سلوك القراء تغير ولن يعود كما كان: الصحف الورقية تعيش أوقاتاً عصيبة

دخلت الصحف الاسترالية على خط الازمة الورقية- الالكترونية المتصاعدة، عبر اعتزامها تسريح 1900 من العاملين لديها، في "مجزرة وظائف" تضاف الى الضائقة المتصاعدة في المجموعات الصحفية الاميركية والاوروبية.
وأعلنت "فير فاكس ميديا ليمتد" ثاني أكبر مجموعة صحفية في أستراليا خفض حجم صحفها الكبرى وإغلاق صحف مطبوعة لخفض النفقات، في وقت تعتزم فرض رسوم على استخدام خدماتها الرئيسية على الإنترنت بداية من العام المقبل 2013.
وستغير صحيفتا "ذا أيدج" في ملبورن و"سيدني مورنينغ هيرالد" من الحجم العادي إلى الحجم النصفي، في محاولة يائسة لتقليص تكاليف الطباعة.
وقال غريج هيود الرئيس التنفيذي لمجموعة "فير فاكس ميديا ليمتد" إنه "لا أحد يشكك في أننا نعمل في أوقات عصيبة للغاية".
وأضاف أن "سلوك القراء تغير ولن يعود كما كان، ونتيجة لذلك فإننا نتخذ خطوات حاسمة لكي نغير بصورة جذرية الطريقة التي نعمل بها".
وتتوقع المجموعة الأسترالية توفير 235 مليون دولار أسترالي "237 مليون دولار" سنويا بحلول حزيران/يونيو 2015.
وكانت "فير فاكس" قد خفضت أرباحها المتوقعة خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي بنهاية حزيران/يونيو الحالي بنسبة 18% تقريبا عن أرباح العام الماضي لتبلغ 500 مليون دولار أسترالي تقريبا.
وسبق وان دخلت أعرق الصحف الأميركية تحت مظلة الأزمة المتفاقمة واستجابت للضغط الألكتروني المتصاعد، عندما قررت صحيفة "واشنطن بوست" التوقف عن اصدار عددها الاسبوعي الخاص بعدما انخفضت نسبة مبيعاته.
ويتضمن العدد الاسبوعي من صحيفة "واشنطن بوست" الذي اطلق قبل 27 سنة مقالات تواكب الاحداث الراهنة وتحقيقات ومقالات نقد أدبي فضلا عن افتتاحيات ومنابر رأي الى رسوم كاريكاتورية مأخوذة من اعداد الصحيفة اليومية.
ودخلت أربع مجلات اميركية الى لائحة الاقصاء الورقي في خروج جديد من التنافس مع الاعلام الالكتروني.
وقررت دار النشر الاميركية "كوندي ناست" غلق اربع مجلات تابعة لها هي "كوكي" و"غورمي" و"مودرن برايد" و"ايليغانت برايد" أثر الازمة الاقتصادية المتصاعدة والانطلاق السريع الذي يحققه الانترنت في خدمة المستخدم على حساب القارئ.
![]() |
![]() |
|
![]() |
||
غريج هيود: نعمل في أوقات عصيبة للغاية | ||
![]() |
![]() |
وسوغت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اقفال مكاتبها المحلية في مختلف المدن والابقاء على مكتبها الرئيسي بقدرة محرريها تغطية جميع الاحداث من واشنطن وحدها.
وأعلنت إدارة الصحيفة التي تعاني من ضائقة مالية انها ستقفل ما تبقى من مكاتب محلية لها في مختلف الولايات الاميركية.
وأوضحت الصحيفة ان المراسلين الستة الذين يعملون في نيويورك ولوس أنجلس وشيكاغو سيعرض عليهم الانتقال إلى واشنطن في حين سيتم تسريح ثلاثة مساعدين إخباريين.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" اجرت خطة استقالات مماثلة. وتراجع المحررون من 1330 الى 1250 شخصا. وخفضت الصحيفة ايضا رواتب معظم موظفيها بنسبة 5% لمعظم فترات السنة.
وعلى غرار الصحف الاميركية الاخرى، واجهت "نيويورك تايمز" تراجعا اعلانيا كبيرا وانصراف القراء الى مضامين المنشورات المجانية في شبكة الانترنت.
وواجهت أشهر الصحف البريطانية معضلة عدم تقديم "محتوى متميز" مقابل استحصال رسوم لتصفح موقعها الالكتروني على الانترنت. وانخفض مستخدمو موقع صحيفتي "التايمز" و "صندي تايمز" الأسبوعية على الانترنت بمقدار الثلث منذ فرض رسوم على الدخول الى محتوى التقارير بداية تموز- يوليو قبل عامين.
ولم تقدم صحيفة "التايمز" المعروفة بقيم أخبارها "محتوى" مختلف عما كانت تقدمه قبل فرض رسوم الاشتراك على تصفحها الالكتروني.
