سيجورنيه يجدد دعم فرنسا لمقترح الحكم الذاتي حلا وحيدا لنزاع الصحراء

وزير الخارجية الفرنسي يقول إن العلاقات بين الرباط وباريس علاقات فريدة واستثنائية، مؤكدا أن بلاده تدرك أن قضية الصحراء مسالة وجودية بالنسبة للمغرب.
سيجورنيه: وقت التقدم قد حان اليوم
المغرب يضع قضية الصحراء ضمن أولويات التفاوض لترميم العلاقات مع فرنسا
العلاقات بين فرنسا والجزائر لم تعرف أي تقدم نحو الأفضل

الرباط - جدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه اليوم الاثنين خلال أول زيارة له للمغرب، دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي الذي طرحته المملكة منذ العام 2007، أساسا وحيدا وواقعيا لحل النزاع المفتعل في الصحراء.

وقال في كلمة بعد مباحثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة "العلاقات بين الرباط وباريس هي علاقات فريدة واستثنائية وفرنسا تدرك جيدا أن قضية الصحراء هي مسالة وجودية بالنسبة للمغرب وقد قدمت المملكة في هذا الإطار مخطط الحكم الذاتي".

وتابع "منذ طرح المغرب لمخطط الحكم الذاتي كان بالإمكان الاعتماد على الدعم الفرنسي الواضح والثابت لهذا المخطط"، مؤكدا أن "وقت التقدم قد حان اليوم"، مشددا حرصه شخصيا على ذلك.

بدوره أكد ناصر بوريطة أن علاقة البلدين "قوية"، لكنه اعتبر أنها "يجب أن تتجدد وتتطور وفق مبادئ الاحترام المتبادل والطموح والتنسيق وعلاقات دولة لدولة".

وأشار سيجورنيه إلى أن فرنسا تريد "مواكبة التنمية" في المنطقة، قائلا "المغرب استثمر كثيرا في مشاريع التنمية لصالح السكان المحليين وفي ما يخص التعليم والطاقات المتجددة والسياحة والاقتصاد الأزرق".

وعبر عن أمله في "بناء علاقة شخصية مع الرباط هي ما كان ينقصنا على الأرجح خلال الأعوام الأخيرة".

وأعلن بوريطة عن "أهمية التحضير لمجموعة من الزيارات الوزارية المتبادلة" المرتقبة، مشيرا إلى أن الطرفين تطرقا أيضا خلال مباحثاتهما إلى "كيفية العمل بشكل منسق في القارة الإفريقية"، خاصا بالذكر "منطقة الساحل، باعتبارنا شريكين لهما مصالح متقاربة في هذه المناطق ويمكن لنا أن نشتغل كشريكين".

ومن المتوقع أن تنهي فرنسا قريبا ترددها في الاعتراف بمغربية الصحراء، إذ يشكل إقرارها بمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب حلا وحيدا قابل للتطبيق، اقرارا ضمنيا بسيادة المملكة على صحرائها، بينما باتت باريس أكثر قناعة من أي وقت مضى بأن الحفاظ على علاقات مميزة مع الشريك المغربي يمر حتما عبر اعترافها بمغربية الصحراء.

وأعطت مبادرة الأطلسي التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي تتيح لدول الساحل والصحراء الولوج إلى الأطلسي، دفعة قوية لعلاقاتها الخارجية وجعلت من الاعتراف بمغربية الصحراء حتمية لشراكات أوسع، فيما وجدت فرنسا التي انحسر نفوذها في منطقة الساحل ملزمة بالالتزام بعيار العلاقات الذي حدده الملك محمد السادس حين أكد أن بلاده تنظر لعلاقاتها الخارجية من منظار مغربية الصحراء.

