زيارة البرهان لأنقرة تثير مخاوف من تدخل عسكري تركي في السودان

أردوغان قد يجد في زيارة البرهان لأنقرة فرصة للعودة للسودان بعد أن تراجع فيها نفوذ تركيا ومصالحها على اثر سقوط نظام البشير.
مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، محذرا من حرب أهلية

أنقرة - أجرى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني الجنرال عبدالفتاح البرهان اليوم الأربعاء مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة التي وصلها في وقت سابق قادما إليها من بورتسودان التي فر إليها بعد أن حاصرت قوات الدعم السريع مقر قيادة الجيش في الخرطوم، بينما تثير الزيارة شكوكا حول تحرك البرهان لاستنساخ سيناريو التدخل التركي في ليبيا في السودان.

وأحيت زيارة البرهان لتركيا المخاوف من أن يفتح الطريق لتدخل عسكري تركي على غرار ما حدث في ليبيا في العام 2019، حين نقلت أنقرة عشرات آلاف المرتزقة وقوات على الأرض لمساعدة حكومة الوفاق الوطني حينها بقيادة فايز السراج والتي يؤكد خصومها بأنها كانت واجهة للاخوان المسلمين.

وارتبطت تركيا بعلاقات وثيقة مع الرئيس السوداني المعزول عمر البشير الذي فرط لها في إدارة ميناء سواكن الاستراتيجي على البحر الأحمر وفتح لها أبواب التغلغل في الدولة من بوابة التعاون الاقتصادي والعسكري.

ودعمت تركيا جماعات الإسلام السياسي وقادت مشروع التمكين في المنطقة الذي انفرط عقده بانهيار نظام البشير في السودان وحكم الإخوان في مصر وتوالي تفكك جماعات إسلامية أخرى كان آخرها حركة النهضة التونسية التي عزل الرئيس التونسي قيس سعيد منظومة الحكم التي قادتها لعقدين.

وتعد تركيا المحطة الخامسة للبرهان خارج البلاد منذ أواخر أغسطس/آب الماضي، إذ بدأ جولاته بزيارة مصر في نهاية الشهر الماضي أعقبتها زيارات إلى جنوب السودان وقطر وإريتريا.

ويحاول من خلال الجولات الخارجية التي قادته لمصر وجنوب السودان وقطر وأخرها تركيا، تسويق شرعية مجلس السيادة الذي استبعد الشركاء المدنيين من الحكم في انقلاب أحدث أزمة سياسية خطيرة في مسار انتقال ديمقراطي توقف بدفع منه قبل أن يفجر نزاعا مسلحا مع قوات الدعم السريع.

ويجد أردوغان في زيارة البرهان لأنقرة فرصة للعودة للسودان بعد أن تراجع فيها نفوذ تركيا ومصالحها على اثر سقوط نظام البشير.

لكن الشكوك تتجه أكثر إلى أن الأمر قد يذهب أبعد كأن تستنسخ تركيا سيناريو تدخلها العسكري في ليبيا في السودان.

وكان لافتا في الأشهر القليلة الماضية استخدام الجيش السوداني لطائرات مسيرة في قصف مناطق سكنية، ما تسبب في مقتل العشرات من المدنيين، في سيناريو مشابه لاستخدام حكومة الوفاق الليبية السابقة مسيرات تركية في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

ميدانيا تواصلت اليوم الأربعاء المعارك بين الجانبين في إقليم دارفور غرب البلاد، حيث وردت شهادات من السكان ومصدر طبي عن مقتل أكثر من أربعين شخصا نتيجة غارات جوية نفذّها الجيش على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وأفاد مصدر طبي بمستشفى نيالا عن "مقتل 40 من المدنيين جراء قصف جوي طال سوقين شعبيين وعدد من أحياء المدينة".

والشهر الماضي فرّ أكثر من خمسين ألف شخص من مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكان بعد العاصمة، نتيجة استمرار الحرب وبعد أن أسفر قصف جوي للجيش طال منازل المواطنين عن مقتل 39 شخصا.

والأحد قتل 47 شخصا على الأقل وأصيب العشرات جراء غارات جوية على سوق في الخرطوم، وفق ما أفادت مصادر محلية، في هجوم يعد الأكثر حصدا للضحايا في السودان منذ اندلاع الحرب قبل خمسة أشهر.

ودائما ما ينفى الجيش السوداني، وهو الطرف الوحيد الذي يستخدم طائرات حربية في النزاع حتى الآن، استهداف المنازل أو أماكن تجمعات المواطنين بينما يركز على مواقع وارتكازات الدعم السريع.

ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 أبريل/نيسان، قُتل نحو 7500 شخص ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد.

ومنذ بدء الاشتباكات، حققت قوات الدعم السريع مكاسب ميدانية هامة، بينما يلجأ الجيش في مواجهتها إلى سلاح الطيران والقصف المدفعي.