سيفلس حزب الله في ظل العقوبات الجديدة

سفراء حزب الله الماليين حول العالم سيُحاصرون بإجراءات غير مسبوقة مصرفيا.

يعتاش حزب الله اللبناني على عمليات غسيل أو تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات. فالحزب بقدراته المالية الضخمة يقف خارج النظام المصرفي اللبناني وهو ما يعني أنه يقف أيضا خارج النظام المصرفي العالمي.

في سياق تلك المعلومة سخر أتباع ذلك الحزب من العقوبات التي فرضتها واشنطن على شخصيات ومؤسسات تابعة له مقللين من أهمية تلك العقوبات بل وناسفين قدرتها على التأثير عليه.

ولكن هل صحيح أن حزب الله الذي تمتد خيمته الطائفية إلى أفريقيا ناهيك عن عدد من الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج لا يملك أرصدة في المصارف العالمية وهل صحيح أن كل عملياته المالية لا تمر بالنظامين المصرفيين اللبناني والعالمي؟

من المعروف أن أموالا كانت تُنقل نقدا من طهران وبغداد إلى بيروت من غير أن تمر بالقنوات المصرفية وهو ما كشفت عنه بالصدفة عملية قامت بها الأجهزة الأمنية اللبنانية حين عثرت على ملايين الدولارات في أحدى الشقق ببيروت كانت مرسلة من نوري المالكي إلى جهة مجهولة.

يومها صادرت السلطات اللبنانية الأموال التي لم يُطالب بها المالكي. تهريب الأموال يمر بسلام عبر مطار رفيق الحريري ببيروت الذي تسيطر عليه ميليشيا حزب الله. ذلك صحيح. غير أن الصحيح أيضا أن حزب الله كأي مافيا وهو الذي يتاجر بالمخدرات كان قد نجح في صنع نظام مصرفي مجاور شبيه بنظام اتصالاته اللاسلكية. يتداخل ذلك النظام مع النظام المصرفي اللبناني من غير أن يخضع لرقابته.

هناك عدد كبير من أتباع حزب الله يعملون في المصارف اللبنانية والعربية (الخليجية بالذات) وهم على استعداد للقيام بمغامرة اختراق الأنظمة الأمنية للمصارف التي يعملون فيها من أجل تأكيد ولائهم العقائدي للحزب.

هذا المعطى يمكن أن يعرض الكثير من المصارف للشبهات. وهو أمر ليس تتبع خيوطه معقدا بالنسبة للنظام المصرفي العالمي الذي تشرف عليه الولايات المتحدة كما يظن حزب الله.

فإذا كان حسن نصرالله وهو واحد ممن شملتهم العقوبات الأميركية لا يملك حسابا مصرفيا باسمه فإن فلا يشكل ذلك حقيقة صادمة لمَن أصدر القرار. فهل افترض الساخرون من القرار الأميركي أن الولايات المتحدة كانت تجهل أن سيد المقاومة لا يملك مثل ذلك الحساب؟

أعتقد أن هناك محاولة لاستدراجنا إلى جدل عبثي.

فالعقوبات التي تطال رموز حزب الله التي لا تملك أرصدة مصرفية داخل وخارج لبنان انما تذهب إلى التفتيش عن الممرات السرية التي صنعها الحزب عبر النظام المصرفي اللبناني من أجل أن تصل إليه الأموال من غير أن تثير أدنى ريبة. وهي مهمة تبدو معقدة من الخارج، غير أن في إمكان خبراء الجرائم الاقتصادية وما أكثرهم أن ينجزوها بيسر غير متوقع.

هناك الكثير من الأسرار التي يمكن أن تكشف عنها المصارف الخليجية في إمكانها أن تطيح بنظام حزب الله المصرفي.

ما كانت تفعله مافيات المخدرات والسلاح في أوقات سابقة لن يكون ممكنا في عصرنا. وهو ما يعرفه حزب الله جيدا. الامر الذي دفعه إلى يحذو حذو مهربي البشر. أن تذهب إلى المانيا عليك أولا أن تزور الصين.

ما لا يفهمه عميان حزب الله أن ملاحقة شبكة التحويلات المصرفية العالمية لصالح حزبهم كانت في حاجة إلى قرار دولي يشمل بالملاحقة قادة الحزب. حينها يكون الحزب كله تحت الرقابة.

في مرحلة تجريد إيران من قوتها الاقتصادية التي تستعملها في رعاية ودعم المنظمات والجماعات الإرهابية يبدو منطقيا أن تتم ملاحقة تلك المنظمات من خلال تطبيق قوانين صارمة على إيراداتها بغية تجفيف المنابع التي تغذيها وتقوي شوكتها.

لن تكون طريق طهران ــ بيروت مرورا ببغداد ودمشق سالكة في وقت قريب، بل أن النظام الإيراني سيكون عاجزا خلال الأشهر الستة المقبلة عن تسديد مستحقات حزب الله. وهو أمر مهم غير ان الأهم منه أن سفراء حزب الله الماليين حول العالم سيُحاصرون بإجراءات غير مسبوقة مصرفيا وهو ما سيدفع بهم إلى الكف عن القيام بارتكاب جرائمهم ولو مؤقتا في انتظار أن تمر العاصفة.