ووصل ستيفان سيجورنيه اليوم الاثنين إلى الرباط في زيارة رسمية كانت مقررة أمس الأحد إلا أنها تأجلت 24 ساعة لأسباب فنية، وأجرى مباحثات مع نظيره المغربي تركزت حول تعزيز علاقات التعاون بين البلدين وإنهاء حالة الفتور التي شابت العلاقات على اثر أزمة التأشيرات وكذلك التردد الفرنسي في الاعتراف بمغربية الصحراء إلى جانب حملة سابقة في البرلمان الأوروبي كان سيجورنيه نفسه طرفا فيها.

كما تأتي الزيارة على غير هوى الجزائر الجارة الشرقية للمغرب فيما تستمر حالة التذبذب في العلاقات مع فرنسا ومن المتوقع أن تتفاقم على خلفية تصريحات وزير الخارجية الفرنسي تماما كما توترت علاقاتها مع اسبانيا على خلفية الموقف الإسباني الداعم لمقترح الحكم الذاتي حلا وحيدا قابلا للتطبيق لانهاء النزاع المفتعل في الصحراء.

فرنسا لا تستطيع أن تستبدل المغرب في ظل العلاقات التاريخية التي تجمعهما فهي حليفة للغرب وبوابة فرنسا نحو إفريقيا كما أن الرباط بدأت تضع أقدامها في دول الساحل وهو أمر تضعه باريس في عين الاعتبار.

وتطرقت صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية في مقدمة حوار مع المؤرخ الفرنسي، بيير فيرميرين إلى هذه المسألة وأشارت إلى أن باريس تعيش وضعا صعبا وحرجا بخصوص محاولة خلق علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر معا، مما يطرح تساؤلات عما إذا كانت فرنسا قررت مؤخرا تغيير بوصلتها نحو اختيار تمتين علاقاتها مع المغرب على حساب الجزائر، بعد ظهور مؤشرات عن تقارب بين الطرفين.

وأوضح المؤرخ الفرنسي، بيير فيرميرين في حديثه لصحيفة ليكسبريس"، إن العلاقات بين فرنسا والجزائر لم تعرف أي تقدم نحو الأفضل، عدا بعض التقدم الحاصل في لجنة المؤرخين المكلفين بملف الذاكرة. بينما في حالة المغرب، فإن الأخير يضع قضية الصحراء ضمن أولويات التفاوض لترميم العلاقات، وبالتالي فإن فرنسا تجد نفسها في وضع صعب في الوسط بين البلدين.

وتابع فيرميرين، أن الصعوبات من الجانب الجزائري، تكمن في الواقع الداخلي الفرنسي في ظل وجود جالية جزائرية كبيرة في فرنسا. ومن الجانب المغربي، فإن فرنسا لا تستطيع أن تستبدل المغرب في ظل العلاقات التاريخية التي تجمعهما، وهي حليفة للغرب وبوابة فرنسا نحو إفريقيا، بالإضافة إلى أن الرباط بدأت تضع أقدامها في دول الساحل وهو أمر تضعه باريس في عين الاعتبار.

وأشار المؤرخ إلى أن الوضع الحالي بخصوص المغرب، هو أن الرباط لم تعد تكتف بالدعم السياسي الذي تقدمه باريس في قضية الصحراء، بل أصبحت تطالب بموقف رسمي وعلني على غرار دول مثل الولايات المتحدة وعدد من الدول الكبرى، في حين أن باريس تريد أن تستمر في توافق مع الأمم المتحدة، تفاديا لخلق أزمة مع الجزائر.

وفي إجابته على سؤال ما إذا كانت باريس ستقدم على خطوة الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء، قال فيرميرين لصحيفة "ليكسبريس"، إن الأمر بيد الرئيس إيمانويل ماكرون، مضيفا بأن الرئيس يشعر بالملل الشديد، فالجزائر مدعومة من الصين وروسيا، والمغرب حليف للولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا، وبالتالي فإن وضع فرنسا صعب.

وبالنظر إلى الدعم المتزايد للمغرب دوليًا وإقليميًا، فإن زيارة وزير الخارجية الفرنسي والزيارة المرتقبة للرئيس ماكرون تمثلان فرصة لفرنسا للانضمام إلى الدول التي تدعم سيادة المغرب على صحرائه الجنوبية، وتعزيز علاقاتها في المنطقة، والتي تشهد تراجعا كبيرا في دول أفريقيا.

