سُنة لبنان بلا زعامات في انتخابات البرلمان

ميقاتي يعلن عزوفه عن الترشح في اعقاب تعليق سعد الحريري نشاطه السياسي وفي ظل مخاوف من مقاطعة السنة للاقتراع وتفرق أصواتهم.

بيروت - أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الإثنين عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في أيار/مايو، والتي لا يتوقع خبراء أن تحدث تغييرا كبيرا في المشهد السياسي العام في البلاد الغارقة في أزمة سياسية واقتصادية حادة منذ أكثر من سنتين.

وتسود مخاوف من مقاطعة السُنة للاقتراع وتفرق أصواتهم مع غياب القيادات عن العملية الانتخابية. ويأتي قرار ميقاتي بعد أسابيع من إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي، وعزوفه عن الترشح.

ولا يزال ينظر الى الحريري على أنه أبرز ممثلي الطائفة السنية في لبنان المتعدد الطوائف. ويتحدّر ميقاتي من طرابلس ثاني أكبر مدن لبنان، وهي ذات غالبية سنية.

وقال ميقاتي في كلمة وجّهها من دارته في طرابلس (شمال) عشية إقفال باب الترشيحات، "أعلن عزوفي عن الترشّح للانتخابات النيابية، متمنياّ التوفيق للجميع".

وبرّر ميقاتي قراره بجملة أسباب، من بينها إيمانه "بحتمية التغيير وبضرورة إفساح المجال أمام الجيل الجديد ليقول كلمته ويحدد خياراته عبر الاستحقاق النيابي المقبل"، داعياً في الوقت ذاته أهالي طرابلس "الى المشاركة في الانتخابات، إذ لا يجوز التلكؤ عن القيام بهذا الواجب الوطني، لأي سبب كان".

وقال ميقاتي ايضا "لتكن المنافسة الفعلية على ما يلبي طموحات اللبنانيين، وليس على نبش الاحقاد وتأجيج الخلافات والانقسامات والعودة الى الاصطفافات السياسية التي لا طائل منها".

لتكن المنافسة الفعلية على ما يلبي طموحات اللبنانيين وليس على نبش الاحقاد وتأجيج الخلافات والانقسامات

واضاف "لقد أثبتت التجارب الماضية أن لا أحد يمكنه إلغاء أحد، وأن هذا البلد لا يحكم الا بالشراكة بين جميع أبنائه، مهما إختلفت آراؤهم وتباينت توجهاتهم".

وأعلن الحريري قبل أكثر من شهرين "تعليق" عمله السياسي وعدم خوضه مع حزبه تيار المستقبل الانتخابات البرلمانية، معتبرا أن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".

وشهد لبنان في تشرين الأول/أكتوبر 2019 انتفاضة شعبية عارمة طالبت بسقوط كل الطبقة السياسية التي حُمّلت مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي نخر كل مؤسسات الدولة. استمرت التحركات الشعبية أشهرا، ثم تراجعت.

وتعلن الأحزاب السياسية منذ أسابيع مرشحيها الى الانتخابات، من دون أن يلاحظ تغيير أساسي في الأداء والأسماء.

ويرى محللون أن القانون الانتخابي مفصّل على قياس هذه الأحزاب النافذة والمتجذرة، وأن الانتخابات لن تغير المشهد كثيرا. ولا يساعد في التغيير تخبط مجموعات سياسية كثيرة ولدت بعد ما صار يعرف بـ"ثورة" تشرين الأول/أكتوبر 2019، ونقص خبرتها وعدم قدرتها على توحيد لوائحها وبرامجها.

ويرى البعض أن غياب الحريري في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية قد يفيد خصومه، لا سيما حزب الله الذي سيدعم وصول نواب سنّة مقربين منه الى البرلمان، ما يخوّله الفوز مرة أخرى مع حلفائه بالأغلبية في البرلمان المقبل وبالتالي تشكيل الحكومة.

وجميع مقاعد مجلس النواب اللبناني البالغ عددها 128 مقسمة طائفيا كذلك ومنها 27 مقعدا للسنة، أغلبها سيكون متاحا للتنافس عليه في الانتخابات.