شخصيات مصرية تحذر من الاساءة للعلاقات مع السعودية

عمرو موسى والنائب مصطفى بكري يؤكدان أن المستفيدين الوحيدين من التلاسن عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين المصريين والسعوديين هم أعداء العرب.

القاهرة - حذرت شخصيات مصرية من الاساءة للعلاقات المصرية السعودية على خلفية تلاسن بين رواد منصات التواصل الاجتماعي من البلدين، حيث تأتي هذه الحملة على المنصات الاجتماعية على خلفية زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة، وفي ظل توترات عاصفة بالشرق الأوسط على وقع استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وخطط اسرائيلية لتهجير السكان.
وفي هذا السياق، حذر الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى من محاولات خطيرة لإحداث وقيعة بين الدول العربية، وبوجه خاص بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن مثل هذه الخلافات المفتعلة لا تخدم سوى أعداء الأمة.
وقال موسى في تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" "تمر الأمة العربية بمنزلق حاد جدًا، يزيده خطورة علماء التشكيك والوقيعة، الذين يستهدفون تدمير العلاقات بين الشعوب العربية، بعد أن كادوا ينجحون في إحداث الفرقة بين الأنظمة (إلا من رحم)". وأشار إلى أن "العلاقة المتينة بين المملكة العربية السعودية ومصر عمود رئيسي للعالم العربي، يُراد كسره حاليًا"، داعيًا الجميع إلى "رعاية هذه العلاقة ودعم مسيرتها".

وطالب الشباب العربي، وكل من وصفهم بـ"العرب الواعين"، بعدم الانجرار وراء التعليقات "العنيفة" المبنية على سوء الفهم أو "العنعنة"، مؤكدًا ضرورة تحويل منصات التواصل الاجتماعي إلى منبر إيجابي يخدم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لا إلى ساحة لصراعات وهمية تؤدي إلى نتائج كارثية.
وتزايدت في الأيام الماضية الحملات الإعلامية الممنهجة التي تسعى إلى زرع الشقاق بين الشعبين المصري والسعودي، مستغلة بعض التصريحات السياسية وتصاعد الأحداث في غزة، لا سيما بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية مؤخرًا، والتي أثارت جدلاً واسعًا بسبب ما نُقل عن تصريحاته بشأن إعادة إعمار غزة وملف التطبيع مع إسرائيل.
وقد دفعت هذه التصريحات إلى ردود فعل غاضبة بين بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والسعودية، الذين تبادلوا الاتهامات حول مواقف بلديهما من دعم القضية الفلسطينية، وهو ما غذّى حالة من التوتر الإعلامي المفتعل.
من جانبه، عبّر الإعلامي المصري وعضو مجلس النواب مصطفى بكري عن استيائه من هذه الحملات، مؤكدًا أن المستفيد الوحيد منها هم أعداء الأمة. وقال عبر حسابه على "فيسبوك: "هذه التنابزات تمثل خطيئة جسيمة، ومن يقف وراءها لا يسعى إلا لضرب وحدة الصف العربي".
وأضاف "لماذا كل هذا العداء، ومن يقف خلفه؟ هل نسي البعض أن 2.5 مليون مصري يعملون في المملكة، وأن ما يقارب مليون سعودي يعيشون في مصر؟ هذه الأرقام تعكس ترابطًا اجتماعيًا واقتصاديًا لا يمكن تجاهله".

واستعرض بكري تاريخ العلاقات الأخوية بين البلدين، مشيرًا إلى مواقف تاريخية للمملكة في دعم مصر، بدءًا من مشاركة الملك سعود بن عبد العزيز في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، وصولًا إلى دعم الأمير سعود الفيصل لمصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وتنفيذًا لتوجيهات الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
كما ذكّر بوصية الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لأبنائه بالحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع مصر، مؤكدًا أن التنسيق المستمر بين القيادة المصرية وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعكس الحرص المشترك على مواجهة التحديات الإقليمية، وفي مقدمتها دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة.
وتأتي هذه الدعوات في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تجاوز عدد القتلى الآلاف، وسط محاولات مستمرة لفرض وقائع جديدة على الأرض، تشمل التهجير القسري وتوسيع الاستيطان.
ويجمع المراقبون على أن تصدّع العلاقات بين الدول العربية، خاصة في هذا التوقيت الحرج، لا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى بكل الوسائل إلى تفكيك الموقف العربي الموحد وتحييد الدول الفاعلة في دعم القضية الفلسطينية.
وفي ضوء هذه التحديات، تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة الالتفاف العربي، والامتناع عن الانجرار وراء محاولات خبيثة تسعى إلى تشويه العلاقات بين الشعوب، من خلال منصات ظاهرها حرية تعبير، وباطنها أدوات لضرب الاستقرار وإشاعة الفوضى.
وفي النهاية، تبقى العلاقة بين مصر والسعودية إحدى ركائز الأمن القومي العربي، التي ينبغي حمايتها من محاولات التشكيك والفتنة، فالأمة تواجه اليوم عدوًا مشتركًا لا يفرّق بين جنسية وأخرى، وتحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة، لا الشتات.