زهور الأقحوان تزرعها مصر وتتعطر بها أوروبا

اللون البرتقالي لعباد القمر يكسو حقولا في محافظة الفيوم المصرية مع بداية موسم الحصاد.

الفيوم (مصر) - بلون برتقالي لا تخطئه العين وأعناق خضراء يعلوها ما يشبه التاج، تُزرع زهرة "عباد القمر" على مساحات شاسعة في محافظة الفيوم وسط مصر منذ أكثر من 4 عقود.

يكسو اللون البرتقالي الزاهي حقول مدينة إبشواي في الفيوم مع بداية موسم الحصاد السنوي لزهور الأقحوان التي تعد أحد العوامل المهمة لقطاع الزراعة في البلاد.

وتُعرف زهور الأقحوان محليا باسم "عباد القمر" لأنها تفضل المناخ البارد. وتزرع هذه الزهور خلال شهور الخريف الأبرد ويمتد موسم الإزهار من نوفمبر/تشرين الثاني إلى مايو/أيار.

ومع حصاد وتجفيف هذه الزهرة سنويا، يطرق الرزق أبواب المزارعين، وتتدفق عملة صعبة على مصر، بفضل تصديرها إلى دول عديدة، وخاصة في أوروبا.

وأزهار عباد القمر تنتمي للنباتات الطبية والعطرية، وتُعرف برائحة جذابة وجمال يسر الناظرين. لكنها لا تستخدم في الزينة، بل في صناعة العطور والأدوية ومستحضرات التجميل، حسب مزارعين في الفيوم.

وسُميت عباد القمر بهذا الاسم، لأنها تشبه القمر بسبب صغر حجمها، وتميل إلى المناخ المعتدل، فهي نبات شتوي، وفق صحيفة "الأهرام" المصرية.

ووسط أجواء مبهجة، يقطف عمال مهرة برشاقة الزهرة البرتقالية من عنقها، فيما بدا المزارع محمود صلاح، فرحا بمحصوله.

يقول صلاح "عباد القمر يُزرع منذ أكثر من 40 عاما، وإنتاجه وفير أكثر من محصول القمح، ويوفر في المياه ومصدر رزق للعمالة التي تجمعه والمصدرين، وهو مصدر عملة صعبة لمصر".

وسنويا تبدأ زراعة عباد القمر، وفق صلاح، بين سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، فيما يبدأ الحصاد من ديسمبر/كانون الأول وحتى نهاية مايو/أيار.

وبينما يسارع عمال بوضع أعناق الأزهار في جوالات كبيرة أمامه، يردف صلاح "يتم جني عباد القمر من أرضه سنويا في 3 مدد زمنية أدناها أسبوع ثم 10 أيام وأخيرا 15 يوما، حسب الفترة الزمنية التي سيتم الجني فيها".

وقال جابر محمد، وهو صاحب مزرعة في الفيوم "زهرة الأقحوان أو الكالنديولا بنزرعها مشتل في شهر 9 وبعد كده بننقلها المزرعة في شهر 10 أو في آخر شهر 10، يعني بتاخد في المشتل حوالي من 40 إلى 50 يوم، وبعد كده بنجهز التربة وننقلها ونعمل بين كل نبات ونبات حوالي 30 أو 40 سنتيمترا، وبعد كده بنقطفها كل 10 أيام على حسب المناخ، لو الجو بارد نقطف كل 15 يوما، لو الجو سخن نقطف كل 10 أيام".

ويضيف محمود صلاح أن الفدان (يساوي 4.2 دونم) من عباد القمر ينتج تقريبا بين 10 أطنان إلى 15 طنا، وكلما اهتم المزارع بهذه الزهرة، كانت الإنتاجية الأكبر، وتحتاج بين 5 إلى 12 عاملا لجمع المحصول.

ولتجفيفها، توضع أزهار عباد القمر تحت أشعة الشمس لمدة 15 يوما، ثم يتم تنقيتها من الشوائب لتوافق المواصفات العالمية، تمهيدا للتصدير.

ويمثل عباد القمر "دائرة رزق مستمرة سنويا من الزهرة التي تُستخدم في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل"، بحسب صلاح.

ومحافظة الفيوم هي أكثر محافظات مصر زراعة وإنتاجا وتصديرا للنباتات الطبية والعطرية، وفق تقارير صحفية محلية.

وتمثل مساحة النباتات الطبية والعطرية في الفيوم نحو ثلث المساحة المزروعة بهذه النباتات في مصر، ويتم تصدير إنتاجها إلى دول أوروبية عديدة، منها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر، لم يسبب ارتفاع تكاليف الأقحوان مشكلة لجابر الذي يزرع هذه الزهرة البرتقالية النابضة بالحياة لأن ثمنها والطلب عليها زادا.

وقال جابر "هو زراعته مكلفة ومعرض للإصابة وحاجات كتيرة من هذا القبيل، بس في نفس الوقت العائد بتاعه زاد، يعني بدل ما الفلاح كان بيبيع الكيلو فريش باتنين وتلاته جنيه (من 0.042 دولار إلى 0.063 دولار)، النهاردة بيبيعه بستة جنيه، فأنت بتتكلم برضو (أيضا) على سعره زاد الضعف. الأسمدة والمبيدات والحاجات دي زادت والعمالة زادت بس الزهرة تمنها زاد"، موضحا أن هذه الزهور مصدر للعملة الصعبة لأنها تصدر للخارج.

وأضاف "الفدان متوسط الإنتاج بتاعه فريش حوالي 5 طن على مدار الست شهور، والكيلو بيتراوح من 5 إلى 6 جنيه، ودي بتتصدر بره لروسيا وأوكرانيا وأمريكا وإيران وبتدر لي عملة صعبة للبلد هنا وبتدر لي عمالة في نفس الوقت".

وقال شعبان أحمد، وهو مزارع آخر "ده منتج أنا طلعت أو نشأت كان هو جدود الجدود بيزرعوه، وده صنف منقدرش نستغني عنه أبدا بحيث بيدخلنا منه عملة صعبة، وبيبقى في عندنا إنتاج سنوي وأيدي عاملة شغاله وموسم ثابت يعني مبنقدرش نستغنى عنه أو يبقى في منه بديل، ملهوش بديل أساسا".

وتُنشر بتلات الأقحوان لتجف تحت أشعة الشمس قبل التصدير ويتنوع استخدامها في صناعات مختلفة مثل مستحضرات التجميل والأدوية والطب الشعبي.

ولفت جابر "الكالنديولا بصراحة بيتعمل منها كمان دلوقتي مراهم للجلد، بتضاف لأعلاف الحيوانات والطيور، بيتعمل منها كذا حاجة، بيتعمل منها مواد تجميل، فأغلب الورد بيتعمل منه مواد تجميل ومهدئات للجلد، وفي نفس الوقت الجديد في الكالنديولا إن هي بيتعمل منها علاج لجرثومة المعدة".