وسبق للحكومة الفرنسية أن أعلنت سابقا على أن وزير الخارجية الفرنسي يعمل على زيارة المغرب خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكدة أن الهدف من هذه الزيارة هو “تبني أجندة سياسية جديدة، وإعادة العلاقة القديمة مع الرباط”.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر دبلوماسي الأحد إن اللقاء سيشمل "غداء عمل". وأكد المصدر نفسه أن "هذه الزيارة تشكل خطوة قوية لفتح فصل جديد في العلاقة بين بلدينا". كما أعلن سيجورنيه مؤخرا أن الرئيس إيمانويل ماكرون طلب منه بذل جهود شخصية في التقارب مع المغرب. وأشار المصدر إلى أن زيارة سيجورنيه هي خطوة أولى نحو العمل "من أجل أجندة سياسية جديدة، في جميع المجالات، ذات أولويات مشتركة". كما وعدت باريس بالوقوف "إلى جانب المغرب في القضايا الأكثر حساسية".

على صعيد متصل، استقبلت زوجة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون الإثنين شقيقات ملك المغرب محمد السادس في الإليزيه، في لفتة حظيت بتقدير خاص في الرباط.

وشهدت السنوات الأخيرة توترات قوية للغاية بين المغرب وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي تعيش فيها جالية مغربية كبيرة.

وكان قرار فرنسا في أيلول/سبتمبر 2021 بخفض عدد التأشيرات للمغاربة إلى النصف، قد قوبل بانتقادات حادة في المغرب. ومن أبرز أسباب التوتر سعي ماكرون إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021.

وقالت تقارير إعلامية فرنسية تعليقا على إعلان وزارة الخارجية عن القيام بترتيبات للإعداد لزيارة الوزير ستيفان سيجورني إلى المملكة المغربية في الأيام القادمة، أنه في حالة إذا حدثت هذه الزيارة فإن ذلك سيكون بمثابة بداية لموقف فرنسي جديد في قضية الصحراء لصالح المغرب.

وأشارت إلى أن أهم الأسباب التي تقف وراء عدم تنفيذ العديد من الزيارات لمسؤولين فرنسيين إلى المغرب في الفترات الماضية، ترجع إلى شرط الرباط المتعلق بضرورة أن تتخذ باريس موقفا صريحا وواضحا في قضية الصحراء، وذلك عبر إعلان دعم سيادة المغرب الكاملة على الصحراء، مثلما فعلت الولايات المتحدة في أواخر 2020.

وحسب عدة صحف فرنسية، مثل "لوموند" و"لوفيغارو"، فإن أهم الأسباب التي تقف وراء عدم تنفيذ العديد من الزيارات لمسؤولين فرنسيين إلى المغرب في الفترات الماضية، ترجع إلى شرط الرباط المتعلق بضرورة أن تتخذ باريس موقفا صريحا وواضحا في قضية الصحراء، وذلك عبر إعلان دعم سيادة المغرب الكاملة على الصحراء، مثلما فعلت الولايات المتحدة في أواخر 2020.

ولا يبدو ذلك مستبعدا، ولاسيما أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسية الأخيرة، حملت العديد من الإشارات، حيث قال أنه سيبذل قصارى جهده في الأسابيع والشهور المقبلة من أجل تحقيق التقارب بين فرنسا والمملكة المغربية، بناء على طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طلب منه الاستثمار في العلاقات الفرنسية المغربية بهدف كتابة فصل جديد في العلاقات الثنائية.

وأضاف سيجورنيه في تصريحات أدلى بها لصحيفة "ويست فرانس" منذ أيام بأنه سيعمل "شخصيا" على تحقيق التقارب بين المغرب وفرنسا لتجاوز التوترات التي عرفتها العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه أجرى العديد من الاتصالات مع نظرائه المغاربة منذ تعيينه في 12 يناير الماضي.