضحة وبوصلة تحدد اتجاهه، لافتا إلى أن مشروع "زخارف" هو امتداد لمسيرته الطويلة التي تمتد لستين عاما، حيث كرس جهوده لتقديم موسيقى راقية تعبر عن هويته وتطلعاته.

وأكد القرفي على أهمية الإيمان بالقناعات الفنية وعدم الانجراف وراء الظروف المادية، مشددا على أن الموسيقى تبقى رسالة سامية تتطلب شغفا وإصرارا لتحقيقها.

ويعد محمد القرفي من أبرز المؤلفين الموسيقيين وقادة الأوركسترا في تونس، حيث ولد سنة 1948 بتونس العاصمة. قاد فرقة مدينة تونس للموسيقى في فترة ذهبية متعاونا مع الشاعر عبدالحميد خريف وأصوات غنائية مثل ثامر عبدالجواد وعزيزة بوترعة. كما كانت له مساهمات في الموسيقى المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، وتعاون مع الرحابنة ومارسيل خليفة وجوليا بطرس وعلي الحجار ضمن برنامج "أصوات الحرية". قدم أوبيريت وعروضا موسيقية قبل أن تتركز أعماله لاحقا على عروض "زخارف عربية".