ووجدت دراسة لمؤسسة الأبحاث "كوم سكور" أن عدد مستخدمي موقع صحيفة "التايمز" و"صندي تايمز" على الانترنت انخفض بنسبة 27 في المائة من 2.79 مليون زائر في أيار- مايو إلى 1.61 مليون زائر في تموز- يوليو من العام 2011.
وأظهر مسح جديد في بريطانيا أن القراء غير مستعدين لدفع أموال مقابل الاشتراك في مواقع الكترونية إخبارية كانوا يلجأون إليها مجاناً في السابق.
![]() |
![]() |
|
![]() |
||
الازمة تطال الصحف الاميركية | ||
![]() |
![]() |
ونقل موقع "بايد كونتانت" البريطاني نتائج مسح، شمل 1200 قارئ في المملكة المتحدة، سألهم عن رأيهم حول استعدادهم للدفع مقابل الحصول على أخبار كانوا يحصلون عليها مجاناً في السابق، ولم تكن النتائج إيجابية.
وأشار 75 في المائة من المستطلعين أنهم سيستخدمون موقعاً إخبارياً مجانياً آخر في حال فرضت المواقع التي كانوا يستخدمونها رسوم اشتراك، بينما أفاد 8 في المائة منهم أنهم سيكتفون بقراءة عنوانين الأخبار، وبدا 12 في المائة آخرون غير متأكدين مما سيفعلونه.
ويتفادى تقريرعن حالة وسائل الاعلام الاخبارية في الولايات المتحدة، اعلان شهادة وفاة الصحف، لكنه يكتفي بالإشارة إلى ما قاله توم جولدستين العميد السابق لكلية الصحافة بجامعة كولومبيا "إذا لم تتفاعل وتتغير الصحف حسب الأجواء المتبدلة فأنها سوف تواجه خطر الفناء"، وكأن هذا الكلام اشارة إلى رقاد الصحف الورقية على سرير العناية الفائقة، أما أن تقترب من الموت السريري أو تعيش بشكل اخر.
وتعّرض التقرير الذي حمل عنوان "The State of the News Media" لأحوال كافة وسائل الإعلام الأميركية من صحف وشبكات إذاعة وتليفزيون و صحافة الكترونية، عبر 178 ألف كلمة، وأعده معهد مشروع الامتياز في الصحافة العائد لمدرسة الصحافة بجامعة كولومبيا، الامر الذي يؤكد على جدية الخلاصة التي توصل إليها وخطورة الاسئلة المعلنة عن مستقبل الميديا بشكل عام.
وواجهت لجنة التجارة الفيدرالية حول انقاذ الصحافة الورقية في الولايات المتحدة انتقادات وسخرية من مقترحاتها الخاصة بانقاذ ما تبقى من الصحف الورقية في مواجهة الصحافة الالكترونية.
واجتمعت لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن وقامت بتحليل مجموعة من المقترحات تهدف إلى مساعدة مهنة الصحافة كي تتمكن من تحقيق أرباح مجددا.
وقُدمت مقترحات لعدد كبير من الأفكار، من بينها تخفيف القيود في لوائح مكافحة الاحتكار بهدف السماح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على المحتوى الإلكتروني أو فرض ضريبة على أجهزة "آي باد" وغيرها من الأجهزة الإلكترونية لدعم تكلفة التقارير الصحافية أو تأسيس صندوق عام على غرار "أميريكوبربس" لدفع رواتب للصحافيين الصغار.
وقال رئيس لجنة التجارة الفيدرالية جون ليبويتز، في جلسة استماع داخل مجلس الشيوخ إنه يعتقد بصورة شخصية أن فرض ضريبة صحافية تمثل "فكرة بغيضة" وأن اللجنة "لا ترغب بشدة" في أي إعفاءات تتعلق بمكافحة الاحتكار.
وتم إدراج الفكرتين في مسودة تضمنت تعديلات سياسية محتملة أصدرتها لجنة التجارة الفيدرالية.
ووُجهت انتقادات لهاتين الفكرتين، شأنهما شأن معظم المقترحات الأخرى في المسودة، على الرغم من أن اللجنة لم تقر أيا منها.
وقالت سوزان دي سانتي، مديرة مكتب تخطيط السياسات التابع للجنة والمشرفة على دراسة "إعادة ابتكار الصحافة"، إن الوصول إلى مجموعة من المقترحات في الوقت الحالي قد يكون سابقا لأوانه على ضوء التغييرات داخل القطاع الإخباري.
وأضافت "نحن في غمار تحول كبير في الأخبار، ولا يعرف أحد على وجه التحديد إلى أين تسير الأمور، ولا يعرف أحد، في الواقع، المرحلة التي وصلنا إليها في هذا التحول".
وقالت دي سانتي "إنه سيكون غير عادي أن تنهي اللجنة عملها من دون تقديم أي إجراء ملموس".
وتصاعدت أزمة الصحافة الاميركية الورقية ووصلت الى مجلسي الشيوخ والنواب، الامر الذي دفعهما الى تخصيص جلسات للاستماع الى مسببات الازمة وطرق معالجتها.